إختر من الأقسام
آخر الأخبار
مبادرات 'التكافل الاجتماعي' في صيدا... تُبلسم معاناة الفقراء والعائلات الـمتعفّفة
مبادرات 'التكافل الاجتماعي' في صيدا... تُبلسم معاناة الفقراء والعائلات الـمتعفّفة
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٦ كانون أول ٢٠٢٤

تشق المبادرات "الخيرية - التكافلية" الفردية منها والجماعية، طريقها في صيدا لتبسلم معاناة أبنائها في ظل تردي الاوضاع المعيشية نتيجة الازمة السياسية - الاقتصادية الضاغطة، لتشكل "نور أمل" في قلب "نفق مظلم" مع طول أمد الخلافات ومراوحة الاستشارات النيابية والتكليف لتشكيل حكومة انقاذية تخرج البلاد من مخاطر الانهيار بعد أربعة وخمسين يوما على "الحراك الاحتجاجي".

وتستهدف المبادرات في شكل رئيسي، الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين باتوا عاجزين عن تأمين "قوت اليوم" ويئنون تحت وطأة الغلاء وارتفاع الاسعار بسبب التلاعب بسعر صرف الدولار الاميركي مقابل الليرة اللبنانية، فدفعتهم الحاجة الى اطلاق نداءات للمساعدة بما يحفط كرامتهم وماء وجوههم، بعيدا من ذل السؤال.

وتتخذ المبادرات الصيداوية، أشكالا مختلفة من مد يد العون منها المساعدة المالية أو العينية أو إعداد الوجبات الساخنة، أو تأمين العلاج لمرضى أو شراء أدوية لهم، أو إعادة ترميم وإصلاح منازلهم المتصدعة والمتهالكة، أو مساعدتهم لدفع إيجارها، حيث اتاح "الحراك الاحتجاجي" للكثير منهم عرض معاناتهم بعدما كانت داخل "غرف مغلقة" او وسط "صمت مطبق".

مطعم الخير

و"مطعم الخير" التابع لمركز "الرحمة لخدمة المجتمع"، واحد من هذه المبادرات الخيرية، فهو مجاني وقد تحول الى ملاذ لفقراء المدينة ليسد جوعهم، ويقول المدير التنفيذي ماجد مركيز لـ "نداء الوطن"، "منذ إنطلاقته في شهر رمضان 2018 يستقبل الأسر المحتاجة يومياً، وعلى مدار العام، لتقديم الوجبات المجانية المتكاملة لهم وهي عبارة عن طبقين رئيسيين، سلطة الخضار، الشوربة والفاكهة"، مضيفا "بوجود مطعم الخير أصبح لفقراء المدينة متنفساً مجانياً يجمعهم ويساندهم في قوتهم اليومي"، مشيرا الى ان "منذ بداية العام 2019 ولغاية اليوم إستقبل مطعم الخير 10.887 شخصاً بمعدل 60 شخصاً يومياً".

وأوضح مركيز انه "نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان والتي أدت الى انقطاع رزق العمال المياومين، فبعضهم أصبح عاطلاً من العمل، والبعض الآخر يعمل بلا راتب، حيث قضي على ملامح الطبقة الوسطى وتحولت طبقة فقيرة، وبالتالي أصبحت الفئة الفقيرة طبقة معدومة لا تملك أي من مقومات الحياة، واصبحث الإتصالات تتزايد طلباً للمساعدة، وتتضاعف أعداد رواد المطعم لتفوق الـ 100 شخص يومياً، إضافة الى الحالات الإنسانية التي لا يستطيع أصحابها القدوم الى المطعم بسبب الإعاقة او كبر السن، فيقوم "مطعم الخير" بإيصال الوجبات اليومية إليهم، مؤكدا ان المطعم يعتمد لاستمراريته على تبرعات أهل الخير داخل المدينة وخارجها من مالية وعينية لتغطية نفقاته وإطعام العائلات التي يتزايد أعدادها يوماً بعد يوم، ولا يخفى الأمر أن نسبة التبرعات قد انخفضت بشكل كبير نتيجة الأوضاع الراهنة والظروف التي أوردناه سابقاً".ممنوع الجوع

الى جانب "مطعم الخير"، بادرت "مجموعة شباب صيدا"، الى تنظيم حملة تبرعات تحت شعار "ممنوع حدا يكون جوعان"، تقوم على تحضير وجبات غذائية وتوزيعها في "ساحة الثورة" عند تقاطع "ايليا"، اضافة الى حملة تبرع بمواد غذائية عينية ومادية.

واوضح الناشط في المجموعة وسام الدرزي لـ "نداء الوطن"، ان هذه المبادرة لاقت ترحيباً كبيراً من العائلات الفقيرة والمتعففة، اذ انها جاءت في التوقيت المناسب لسد رمق جوعها وحاجتها، في ظل الوضع المعيشي الصعب والمؤشرات الى ان الأزمة طويلة الامد"، مؤكدا "اننا نقوم يومياً بإعداد الوجبات وتوزيعها في "ساحة الثورة" او ايصالها الى منازل المحتاجين على دفعتين الاولى ظهراً من الساعة الواحدة حتى الرابعة، ومساء من السادسة حتى الثامنة، وتتجاوز في كل منها 400 وجبة"، مشيرا الى "ان كلفة هذه الوجبات تتكفلها مجموعة شباب صيدا من خلال تبرعات متطوعيها، نحن لا نأخذ أي اموال نقدية، بل تبرعات عينية من خضار وفاكهة واحتياجات الطبخ"، آملاً ان تنتهي الازمة سريعاً، لانها اذا استمرت على هذا النحو فسيكون هناك عدد كبير من أبناء صيدا ليس بمقدورهم شراء المواد الغذائية الأساسية مع ازدياد حالات الصرف التعسفي و"نصف المعاشات" او العمل بلا راتب".

مبادرات فردية

وفي مبادرات انسانية فردية، حرص اصحاب الكثير من المحال على رفع لافتات تقول "اذ كنت محتاجا يمكنك ان تأخذ حاجتك دون ان تدفع، واذا كنت مقتدرا تبرع لغيرك"، فيما اعلن احد الاشخاص في رسالة عبر "مواقع التواصل الاجتماعي" الاستعداد بنقل الأشخاص المسنين في صيدا وجاء فيها: "اهلنا المسنين اذا كان عندك زيارة عند الحكيم وعم تأجلها ليصير معك حق مواصلات ما تأجلها حكيني وانا باخدك وبجيبك وبدي سلامتك"، ومرفقة برقم هاتف للاتصال، علما ان هذه المبادرات التكافلية والإنسانية ليست غريبة او جديدة على أبناء صيدا الذين اعتادوا التكافل الاجتماعي في ما بينهم في الازمات وخلال شهر رمضان حيث تكرس المدينة نفسها نموذجاً يحتذى في التكافل الاجتماعي والانساني.


عودة الى الصفحة الرئيسية