إختر من الأقسام
آخر الأخبار
تحت الضغط الشعبي.. لا ضرائب بعد اليوم...
تحت الضغط الشعبي.. لا ضرائب بعد اليوم...
المصدر : اندريه قصاص | لبنان 24
تاريخ النشر : الجمعة ١٩ تشرين أول ٢٠٢٤

المهلة التي أعطاها الرئيس سعد الحريري لنفسه وللآخرين، أيًّا كانوا ومهما بلغ حجمهم وتأثيرهم، هي أصعب فترة من عمر الحكومة، التي أعطاها الشعب الثائر والغاضب اليوم أكثر من فرصة وأكثر من مهلة لكي تُقدم وتنجح وتُخرج البلاد من أزماتها المتراكمة والمتلاحق، وهو طوّل باله كثيرًا وصبر عليها كصبر ايوب حتى جاءت قراراتها لتمسّ بلقمة عيشه، التي يركض وراءها وهي تركض أمامه، من خلال سلّة من الضرائب طاولت الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وهم الذين نراهم اليوم يملأون الساحات، كل الساحات، غضبًا وسخطًا لم يسبق أن رأينا مثيلًا له، إلى درجة أن هذا الغضب فجرّ ما في القلوب من مكنونات ومن كبت عمره سنوات.

ما نسمعه هذه الأيام من المواطنين الثائرين على شاشات التلفزة ومن دون خضوعهم للمراقبة فاق التصور، على رغم أن بعض التعابير تخطّت الجرأة لتلامس حدود الوقاحة، لكن معظم ما نسمعه ينمّ عمّا كان هذا الشعب، الذي وحدّته المطالب الحياتية ومطالبته بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة من دون إستثناء، يخبىء في داخله من كمية كبيرة من الغضب فجرّتها مجرد فكرة طُرحت في مجلس الوزراء، من دون أن يلجأ المتظاهرون إلى الخطاب الطائفي، لأننا نسمع نفس اللهجة ونفس النقمة في تظاهرات الضاحية الجنوبية وفي الأشرفية وجونيه وطرابلس وصيدا وعاليه.

أما بعد،

يكفي أن إستنفار أهل السلطة المهدّدين بالسقوط في إمتحان الشارع بلغ مستوىً من التفتيش عن حلول لم تكن لتخطر على بالهم لو لم ينزل الشعب، وبهذه الكثافة وبهذه الروحية والحماسة، إلى الشارع، الذي لن يخرج منه قبل التوصل إلى حلول لن تكون هذه المرّة على حسابهم وحساب جيوبهم الخاوية.

فعلى وقع صدى صوت الشعب الصارخ الذي صدحت به الساحات، بحيث تحوّل كل مواطن ناطقًا بإسمه أولًا وبإسم الكثيرين الذين نزلوا إلى الشارع وهم يؤمنون بحقهم وبأن هذا الحق لن يضيع طالما وراءه مطالب أو مطالبون بعشرات الالآف، ويتردّد أن مجلس الوزراء قد يلتئم اليوم، وفي حال إلتئامه فإن جلسته هذه ستكون تاريخية لإقرار موازنة خالية من أي ضريبة، بالتوازي مع ورقة إصلاحية تطاول مزاريب الهدر وتضرب الفساد حيثما وجد، من دون اللجوء إلى أي نوع من الضرائب التي تستهدف أغلبية الناس، الذين أصبحوا تحت خطّ الفقر.

وبهذا يكون الحراك الشعبي العفوي قد حقق أهداف نزوله إلى الشارع، وأجبر السلطة، التي كانت تعتقد أنها تستطيع تمرير ما يحلو لها من ضرائب مباشرة وغير مباشرة، على التراجع عن سياسة فرض الضرائب والرسوم الأكثر سهولة بالنسبة إليها، وهي تدفيع الناس ثمن أخطائها وإستهتارها وتلكؤها، وهي التي لم تكن تريد أن تسمع صوت الناس وأنينهم ووجعهم، وكانت تحاول كمّ الأفواه من خلال توقيف من يجروء على كتابة ما لا يعجبها ويُغضبها عبر صفحات التواصل الإجتماعي.


عودة الى الصفحة الرئيسية