إختر من الأقسام
صيدا |
لبنان |
شؤون فلسطينية |
عربي ودولي |
مقالات وتحقيقات |
صحة وطب |
تكنولوجيا |
مشاهير وفن |
المرأة والرجل |
منوعات |
رياضة |
إقتصاد وأعمال |
ثقافة وأدب |
صور وفيديو |
إعلانات |
آخر الأخبار |
- فتاة استدرجت شابين وما حصل معهما غير متوقّع.. إليكم بالتفاصيل ما جرى في منطقة لبنانية
- أمام 'الخماسية'... هذا ما قاله الراعي عن فرنجية
- تجمع موظفي البلديات واتحاداتها هدد بالإضراب في 8 أيار وإقفال الطرقات بحال عدم الاستجابة للمطالب
- بالصورة: ولادة نادرة وغريبة في مستشفى الحريري
- معلومة مهمّة أخفتها إسرائيل عن نتائج عمليّة قام بها 'الحزب'... ما هي؟
- عبداللهيان: ايران لن تتردّد بالردّ بشكل حاسم وملائم لجعل اسرائيل تندم على أيّ هجوم ضدّها
- تننتي: اليونيفيل محايدة ولا نقوم بأنشطة مراقبة ولا ندعم أي طرف
- إنتشارٌ كبير للجيش... إليكم ما يحصلفي أحياء منطقة لبنانية
- حادثة مؤسفة جدّاً... هكذا فقدت سيّدة حياتها قرب مستشفى!
- الحزب يستهدف 3 مبانٍ عسكرية للجيش الإسرائيلي
'ما بقى بدّي منقوشة يا بابا' إبنة ناجي الفليطي أصيبت بصدمة نفسية حادة..والمنقوشة ليست سبب الفاجعة |
المصدر : ساسيليا دومط - الجمهورية | تاريخ النشر :
06 Dec 2019 |
المصدر :
ساسيليا دومط - الجمهورية
تاريخ النشر :
الجمعة ١٩ كانون أول ٢٠٢٤
سكت ناجي فليطي شنقاً، في لحظة فقد فيها قوته وقدرته على الاحتمال؛ خنق صوته طلب ابنته الصغيرة لألف ليرة، لم تكن في جيبه، أسقطت العمر الباقي لناجي «منقوشة صعبة المنال» لطفلة بريئة كانت تجهل ما يمكن أن يؤدي إليه طلبها.
أصيبت إبنة ناجي بصدمة نفسية حادة جرّاء وفاة والدها، ولم يكتف قدرها بذلك فقط، بل زرع فيها شعوراً بالذنب، ظنّاً منها بأنها كانت السبب في موت أبيها؛ فتراها تتراجع عن طلبها «ما بقى بدّي منقوشة يا بابا»، وهي لا تعلم بأنّ الفاجعة لم تكن نتيجة «المنقوشة» وإنما وليدة مشاعر وتراكمات وأوجاع لم يعد الأب قادراً على تحمّلها.
لا ليست «المنقوشة» السبب أيتها الصغيرة، فليرحمك الندم وعذاب الضمير، لتغفو عيناك المفجوعتان، ولتستعيدي أحلامك الطفولية الوردية، ولو للحظات.
يمثّل ناجي شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني الذي يعيش في أزمة اقتصادية واجتماعية مصيرية، يعاني شرخاً حقيقياً بين الشعب والطبقة الحاكمة. أما الوضع النفسي، فهو الشعور بالعجز والضعف وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية للحياة كالمأكل والمشرب. وهذا من أشد ما يصيب معيل العائلة، وخاصة الأب الذي يرمز إلى القوة والسلطة والحامي لأولاده.
سبق جورج زريق، ناجي في قرار إنهاء حياته بسبب الأعباء الحياتية أيضاً، فحرق نفسه أمام مدرسة أطفاله التي عجز عن تسديد أقساطها؛ وها هي فاطمة تحاول اليوم إحراق نفسها لأنها تعبت من التشرد والتلكؤ في مداخل المنازل والأبنية، بينما تعرض امرأة شابّة كليتها للبيع من أجل تأمين الدواء لابنتها المريضة.
