إختر من الأقسام
آخر الأخبار
'انتفاضة لبنان' عجزت حتى تاريخه عن تقديم البديل؟.
'انتفاضة لبنان' عجزت حتى تاريخه عن تقديم البديل؟.
المصدر : الإتجاه
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٦ تشرين أول ٢٠٢٤

شكّلت "الانتفاضة الشعبية" التي انطلقت في لبنان بتاريخ 17 \10 \ 2019 بارقة امل اضاءت ليل اللبنانيين الطويل , كانت محاولة لاخراج لبنان من النفق الذي ادخلته فيه الطبقة السياسية الحاكمة منذ اكثر من 30 عاما ...

هذه "الانتفاضة" تألقت في بدايتها بجيل الشباب الذي امتشق اهدافها وتمكن من كسر المحظور وخرج من اطار المحميات السياسية والمناطقية والمذهبية ..وتوهجت بالشعارات الكثيرة والمضامين الكبيرة التي رفعتها في ساحات لبنان لاعادة بناء وطن لا فساد فيه ولا مفسدين , لا رشاوي ولا مرتشين , لا محاصصة ولا ازلام ولا محاسيب , وطن العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص , وطن لا نهب ولا سرقة للمال العام.. وطن فيه سلطة القضاء العادل حيث يسود القانون والنظام ..الى اخر الشعارات

تعلّق الشعب اللبناني في مجمله بهذه الانتفاضة التي وعدته بانقاذ البلد وفرض التغيير واقرار الاصلاحات وتحقيق كل المطالب وفي طليعتها تخليص لبنان من تلك الطبقة السياسية التي حكمته واغرقته بالديون والفساد وغيرها من مطالب ..

وهذه الانتفاضة في بدايتها اربكت السلطة في لبنان التي كانت مستعدة لتقديم تنازلات في اكثر من اتجاه , واعادت الحياة الى الحركة السياسية الغير تقليدية حيث انبرى جيل الشباب الى صياغة شعاراتها , كما ساهمت بشكل او باخر باستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري , وكان وهجها طاغ في كل اروقة الدولة اللبنانية , وكيانها السياسي .. ولو تمكنت من توحيد اهدافها والاتفاق على مجلس قيادة مع البرنامج السياسي للاصلاح اوحتى على قانون انتخابي لكانت انتزعت من هذه السلطة المزيد من المكتسبات وحققت الكثير من طموحات واماني واحلام الشعب اللبناني .

...ولكن بعد مرور عام على "الانتفاضة" (17 \10 \ 2019 - 17 \ 10 \ 2020 ) وفي الذكرى السنوية الاولى على ولادتها واضاءتها ل"شعلة الانتفاضة" قرب موقع انفجار مرفأ بيروت... لا بد من قراءة تقيمية حول ما حققته وما فشلت في انجازه من وعود اطلقتها فعلى سبيل المثال :

لم تتمكن من وضع خطة متكاملة لبرنامج اصلاح سياسي للنظام في لبنان , ولم تتوصل الى صياغة مشروع اجتماعي موحد وبالاولويات المطلوب تحقيقها.. وحتى ان القوى السياسية الوازنة والاحزاب التاريخية بما تملك من قدرات , لم تستطع لعب دور فاعل في الانتفاضة وجمعها وتوحيد اهدافها والتوافق على آليات التغيير والاصلاحات المنشودة. .. ولم تتمكن من تشكيل قيادة ومجلس قيادة لهذه "الانتفاضة" وتوحيد الساحات والاهداف بين سائر المجموعات الناطقة باسمها؟..
كما انها لم تتمكن من الاتفاق على صياغة قانون انتخابي , ووفق اي دائرة , وبقي لكل طرف و"جماعة" ومجموعة و"ساحة" القانون الانتخابي الخاص بهم ؟.
لم تتمكن الانتفاضة ولم تتوافق فيما بينها على طرح اسم محدد لرئاسة الحكومة بالرغم من الفشل والارباك والعجز الذي تعاني منه السلطة السياسية في هذا المجال والنظام السياسي بشكل عام ؟.

ومما لا شك فيه ان جائحة "كورونا" اثرت سلبا في موضع التحشيد الشعبي للانتفاضة .. لكن بالاجمال فان الناس وبعد مرور عدة اشهر على انطلاقتها انسحبت من الشوارع والساحات وغادرتها واغلبية "مجموعات" الانتفاضة تقر وتعترف بان زخم الانتفاضة بعد عام على انطلاقها لم يعد كما كان في السابق لدرجة ان بريقها قد خفت وضمر تألقها ولم تعد تملك ذات الزخم والوهج؟, وراحت تتكاثر وتتوالد "الجمعيات" و"المجموعات" الاحادية باسم "الانتفاضة" ووصل عددها الى المئات, واضحت حبيسة شعارات عامة وليس اكثر ... مما اثر سلبا على تنظيم صفوفها او حتى اعلان التعبئة العامة في البيئات الشعبية الحاضنة لها ..

في المقابل وبعد عام من انطلاقتها.. ترهل النظام السياسي في لبنان اكثر فاكثر وتخبط اهله فيما بينهم لدرجة انعكست على اسس النظام السياسي , وعلى "اتفاق الطائف" الذي فقد صلاحياته وبات من الماضي بالنسبة للكثيرين ..ولبنان بات دولة فاشلة بكل المعاني والمقاييس وتحول الى بلد مفلس , والدولار وصل الى عتبة العشرة الاف ليرة والبطالة تفشت والدواء مفقود والمحروقات كذلك, وهاجس الناس وخشيتهم وخوفهم من الغد , من الفقر والجوع القادم الذي ينتظرهم في بلدهم ..

.. وهنا بيت القصيد, فبدل ان تتحول الانتفاضة الى يوميات شعبية "وعاميات" مدوية في كل ارجاء الوطن .. تشرذمت اكثر فاكثر, وبالرغم من تشكيلها لحظة انطلاقتها بارقة الامل الوحيدة لبناء وطن يحلم فيه ابناؤه .. والمخلّص لما حلّ بلبنان من نكبات ومصائب سياسية واجتماعية واخرها انفجار المرفا.. فان تحركات الانتفاضة في الشارع كانت ظرفية وآنية وتبعا لاجندات ودعوات من "مجموعات" خاصة فيها , وبناء لشعارات تبث على شاشات التلفزة على شكل اعلانات؟.. وتحركاتها باتت وفقا لاي حدث و ردا على فعل ولم تعد هي الحدث ؟ .. وحتى ان تحركاتها الاخيرة غالبا ما كانت تنتهي الى فوضى وما شابه ..

في بداية الانتفاضة استقال الرئيس سعد الحريري ... وبعد عام على انطلاقتها يعود الحريري كمرشح طبيعي لرئاسة الحكومة؟..

في النهاية ما حصل قد حصل .. انها مجرد "جردة" تظهر ما تحقق من الشعارات, واسباب الفشل والعجز عن تقديم البديل, وعدم تحقيق ما حلم به الشعب اللبناني .


عودة الى الصفحة الرئيسية