إختر من الأقسام
آخر الأخبار
صيدا القديمة: 'حكاية الفقراء' مع 'كورونا' و'المشتريات' على 'دفتر الديون'
صيدا القديمة: 'حكاية الفقراء' مع 'كورونا' و'المشتريات' على 'دفتر الديون'
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤

أجبر فيروس "كورونا" و"التعبئة العامة" و"حال الطوارئ الصحية"، أبناء صيدا القديمة على اتباع نمط جديد في الحياة لم يعتادوه من قبل، فرض عليهم إقفال محالهم ودكاكينهم التي تشبه "الحوانيت"، والأفران الصغيرة والمقاهي الشعبية، التي يعتاشون منها، ووقف عملهم وملازمة منازلهم، فحلّ الجوع "ضيفاً" ثقيلاً عليهم، وهم يعانون أصلاً فقراً مُدقعاً.

في أيام "كورونا"، انقلبت الحياة في الأحياء والحارات القديمة والمتلاصقة ذات القناطر الحجرية، رأساً على عقب، وباتت الطرقات خالية بعدما كانت تعجّ بالحركة، بسبب الاقفال خوفاً من تفشي الفيروس. الناس يشكون ويرفعون اصواتهم احتجاجاً، فغالبيتهم تحت خط الفقر ومن ذوي الدخل المحدود، واصبحوا اليوم عاطلين عن العمل، وفق ما يقول الشاب علي السن، العامل المياوم في احدى "مناشر النجارة": "لقد طلب مني صاحبها التوقف عن العمل لانها اقفلت حتى اشعار آخر"، قبل ان يضيف: "بتنا في الرمق الاخير، متطلبات العيش كثيرة، والغلاء وارتفاع الاسعار والتلاعب بسعر الدولار، والليرة اللبنانية فقدت قيمتها والوضع نحو الاسوأ، والشراء بالدين والتسجيل على "دفتر الدكان"، حتى يفرج الله هذا الكرب".

ديون ودعوة

داخل أحد الاحياء قرب "الحمام الجديد"، لا يخفي صاحب أحد الدكاكين الصغيرة عدنان مزين، ان العائلات الفقيرة والمتعففة لا تجد بديلاً عن الاستدانة في هذا الوقت العصيب، ويقول:"دفتر الدين امتلأ عن بكرة أبيه، وأحاول ما بوسعي مساعدتهم، لكنني أخشى عدم الصمود طويلا امام جشع كبار التجار الذين باتوا يرفضون بيع البضاعة الا نقداً، لقد اضطررت للتوقف عن البيع بالدين بعدما فاق المبلغ مليوني ليرة لبنانية"، قبل أن يقسم بـ "أن بعض العائلات باتت غير قادرة حتى على شراء ربطة الخبز، لا عمل لديهم ولا مال".

وعلى تخوم المدينة القديمة، حاول شرطي نُصح أحد المارة لعدم ارتدائه كمامة، كان يراقب "سوق الخضار"عن بعد، وينتظر الوقت لشراء ما تبقّى من "خضراوات" بسعر أرخص قبل إقفاله، فجاء الجواب صاعقاً: "لا املك مالاً لأشتريها.. أفضل شراء الخبز والطعام والحليب لأطفالي الصغار لكي لا يموتوا من الجوع". صدى الفقر والجوع، تلاقى مع مبادرات انسانية وخيرية كثيرة لجمعيات وافراد على حدّ سواء، لكنها تبقى غير كافية وفق ما يقول مختار "حي السبيل" نادر جميل البيلاني لـ "نداء الوطن"، فالمطلوب "ان يبادر الخيّرون والميسورون الى مساعدة الفقراء وتجسيد شعار التضامن والتكافل الاجتماعي، عبر تسديد ديونهم في الدكاكين والصيدليات، او دفع بدل الايجار او اشتراك الكهرباء، فالناس في "ضيقة" وهم غير قادرين بسبب الاقفال وهؤلاء يتّكلون على العمل اليومي".

مبادرات متميزة

وسط المشهد، تتحدّى مجموعة من "الشباب الصيداوي" الواقع المرير بمبادرة ثلاثية الابعاد: وقائية، صحية واجتماعية. وقائية، تحت شعار: "كرمالكن... خلّلي متر بيناتكن"، وتتضمّن دعوة الى المواطنين بترك مساحة فاصلة بين أي شخص وآخر في مكان عام، وتحديدا امام الصرّاف الآلي. وصحّية لتقديم خدمات بتعقيم المنازل مجاناً لحماية قاطنيها من تفشي الفيروس، واجتماعية لجمع تبرعات وتأمين حصص غذائية لأكثر من خمسين عائلة في مرحلة أولى.

ويقول أحد المشاركين أكرم شربجي: "نحن شباب متطوعون اتفقنا في ما بيننا لمساعدة أهلنا في صيدا والجوار، على تنظيم هذه الحملة التي ولدت من رحم الأزمة التي نعيشها، وهي تتطلب تكاتف الجميع لإجتيازها، ونناشد كل الناس عدم الخروج من المنازل الا عند الضرورة القصوى". بينما تناقل نشطاء عبر "مواقع التواصل الإجتماعي" صورة لمبادرة مميزة حصلت في بلدة الغازية، وفي تفاصيلها أن عائلة طُرِق بابها وعندما فتحته عثرت على ورقة تشير إلى وجود مبلغ مالي "تحت الدعسة"، بغية عدم احراجها.إحصاء إلكتروني

في المقابل، أطلقت بلدية صيدا، مدعومة من القوى السياسية والمؤسسات الاهلية والمخاتير، حملة "تكافل اجتماعي" لدعم أبناء المدينة وتمكينهم من مواجهة تداعيات أزمة "كورونا"، وتتضمّن تعبئة الإستمارة الإلكترونية تحت شعار "خلّيك بالبيت.. القسيمة بتوصلك عالبيت"، على أن يبدأ توزيع القسائم الشرائية بقيمة 100 ألف ليرة لبنانية، مطلع الأسبوع المقبل.

وقال رئيس البلدية المهندس محمد السعودي: "الوقت الآن للعمل.. وعلينا ان نتكاتف جميعاً لايصال المساعدات إلى العائلات المحتاجة، لأن مواجهة "كورونا" تتطلب بذل كل الجهد من كافة الفاعليات والجمعيات لنكون على قدر المسؤولية جميعاً".

ميدانياً، أصيب الصيداوي (مالك.ج) بـ"كورونا" وهو من سكان منطقة الشرحبيل في بقسطا، حيث حجر نفسه في منزله وحالته جيدة ولا تستدعي نقله الى المستشفى، فيكون بذلك اول مصاب في منطقة "الشرحبيل" والثاني في منطقة صيدا، بعد (زياد. ب) الذي يخضع للحجر المنزلي في صيدا.


عودة الى الصفحة الرئيسية