إنّ الشعور بعدم القدرة على تأمين الأمان والاستقرار لأفراد العائلة، وسَد الحاجات الضرورية قد يؤدي إلى الإحباط والاكتئاب، الذي يشكل السبب الأساسي للانتحار. أما المؤشرات التي تدل على ذلك فهي عدم قدرة الفرد على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، فيصاب باضطرابات النوم والشهية، يرفض الخروج للقيام بالنشاطات الترفيهية والتسلية، يهتم بالجوانب السلبية للأمور، يلجأ إلى الإنعزال وتجنّب التواصل مع المحيطين، مع ظهور علامات الحزن الشديد عليه.
من السهل ملاحظة التغيّر في مزاج وتصرّف المحيطين بنا، ودور الجميع مهم وأساسي في هذا الموضوع، فلا تستخفوا بتلميح عن عدم الرغبة بالحياة وإيحاء بالمَيل إلى إنهائها، وذكر الموت، والتعب واليأس. في هذه الحالة، لا تحاولوا إسكات الشخص المكتئب، ولا تسعوا لإلهائه بأمور أخرى، بل ادعوه للتعبير عن مشاعره، وعما إذا كان يرغب بالانتحار، والطريقة التي يفكر باعتمادها، ولا تقلقوا من التحدث معه في هذا الموضوع، فلن تزيدوا خطر الانتحار إذا فعلتم، بل ستتمكنون من المساعدة عبر كشف نواياه، وحمايته من نفسه عبر إبعاد الأدوات التي تشكل خطراً عليه، وعدم تركه وحيداً، مع ضرورة مساعدته على طلب العلاج النفسي من قبل المختصّين.
تعوّدنا على قول خاطىء «يَلّي بيهدّد ما بيفعَل»، لكنّ التجارب أثبتت بأنّ كل شخص لديه ميول انتحارية يعتبر مشروع منتحر. بالإضافة إلى أنّ الشخص المصاب بالاكتئاب يصبح عاجزاً عن القدرة على التفكير بموضوعية، وعن إيجاد حلول للمشاكل والصعوبات.
تتزايد حالات اليأس والاحباط والاكتئاب في المجتمعات الفقيرة، حيث تسود الحروب والبطالة والأمراض، وتزيد الحاجة والعوز والبؤس والحرمان. كما يرتفع مستوى المدمنين على المخدرات والكحول وغيرها، ويتزايد العنف والسرقة وتتشكّل العصابات، بالإضافة إلى المشاكل والصراعات الزوجية والعائلية، وتكثر حالات التمرد على السلطة وخرق الأنظمة والقوانين.
نعيش في المرحلة الراهنة إحباطاً نفسياً جماعياً جرّاء فقدان الثقة بالقيّمين على البلاد، والقلق المالي والإقتصادي عند الغني والفقير على حدّ سواء، لذلك لا بد من الوعي في هذا الوقت الدقيق، وتَفهّم الأمر الواقع، والسعي من دون ملل أو كلل إلى إيجاد سبل للحل لتخطّي الأزمة بإدراك وحكمة.
أصيبت إبنة ناجي بصدمة نفسية حادة جرّاء وفاة والدها، ولم يكتف قدرها بذلك فقط، بل زرع فيها شعوراً بالذنب، ظنّاً منها بأنها كانت السبب في موت أبيها؛ فتراها تتراجع عن طلبها «ما بقى بدّي منقوشة يا بابا»، وهي لا تعلم بأنّ الفاجعة لم تكن نتيجة «المنقوشة» وإنما وليدة مشاعر وتراكمات وأوجاع لم يعد الأب قادراً على تحمّلها.
لا ليست «المنقوشة» السبب أيتها الصغيرة، فليرحمك الندم وعذاب الضمير، لتغفو عيناك المفجوعتان، ولتستعيدي أحلامك الطفولية الوردية، ولو للحظات.
