إختر من الأقسام
آخر الأخبار
أموال المودعين بخير والمصارف أمام امتحان وطني
أموال المودعين بخير والمصارف أمام امتحان وطني
المصدر : نوال الأشقر - لبنان 24
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ تشرين ثاني ٢٠٢٤

حالة إرباك كبيرة بين المصارف والمودعين والزبائن كافة، على خلفية الأزمة المالية وما نتج عنها من شحّ في الدولار في الأسواق اللبنانية وتراجع حجم السيولة. مؤخرًا وعلى خلفية الأزمة الحكومية اتخذت المصارف سلسلة إجراءات فرضت بموجبها قيودًا على السحوبات. هذه المستجدات هزّت الثقة بين القطاع المصرفي والمودعين، الذين تهافتوا لسحب ودائعهم وتخزينها في المنازل في الأشهر الأخيرة خوفًا من خسارتها. والسؤال هل فعلًا هناك خوف على أموال المودعين لا سيّما الصغار منهم في ظلّ تفاقم الأزمة المالية والتعثر الحكومي؟

الباحث في الشؤون الإقتصادية ومستشار البنك الدولي السابق الدكتور روك - أنطوان مهنا، وإذ ينتقد عدم توحيد المعايير والإجراءات بين المصارف بعد فتح أبوابها الأمر الذي خلق هلعًا وبلبلة، يشير في الوقت نفسه عبر "لبنان 24" إلى أنّ الأرقام تثبت عدم وجود خوف على مصير مدّخرات اللبنانيين، منطلقًا من الملاءة المصرفية "وهي جيدة وتتجاوز معايير بازل 3 بالنسبة لكفاية رأس المال".

مهنا شدّد على وجوب أن تشارك المصارف في الحلول انطلاقًا من المسؤولية الإجتماعية لاسيّما وأنّها استفادت من الهندسات المالية، فتعمد في الفترة الراهنة على زيادة رساميلها.
كيف يمكن للمصارف زيادة رساميلها؟
يجيب مهنا موضحًا أنّ المصارف تملك الكثير من الأصول، لديها استثمارات بأصول خارجية، وهي تقرض القطاع الخاص والدولة، ولديها إحتياط إلزامي في المصرف المركزي، كما لديها أصول مع البنوك المراسلة لها بقيمة 9 مليار، واستثمارات خارجية بقيمة 22 مليار دولار، وبالتالي في ظل الأزمة الراهنة يجب على المصارف تسييل بعض من هذه الاصول وتحويلها من الخارج الى لبنان، ويكفي أنّ تحوّل من أصولها في الخارج 6 مليار فقط من أصل 22 مليار لحل الازمة، وهذا لا يجب أن يكون خيارًا أمام المصارف بل إجراء ملزم . وفي الوقت نفسه يجب العمل على تخفيض الفوائد، والكف عن استغلال المودع من خلال فرض عمولة 3 بالألف أو 5 بالألف، وغيرها من الإجراءات التي لا تلجم السحوبات بل تضعف الثقة بين المودعين والمصارف.

ضمان الوائع لإراحة الناس
وفق مقاربة مهنا وجب على المصارف المشاركة في عملية الإنقاذ لاعتبارات عديدة، من خلال توظيف جزء من أرباح الهندسات المالية في زيادة رأس المال، مضيفًا أنّ حاكم مصرف لبنان طلب من المصارف التجارية زيادة رأس المال في هذه المرحلة بقيمة 20 % "وهي ملزمة بتأمين المال للمودع، من هنا لا بدّ من أن تستجيب المصارف وتعمل على زيادة رأس المال بنسبة 10 % من اليوم وحتى رأس السنة، وزيادة 10 % إضافية خلال الأشهر الستة الأولى من السنة المقبلة، وهذا واجب وطني تمليه على المصارف الخلفيات القانونية والوطنية والإجتماعية. وبالتوازي مع تسييل بعض ما تمتلكه المصارف من أصول اجنبية في الخارج وتحويلها الى لبنان بأسرع وقت، يجب العمل على الإسراع في تأليف حكومة تستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وعندها تتكامل الخطوتان المصرفية والحكومية، وتشكّلان منطلقًا للحل، تنصرف بعده الحكومة العتيدة لتنفيذ رؤية اقتصادية إصلاحية شاملة وحقيقية. وليس هناك من خلاص سوى بوقف الهدر ومكافحة الفساد بشكل جديّ ومتكامل وإلا فسندخل في نفق مجهول لسنوات طويلة".

مهنا يؤكّد على مناعة الليرة اللبنانية على رغم الأوضاع الصعبة ماليًا واقتصاديًا وسياسيًا على وقع الحركة الإحتجاجية المطلبية. فالمصرف المركزي سيستمر في المحافظة على الإستقرار النقدي، بفضل احتياطه من العملات الأجنبية البالغ 30 مليار دولار، إضافة إلى الإجراءات التي اتُخذت لضمان بقاء الكتلة النقدية داخل لبنان.

يبقى أنّ عامل الثقة يشكّل مرتكزًا محوريًا للخروج من الأزمة، والمسؤولية ملقاة على عاتق السلطة السياسية بالدرجة الأولى بدءًا بأعلى الهرم، من خلال تأليف حكومة تحدث صدمة إيجابية. وإذا سلمنا جدلًا بنظرية المؤامرة على لبنان، فسياسة الهروب إلى الأمام التي تنتهجها السلطة وإنكارها لمشهدية 17 تشرين سيجعلها من أكبر السلطات المتآمرة على شعبها .


عودة الى الصفحة الرئيسية