إختر من الأقسام
آخر الأخبار
معركة التمديد بدأت في الشارع
  معركة التمديد بدأت في الشارع
المصدر : عبدالله قمح - ليبانون ديبايت
تاريخ النشر : الخميس ٢٥ كانون ثاني ٢٠٢٤

تنذر المواجهة بين بعبدا وبيت الوسط بأن تأخذ معها الجميع، من قماشات سياسية مختلفة، وهي تكاد تبلغ الذروة في حالة التدقيق بالمعطيات الواردة من فوق ومن تحت. وفي ظل حديث النائب ماريو عون عن واقعية التمديد لرئيس الجمهورية، فإن الصراع بات يتجاوز العناوين المطروحة نحو معركة كسر عظم يباح خلالها استخدام شتى صنوف الاسلحة السياسية.

رسمياً، إفتتحَ ماريو عون بكلامه عن "التمديد"، معركة كرسي بعبدا قبل عام وثمانية أشهر من موعدها، ويفترض بهذه الحالة أن يبدأ جميع اللاعبين بإعداد انفسهم. في الواقع، ينطق ماريو عون عن لسان حال المستوى العميق في قصر بعبدا، والذي يعتبر أساساً أن مدة الـ6 أعوام لا تكفي لانجاز "أجندة الاصلاح" بل يجب أن تواكب بـ6 أخرى.



سابقاً، فسّر الحديث حول الـ6 الباقية بانه يقود إلى تمديد مقنع للعهد، بمعنى إيصال جبران باسيل إلى بعبدا لاستئناف ما كان قد بدأ به رئيس الجمهورية. وكان ذلك قبل 17 تشرين، أما بعد، فتبدلت الاحوال، وبات فريق بعبدا يعتبر أن معركته الحالية تُختصر في الحفاظ على العهد. من هنا يفسر أن تعاضده في معركة تأليف الحكومة وفق العناوين التي يطرحها رئيس الحكومة المكلف، يأتي من مبدأ أنه ينظر إليها، ووفق المعطيات الحالية، بأنها بمثابة معركة إنهاء العهد. في ضوء ذلك باتت المواجهة قدراً محتوماً، بالتالي يكرّس "فريق بعبدا" إنتقاله من موقع الدفاع إلى منطقة الهجوم.

ما يعزز معطيات بعبدا، أن الحالة السياسية الراهنة تحفل بالعديد من نماذج إعداد لجبهات أو اطر معارضة في وجهه، جميعها وفق منظوره، هدفها واحد وإن اختلفت التكتيكات: تكريس حالة تفشيل العهد والمراكمة عليها في تسويق صورة انه المسؤول عن فوضى الأزمات التي تعصف بالوطن.

تجليات هذه الحملة بدأت على أكثر من صعيد سياسي، والآن بوشر بتحضير الشارع لها في تناغم واضح بين المستويين، وهنا لا بد من الاشارة إلى أن معلومات أكثر من جهاز أمني منذ مدة كانت تنذر بإحتمالات حصول فوضى متنقلة في اكثر من مدينة عند أفول الشتاء وبدايات الربيع، ولعل أكثر منطقة كان يجري استطلاعها بدقة "طرابلس" لما تحويه من حالات فقر وغضب عارمة على الواقع السياسي الراهن.

في الواقع، يخوض رئيس الجمهورية الآن معركة الحفاظ على المكتسبات. ومن وجهة نظره كما وجهة نظر آخرين، ثمة محاولات لوضع اليد على الحكومة بالتزامن مع دخول العهد ثلثه الاخير، وهذه المحاولة لن تنتهي إلا بكسر طرف، وهنا يصبح الوقت الذي سيأخذه التشكيل تفصيلاً أمام ما يحضًر، وهذا يعني أن التعنت في التأليف سيدوم، ومحاولات إستجرار تدخل دولي لوضع حد "أو ضوابط" للاشتباك الراهن ستنشط.

يرد رئيس الجمهورية على محاولات أخذ الحكومة والتي من المتوقع أنها ستتكلف إدارة المرحلة الأخيرة من عمر العهد وما بعده ، بمزيدٍ من التعنّت. فهو يطرح نظرية الحقوق ليبرر دخوله إلى الحكومة بالقوة المستمدة من قوة الحضور في بعبدا، ويقابل طروحاته تلك بالاستمرار في "أسر التوقيع على التشكيلة" المبرر دستورياً، من خلفية رفض الاملاءات التي يعمل على فرضها عليه، ثم يتولى فريقه إبلاغ الرسائل من أن "رأس الجمهورية" لم يعد يقبل بسعد الحريري رئيساً مكلفاً "لصعوبة العمل معه" ويذهب نحو تسويق تلك القاعدة في الخارج المسؤول عن دفع الحريري إلى منطقة التكليف. وفي أحدث التكتيكات ينزلق صوب استنساخ لعبة خصومه، فيرفع المتاريس في وجه طروحات الاستحواذ على الحكومة من خلال تعويم "نظرية التمديد للرئيس" التي بوشرَ باستفتائها عبر مواقع التواصل.

سيدوم الاستعصاء إذاً ويأخذ أوجهاً مختلفة، فيما العقلاء يرزحون تحت عوامل الضغط و "طراطيش" المواقف المتطايرة والعودة إلى "آداب" تحريك الشارع او الاستثمار به واستخدامه لإيصال رسائل سياسية، وذلك من خلال ملاحظة دخول "الغوغاء" على المظاهرات السلمية طرابلس وتحويل مسارها إلى عنيف، كما أن التحركات في المناطق السنية المتباعدة جغرافياً ، تضمر عودة "زرقاء" لاسلوب استخدام الشارع وإقحام دخان الإطارات المشتعلة لغايات سياسية وللتسترّ عن مشاريع سياسية قيد الإعداد.

وفي الحديث عن تلك المشاريع يأخذ الأمر مداه، فتأليف جبهة سياسية "مترامية الطوائف" يتنصل منها الجميع تقريباً في العلن، وحتى رؤساء الحكومات السابقين الاربعة، الذين انبرى كل واحدٍ منهم لتفسير تلك الحركة على هواه، و على اعتبار أنها "دعوة تنسيق واستشارة وليس جبهة"،.ويُسمع من أوساطهم ، أنهم "لا يسعون إلى توفير ذريعة لميشال عون ، تعطيه دافعاً للاستثمار في خلق مناعة طائفية لنفسه رداً على إحتشاد قوى طائفية ضده".

وبهذا المعنى تصبح الدعوات إلى التوحّد خلف راية معارضة واحدة "ساقطة" مقابل إفتتاح بازار "التنسيق" على القطعة بين جموع معترضة، من الواضح أنها ما زالت تخشى التسريب وتخجل منه وتبحث عن نقاط إلتقاء، أو أنها تحاول إيهام الرأي العام بعكس ما تضمر سياسياً.

في تقدير المتابعين، إن المرحلة المقبلة ستحفل بنماذج التفلت السياسي و "الشوارعي"، ويصبح الأمر معها ينذر بالخطورة في حالةربطه بتسريبات تتحدث عن أفكار يجري درسها في الخارج حول شكل النظام الجديد!


عودة الى الصفحة الرئيسية