يمثّل ناجي شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني الذي يعيش في أزمة اقتصادية واجتماعية مصيرية، يعاني شرخاً حقيقياً بين الشعب والطبقة الحاكمة. أما الوضع النفسي، فهو الشعور بالعجز والضعف وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية للحياة كالمأكل والمشرب. وهذا من أشد ما يصيب معيل العائلة، وخاصة الأب الذي يرمز إلى القوة والسلطة والحامي لأولاده.
سبق جورج زريق، ناجي في قرار إنهاء حياته بسبب الأعباء الحياتية أيضاً، فحرق نفسه أمام مدرسة أطفاله التي عجز عن تسديد أقساطها؛ وها هي فاطمة تحاول اليوم إحراق نفسها لأنها تعبت من التشرد والتلكؤ في مداخل المنازل والأبنية، بينما تعرض امرأة شابّة كليتها للبيع من أجل تأمين الدواء لابنتها المريضة.
إنّ الشعور بعدم القدرة على تأمين الأمان والاستقرار لأفراد العائلة، وسَد الحاجات الضرورية قد يؤدي إلى الإحباط والاكتئاب، الذي يشكل السبب الأساسي للانتحار. أما المؤشرات التي تدل على ذلك فهي عدم قدرة الفرد على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، فيصاب باضطرابات النوم والشهية، يرفض الخروج للقيام بالنشاطات الترفيهية والتسلية، يهتم بالجوانب السلبية للأمور، يلجأ إلى الإنعزال وتجنّب التواصل مع المحيطين، مع ظهور علامات الحزن الشديد عليه.
من السهل ملاحظة التغيّر في مزاج وتصرّف المحيطين بنا، ودور الجميع مهم وأساسي في هذا الموضوع، فلا تستخفوا بتلميح عن عدم الرغبة بالحياة وإيحاء بالمَيل إلى إنهائها، وذكر الموت، والتعب واليأس. في هذه الحالة، لا تحاولوا إسكات الشخص المكتئب، ولا تسعوا لإلهائه بأمور أخرى، بل ادعوه للتعبير عن مشاعره، وعما إذا كان يرغب بالانتحار، والطريقة التي يفكر باعتمادها، ولا تقلقوا من التحدث معه في هذا الموضوع، فلن تزيدوا خطر الانتحار إذا فعلتم، بل ستتمكنون من المساعدة عبر كشف نواياه، وحمايته من نفسه عبر إبعاد الأدوات التي تشكل خطراً عليه، وعدم تركه وحيداً، مع ضرورة مساعدته على طلب العلاج النفسي من قبل المختصّين.
تعوّدنا على قول خاطىء «يَلّي بيهدّد ما بيفعَل»، لكنّ التجارب أثبتت بأنّ كل شخص لديه ميول انتحارية يعتبر مشروع منتحر. بالإضافة إلى أنّ الشخص المصاب بالاكتئاب يصبح عاجزاً عن القدرة على التفكير بموضوعية، وعن إيجاد حلول للمشاكل والصعوبات.
تتزايد حالات اليأس والاحباط والاكتئاب في المجتمعات الفقيرة، حيث تسود الحروب والبطالة والأمراض، وتزيد الحاجة والعوز والبؤس والحرمان. كما يرتفع مستوى المدمنين على المخدرات والكحول وغيرها، ويتزايد العنف والسرقة وتتشكّل العصابات، بالإضافة إلى المشاكل والصراعات الزوجية والعائلية، وتكثر حالات التمرد على السلطة وخرق الأنظمة والقوانين.
نعيش في المرحلة الراهنة إحباطاً نفسياً جماعياً جرّاء فقدان الثقة بالقيّمين على البلاد، والقلق المالي والإقتصادي عند الغني والفقير على حدّ سواء، لذلك لا بد من الوعي في هذا الوقت الدقيق، وتَفهّم الأمر الواقع، والسعي من دون ملل أو كلل إلى إيجاد سبل للحل لتخطّي الأزمة بإدراك وحكمة.
Tweet |