إختر من الأقسام
آخر الأخبار
'السياحة' في صيدا مُعلّقة حتى إشعار آخر والناس تزداد شكواهم من الفقر والجوع
'السياحة' في صيدا مُعلّقة حتى إشعار آخر والناس تزداد شكواهم من الفقر والجوع
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ حزيران ٢٠٢٤

بدأت الحياة في صيدا تعود الى طبيعتها تدريجياً، بعد رفع غالبية قيود التعبئة العامة وحال الطوارئ الصحية، التي فرضتها الحكومة اللبنانية على مدى ثلاثة أشهر لمنع تفشي فيروس "كورونا". غير أن هذه العودة لن تشبه سابقتها، لجهة فرضها نمطاً جديداً في الحياة والمعاملات من الإجراءات الوقائية، الى ارتداء الكمّامات والتزام التباعد الاجتماعي لمواجهة الفيروس ريثما يتمّ إيجاد لقاح له من جهة، والأزمة الاقتصادية والمعيشية من جهة أخرى، لجهة الفقر والتقشّف وشد الحزام، بعد اعتماد خيار الضروريات دون الكماليات.

وفيما تحاول الأسواق التجارية والمؤسسات ومختلف المهن، استعادة حركتها وحيويتها وصمودها في وجه الإفلاس والإقفال، بقيت المعالم الأثرية والتاريخية في المدينة ترزح تحت وطأة الإقفال التامّ، استكمالاً للشلل العام الذي أصاب الحركة السياحية بالضربة القاضية، ومعها أبناء المدينة في لقمة عيشهم، اذ كانت متنفّساً لهم في دورة حياتهم المعيشية، وتحديداً بعض المطاعم والمقاهي والمحال التراثية على امتداد الواجهة البحرية شمالاً، حتى "خان الإفرنج" جنوباً، وبينهما المدينة القديمة وما فيها من محال ومتاحف وحمامات وقصور تاريخية.

أبواب موصدة

الإقفال القسري للقطاع السياحي في المدينة، والتوقّف عن استئناف دورته حتى إشعار آخر، أبقى أبواب القلعتين البحرية والبرّية و"خان الافرنج" والكثير من المعالم التاريخية والسياحية موصدة. ويؤكد ابراهيم بوجي الملقّب بـ"الكينغ" والذي يُعتبر دليلاً سياحياً للسيّاح الى المعالم الأثرية، أن السياحة اليوم "زيرو"، ويقول لـ"نداء الوطن": "إنّ تداعيات "كورونا" السلبية انعكست على أوضاع الناس الإقتصادية، هما متلازمتان في الزيارات والرزق، فالسيّاح، وخصوصاً الأجانب، يسدّون جانباً من رمقهم، يقصدون المعالم ويتعرّفون عليها، يجولون في أحياء صيدا القديمة ويشترون التحف التذكارية ويدفعون بالعملة الاجنبية، دولار أو يورو، وكذلك يفعلون مع المقاهي والمطاعم، اليوم اختفوا بالكامل، والمُصيبة لا تقتصر على صيدا، بل تمتدّ الى كل لبنان، لكنّنا لن نرفع الراية البيضاء، سنصمد أمام الركود والجمود، الى أن تنتظم الحياة برمّتها مجدداً، وتعود الحركة الى ما كانت عليه سابقاً، فنحن شعب يحبّ الحياة".

متطلّبات وغلاء

عند الواجهة البحرية، كانت قوافل السيّاح تتوقّف قرب القلعة البحرية بانتظام، تدخل اليها، تجول فيها، ثم تنتقل الى "خان الافرنج" سيراً على الاقدام، تستريح حيناً في مقهى "أبو العبد" الشهير، وتتناول حيناً آخر"الأكلة الشعبية" الفلافل، من محلّ ابو رامي، قبل أن تدخل الى قلب الأحياء القديمة، تشرب القهوة والنرجيلة أو شراب الليموناضة، وتشتري التذكارات اللبنانية وتلتقط الصور وتغادر.

ويتحسّر علي كرجية على تلك الأيام، ويقول:"كان الناس يعيشون مستورين ولكنهم مُتذمّرون ومُستاؤون ويريدون الأفضل، أُنظر الى أين وصلنا اليوم، بتنا نترحّم على تلك الأيام الخوالي، ونتمنّى ان تعود كيفما كانت، كي لا نموت من الفقر والجوع"، مُضيفاً: "اليوم يُطاردنا كابوس الأزمات، كلّ يوم نستيقظ على أزمة، من ازدياد الغلاء وارتفاع الأسعار والدولار، الى التقنين القاسي في الكهرباء والمياه، الى الخشية من فقدان الخبز والبنزين والمازوت والغاز وعودة الطوابير، لم نعد نأمن شيئاً".

في أحياء المدينة القديمة تبدو الحركة طبيعية، تلاشى الهدوء الذي فرض إيقاعه، نتيجة التزام الناس بالحجر المنزلي وإقفال المحال على اختلافها، وعاد الضجيج يملأ المكان، من أسواق "الكندرجية، والنجّارين والحياكين"، مروراً بساحة "باب السراي". غير ان متحف "عودة" وقصر"دبانة" و"الحمام الجديد" و"خان صاصي"، لا تزال تنتظر الضوء الأخضر لفتح الأبواب. ويقول حسين الزين الذي يملك دكاناً: "يحاول الناس النهوض من كبوتهم، فالأزمة عصيبة بل طاحنة، لأنّها تتويج لمرحلة سابقة من الجمود، بدأت العام الماضي واستفحلت مع الثورة الشعبية، وجاء وباء "كورونا" اليوم ليقضي على الفقراء جوعاً بدلاً من المرض". بالرغم من الركود، تستمرّ دورة الحياة في حارات المدينة القديمة – "البلد"، كما يحلو لأبنائها أن يُطلقوا عليها، وتفتح الدكاكين الصغيرة والأفران. ويقول جمال حمادة، الذي يساعد والده "أبو علي" في محل لبيع الفول والحمص لـ"نداء الوطن":"حتى طعام الفقراء تراجع، فأبناء المدينة لا يأكلونه كل يوم، كنا نعتمد على السيّاح حيناً وعلى الوافدين من خارج المدينة بشكل رئيسي، توقّفت الحركة مع استمرار إقفال المعالم السياحية، في زمن "كورونا" تغيّر كل شيء نحو الأسوأ".


عودة الى الصفحة الرئيسية