إختر من الأقسام
آخر الأخبار
أتاهم انتحاريا فرحّلوه كبش محرقة... وبقيوا 'هم'!
أتاهم انتحاريا فرحّلوه كبش محرقة... وبقيوا 'هم'!
المصدر : ميراي فغالي -vdlnews
تاريخ النشر : الخميس ١٨ آب ٢٠٢٤

حينما اندلعت ثورة 17 تشرين، وبدأت تتكوّن الصورة الواضحة لانهيار الهرم الائتماني والاقتصادي والاجتماعي في لبنان، لا بلّ حينما بدأت تتكشّف المعطيات التي تثبت أن الهرم كان مقلوبا اساسا ويرتكز على بيع الاوهام، بات واضحا أن الذي سيأتي بعد سعد الحريري الى كرسي رئاسة الحكومة، لن يكون الّا انتحاريّا يتحمّل على كتفيه وزر ادارة الانهيار، وسط طبقة سياسية متمسكة بمكتسباتها، ترفض بشكل تام التنازل عن القليل منها حتّى في قلب العاصفة.

في حينها، ارتضى حسّان دياب أن يكون الانتحاري. كان يدرك أنه سيحترق. ولكنّه لم يكن يقدّر أن تكون الامور سريعة الى هذا الحدّ، ولا أدرك أن كلّ الضمانات التي أعطيت له حتّى يأتي رئيسا للحكومة، كانت قنابل دخانية لن تقيه ألغام السراي الكبير.

لم يستقل حسان دياب. "اقيل". طرح موضوع الانتخابات المبكرة. فطُرح "كبش محرقة".

احتاجت السلطة السياسية، والدولة العميقة في لبنان، الى كبش فداء. المصاب أتى ليفوق كلّ التوقعات، ويفاقم الأزمة التي وصل على صهوتها دياب انتحاريا.

احتاجت السلطة، الى من يُساق عنها الى الحساب.

علنا، اتفق على تحميل دياب المسؤولية.. فأتى طرح الانتخابات المبكرة من جهته، ضربة قاسمة.

في الحقيقة لم تكن الحكومة المستقيلة، غير المأسوف على شبابها، نموذجية. اتخذت الشعر سلاحا في مواجهة التحديات. لم تتخذ على ارض الواقع اي اجراء جدّي، وتكاد تكون وزيرة الشباب والرياضة فيها فارتينيه اوهانيان، الوحيدة التي لم تنل نصيبها من الانتقادات الوافية. لا لشيء، بل لأنها لم تتحدّث قط ولا تحركّت قط. الجميع الجميع في هذه الحكومة سقط في أفخاخ لسانه.

لكنّ الأمر قد يكون طبيعيا. شعر وزراؤها –وهم أيضا وصلوا مع دراية تامّة أنهم يقومون بعملية انتحارية- أنهّم رميوا في النار، وتُركوا محاطين بمجموعة تتربّص بهم شماتة وسوءا.

وهو ما حصل عمليا منذ اللحظة الاولى لاعلان دياب التمنّع عن دفع سندات اليوروبوند ولاحقا اعلان الخطة الحكومية. استجمع المصرفيون ومن وراءهم من سلطة سياسية قوّتهم. وحاصروا الرجل. ارتضى الحصار. ثمّ ارتضى اللوم. والآن ارتضى الاستقالة... ولم ينبس ببنت شفة.

أتاهم انتحاريا فرحّلوه كبش محرقة... وبقيوا "هم".

المصيبة أننا عرفناهم منذ عقود، ولا زال بعضنا يأبى التعرّف الى الحقّ... ولا زال حسّان يأبى ان يقول بصريح العبارة: "من هم"؟


عودة الى الصفحة الرئيسية