إختر من الأقسام
آخر الأخبار
ليلة صاخبة انفجر فيها الغضب المخزون والمكبوت.. مشهد العراق يتكرر في لبنان!
ليلة صاخبة انفجر فيها الغضب المخزون والمكبوت.. مشهد العراق يتكرر في لبنان!
المصدر : محمد أبي سمرا - المدن
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٩ تشرين أول ٢٠٢٤

في التظاهرات العفوية الصاخبة وحرائقها التي انفجرت ليل الخميس في بيروت وضاحيتها الجنوبية، بدا واضحاً أن محتجي الضاحية الجنوبية الخارجين من بواطنها الداخلية إلى الطرق الرئيسية على أطرافها - من المشرفية إلى طريق المطار، وإلى كنيسة مار مخايل وتقاطعاتها، وصولاً إلى تقاطع فرن الشباك والحازمية أمام مبنى شركة "ألفا"، وإلى طريق صيدا القديمة ومستديرة الطيونة، فتقاطع البربير وحتى رأس النبع وبشارة الخوري - هم الأقوى والأشد صخباً وحرائق وتعبيراً عن الغضب. "نحن شيعة" رددوا أكثر من مرة، و"نحن أبناء حزب الله وحركة أمل، لم يعد لنا ثقة بكم" .

أما محتجو تقاطع جسر الكولا وكورنيش المزرعة وصولاً إلى البربير، فكان عددهم قليلاً، وحائرين ماذا يفعلون.

في الكولا أقفلوا الطريق في اتجاه جامعة بيروت العربية بمستوعبات النفايات، ولم يصرّوا على قطعها إلا لوقت قليل، وكذلك فعلوا على كورنيش المزرعة، حيث رموا وسط الطريق عدداً قليلا من فخارات الشتول وسواها من الحواجز البلاستيكية المستعملة لتنظيم حركة السير.

أشد الحرائق كانت على تقاطع كنيسة مار مخايل، وعلى تقاطع فرن الشباك - الحازمية أمام مبنى شركة "الفا" للاتصالات. شبان كثيرون يشعلون أكوام الإطارات المطاطية بحمية لم تبلغها سواها من الحرائق ودخانها الذي ارتفع عالياً وحجب مبنى الشركة. الشبان يرتدون ثياباً سوداء غالباً. وقال شاب من الواقفين جانباً إن معظم من يحرقون قد وصلوا من الضاحية الجنوبية، واختلطوا بشبان من فرن الشباك وعين الرمانة الذين يشاركونهم في الاحتجاج على الضرائب وتردي الوضع المعيشي.

محتجو وسط بيروت وساحة رياض الصلح وصولاً إلى الجميزة ومار مخايل، كانوا من شبان وفتيات وناشطي المجتمع المدني، وهم البادئون في التظاهر والاحتجاج، قبل أن تنفجر التظاهرات الاحتجاجية وتصخب في المشرفية، حيث راح الفتيان والشبان والرجال يطلقون غضبهم على الحكومة والدولة والسياسيين، ويلومون مسؤولي حزب الله وحركة أمل ويعاتبونهم على وعودهم بأنهم لن يدعوا الضرائب تُفرض على الفقراء وذوي الدخل المحدود. وبعدما استنفد محتجو المشرفية غضبهم، انطلقوا نحو طريق المطار لقطعه، وفعلوا وعطلوا حركة السير عليه.

والأرجح أن النقل التلفزيوني المباشر لتظاهرات وسط بيروت والمشرفية، هو الذي أشاع عدوى التظاهر وحمّس شبان المناطق الأخرى للنزول الى الشوارع. وفي حوالى منتصف الليل صار التجمع في ساحة رياض الصلح وصولاً إلى ساحة النجمة كبيراً. ثم بدأت طلائع المحتجين تظهر في الضواحي المسيحية: الدورة، نهر الموت، جل الديب، زوق مكايل...وصولا الى جونية.

لا شك في أنها انتفاضة غضب عفوي جرف الأجيال الشابة في الأحياء والمناطق والمدن.

وفي الواحدة ما بعد منتصف الليل تجددت حماسة النزول إلى الشوارع، وجرفت شبان الكولا والطريق الجديدة وكورنيش المزرعة فأشعلوا حرائقهم في الطرق وقطعوها.

الدراجات النارية في هذه الأحياء وفي الضاحية الجنوبية، هي وسيلة التنقل والتجمهر. والحرائق هي الوسيلة الأقوى في التعبير عن الاحتجاج في المناطق والأحياء التي راح شبانها يتسابقون في المشاركة التي تنقل شاشات التلفزيون وقائعها الآنية المباشرة.

هي ليلة لبنانية صاخبة انفجر فيها الغضب المخزون والمكبوت مثل دبيب عدوى يصعب تعيين مجاريها والشبكات الداخلية التي تدفعها وتغذيها.

لكن الأكيد أن مشاهد الغضب العراقي الذي انفجر قبل ثلاثة أسابيع، تتكرر في لبنان، لكن من دون إطلاق رصاص ولا قتلى حتى الآن.


عودة الى الصفحة الرئيسية