تهافُت في صيدا على قوارير الغاز... في الشارع: 'بلد المي وعنّا المي مقطوعة'
تهافُت في صيدا على قوارير الغاز... في الشارع: 'بلد المي وعنّا المي مقطوعة'
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ تموز ٢٠٢٤
لم تترك الأزمات اليومية المُتلاحقة، لأبناء صيدا كما لمختلف اللبنانيين مُتنفّساً. شدّت الضائقة المعيشية حِبالها حول أعناقهم، حتى كادوا يلفظون أنفاسهم مع الارتفاع المُضطرد في سعر صرف الدولار الأميركي، وبالتالي الأسعار التي تحوّلت ناراً تحرق الليرة في جيوبهم وتكوي نفوسهم.

لم يعد مشهد إقفال المؤسّسات، ولا الرفوف الفارغة في المحال التجارية والسوبرماركت وحده يؤرق أبناء صيدا من فقدان المواد الإستهلاكية والغذائية، بل صفوف الشاحنات وهي تنتظر امام المحطّات للتزوّد بالمازوت، وطابور السيارات أمام مراكز تعبئة الغاز عند منطقة سينيق، حيث توجد ثلاثة مراكز (زهرة، الصفدي والموصللي)، بعد تهافت التجّار والمواطنين على التزوّد بها وكأنها ستُفقد غداً.

إنتظار وطوابير

وفيما استغرب أصحاب مراكز تعبئة الغاز هذا الطلب المُتزايد و"غير المبرّر"، كشف التهافت عن فقدان الثقة بين المسؤولين والمواطنين الذين لم يعودوا يُصدّقون الوعود، وهم يستعيدون مشهد انتظارهم امام المصارف لساعات طويلة للحصول على "كوتا" دورية من ودائعهم بالدولار الأميركي، قبل أن تتراجع وتختقي نهائياً، ليجدوا أنّ لا مفرّ من سحبها بالليرة اللبنانية ووفق تقدير لا يتجاوز 3850 ليرة لبنانية، فيما لامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء 9000 ليرة لبنانية.

وأوضح صاحب أحد مراكز التعبئة محمد الموصللي انها "المرّة الاولى التي يحصل فيها تهافت على تعبئة الغاز في شهر تموز، وعادة الطلب على المادة يكون قليلاً في فصل الصيف، خِلافاً لفصل الشتاء حيث يتزايد الإقبال على التدفئة"، قبل أن يُعيد سبب هذا التهافت "الى قلّة الحصص وقيمة الإعتماد المسموح بها للمحطات، وقد باتت اليوم، في ظلّ الأزمة الاقتصادية، أقلّ من الأول اضعافاً مضاعفة"، مؤكّداً "أنّ توزيع الغاز يتم يومياً ويستمرّ حتى نفاد الكمية، وعندها نُغلق محطّات ومراكز التعبئة، فاحياناً تنفد الكمية قرابة الواحدة ظهراً، وأحياناً عند الثالثة عصراً حسب الطلب". ودعا المواطنين "الى عدم القلق لأن مادة الغاز متوفرة يومياً ولا أزمة هناك وانما الطلب الزائد والتخزين هو الذي يؤزّم الوضع ويؤدّي الى هذا التهافت".

توازياً، أدّى التقنين القاسي في التيّار الكهربائي، والذي تدنّى الى أقصى حدوده حيث لم تتجاوز ساعات التغذية الستّ ساعات كل أربع وعشرين ساعة، الى توقّف العمل في دوائر سراي صيدا الحكومي بعد انقطاع التيار عنها، والى توقّف إشارات السير في المدينة، فيما تحوّلت قضية شحّ المياه خلافاً بين "الجماعة الاسلامية" ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وتراشقاً إعلامياً بين الإنتقاد والردّ والتوضيح.

ففيما حمّلت "الجماعة الإسلامية" المؤسسة مسؤولية الشحّ، ردّت المؤسسة بأن "إحدى الجهات تناولت المسألة من زاوية شعبوية بحتة، مُنمّقة كلماتها لاستفزاز الوجع المعيشي للمواطن، من دون أن تُكلّف نفسها حتى عناء التواصل والإستفسار، كما فعلت وتفعل قيادات صيداوية"، ما دفع بـ"الجماعة الإسلامية" الى الردّ واعتبار "الرّد الصادر عن إدارة المؤسسة والذي اقل ما يُقال فيه انه عذر أقبح من ذنب... فعِوض العمل على الحلول المُمكنة لأزمة المياه في صيدا، أجهدت الإدارة نفسها في التلطّي خلف بيان ردٍ بائس أثبت فشلها وسوء إدارتها"، ما دفع المؤسسة الى الردّ مُجدّداً والتأكيد أنّ "مؤسسة المياه مؤسسة عامة تؤمّن خدمة المياه للمواطن وليست مؤسسة كهرباء ولا شركة محروقات، ولا تتلقّى أي سُلف أو موازنات من الحكومة وتعتمد كلياً على الجباية".