إختر من الأقسام
آخر الأخبار
«الأخبار» في محيط «الشفاء»: هنا تتجسّد الإبادة
«الأخبار» في محيط «الشفاء»: هنا تتجسّد الإبادة
المصدر : يوسف فارس - الأخبار
تاريخ النشر : الأحد ٢٨ أذار ٢٠٢٤

تحوّلت المساحة المحيطة بمستشفى الشفاء في محيط قطري يتجاوز كيلومتراً ونصف كيلومتر في مدينة غزة، إلى كتلة من اللهب، إذ لم تتوقّف وسائط المدفعية والطيران الحربي عن استهدافها على مدار الساعة. أمس، استطاعت «الأخبار» الوصول إلى مفترق الطيران، جنوب شارع الجلاء، وهو آخر نقطة يمكن المغامرة في الوصول إليها، لرصد المشهد. هناك، يختفي أي وجود للعنصر البشري، فيما الأبنية مدمّرة تماماً، والحرائق أتت على ما بقي قائماً على أعمدته من المنازل. يقول الشاب أحمد السيد إن «العائلات نزحت عن المكان، بعدما شاهدت ما حلّ بالأهالي الذين لم يخلوا منازلهم في أحياء الرمال والنصر والشاطئ، حيث توغّلت الدبابات الإسرائيلية إلى تلك المناطق، بعد تمهيد ناري استمر لأيام، ثم اقتحم الجنود البنايات، وأعدموا العشرات من الرجال ميدانياً، واعتقلوا آخرين، وأجبروا النساء والأطفال على النزوح إلى مناطق جنوب قطاع غزة». كان واضحاً من المشاهدة أن طائرات «الكوادكابتر»، هي اللاعب الأساسي في ماكينة الحرب الإسرائيلية، إذ تنفّذ استحكاماً نارياً يمنع الأهالي من تجاوز خط النار، وتلاحق كل من يخالف التعليمات من النازحين، ويقرر الخروج من محيط مستشفى الشفاء، إلى الأحياء الشرقية أو الشمالية للمدينة. وتحوّل مفترق الطيران، خلال الأيام الماضية، إلى النقطة التي يمكن فيها تحصيل ما يسرده الأهالي عن أهوال ما عايشوه خلال أيام الحصار. ويلفت السيد، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «عائلة مكوّنة من أم وثلاثة أطفال وصلت إلى مفترق الطيران، وقد بدا عليها قدر الرعب الذي تسبّب به الحصار والقصف المستمران. لم تتناول العائلة الطعام منذ خمسة أيام، وقالت الأم إن المئات من جثث الشهداء المتحلّلة ملقاة في شوارع تل الهوا لتنهشها الكلاب. وجميع هؤلاء من المدنيين الذين قُصفوا بالمدفعية أو بطائرات الكوادكابتر. وقضى كبير من الشهداء تحت ركام منازلهم المقصوفة قبل أن تصل إليهم يد الإسعاف أو الدفاع المدني».
أما أمّ محمود، وهي سيدة استطاعت مغافلة جيش العدو والوصول إلى حي الدرج شرق مدينة غزة، بدلاً من النزوح إلى الجنوب، فتروي ما عايشته في مستشفى الشفاء طوال خمسة أيام من الحصار. تقول، لـ«الأخبار»، إن «الجنود يظهرون توحشاً وشراهة غير مفهوميْن للقتل. يخرج الشبان رافعي أيديهم ويحملون شارات بيضاء، فيقتلهم القناصة، أو تدوسهم الجرافات. هناك أكثر من 130 جثة ملقاة في باحة مستشفى الشفاء، ويُجبر الجنود الأطفال على الجلوس بين الجثث المتحلّلة لساعات طويلة، ويعتدون على النساء بالضرب، ولا تنتقل دبابة من شارع إلى آخر، إلا وقد اتخذ جنود جيش العدو من الرجال العزّل دروعاً بشرية يمشون أمامها، خوفاً من أن تستهدفها المقاومة».
بعد ساعتين قضتهما في محيط مستشفى الشفاء، لم تنجح كل محاولات «الأخبار» للتقدم إلى شارع الرمال الرئيسي الذي يقود إلى نصب الجندي المجهول. لكنّ الإطلالة على الشارع، تقدّم صورة حيّة لما أحدثته الطائرات الحربية من دمار مهول في الحي، غير أن قناصة الاحتلال الذين يطلقون النار تجاه كل ما ومن يتحرك، يحافظون على استمرار المذبحة تحت جنح الظلام، فيما لا فرصة لاستجلاء هول ما حدث في تلك المنطقة إلا بعد انسحاب جيش العدو منها


عودة الى الصفحة الرئيسية