إختر من الأقسام
آخر الأخبار
رسالة صيداوية: الحجْر من دون مساعدات إعدام جماعي
رسالة صيداوية: الحجْر من دون مساعدات إعدام جماعي
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٦ كانون ثاني ٢٠٢٤

يجول محمد ابريق في شوارع مدينة صيدا كلّ يوم بحثاً عن قوت يومه، يبيع الحلو ولكنّه يعيش المرّ في ظلّ الحجر المنزلي والاقفال العام، يجرّ عربة نقّالة على عجلتين وقد علّق عليها أكياساً من "غزل البنات" الملوّن، ينادي بصوته الجهوري لجذب انتباه الأطفال في منازلهم، علّهم يشترون منه ما يسدّ به رمق عائلته المؤلّفة من زوجة وستة اولاد.

يقول ابريق لـ"نداء الوطن": "الحياة صعبة والضائقة الاقتصادية خانقة، لقد انعكست على كلّ الناس، أعيش كلّ يوم بيومه، ولا استطيع الجلوس في المنزل. أبيع أكياس "غزل البنات" التي تتميّز بمذاقها الطيب وألوانها الجميلة"، مشيراً الى انّ هذه الحلوى مشهورة في المدينة يعشقها الأطفال وتعرف باسم "شعر البنات" أو حلوى "القطن" وهي مكوّنة من ماء، سكر، شراب الذرة الحلو، صبغة، رشّة ملح صغيرة، ويتمّ استخدام آلة خاصة عبارة عن قالب معدني سريع يتمّ خلط المواد فيه، نافثاً خيوطاً هشّة طريّة بعدما يتحوّل فيه السكر والصبغة الوردية على الأطراف لتتجمّع في ما بعد وتكوّن الغزل بألوان مختلفة.

ويؤكّد أنه بالرغم من الغلاء وارتفاع أسعار كلّ البضائع، ما زلت أبيع الكيس الواحد بألف ليرة لبنانية فقط كما كان سابقاً، علماً أنّ كيلو السكر ارتفع سعره وأكياس النايلون، كنت أشتريها بأربعة آلاف أصبحت اليوم بستة عشر ألفاً، أدرك أنّ كثيراً من الناس غير قادرين على شراء الحلوى اليوم حتّى غزل البنات لأطفالهم، باتت من آخر الكماليات، لذلك حافظت على سعره، لادخال الفرح الى قلوبهم وتأمين مصروف يومي".

حال الفقر في المدينة مع تمديد حظر التجوّل دفع بالعشرات من ناشطي حراك صيدا الى النزول الى الشارع، بالرغم من الخشية من تفشّي فيروس "كورونا"، انفجر الفقر غضباً وقد يتمدّد الى باقي الساحات، رفضوا تمديد الاقفال اذا لم تبادر الدولة الى تقديم مساعدات اغاثية أو مالية، لأنّ غالبية الصيداويين يعيشون بمداخيل يومية وترزح تحت وطأة أوضاع اقتصادية ومعيشية ضاغطة لا يمكنها من الصمود في منازلها في ظلّ الجائحة.

وعلى وقع هتافات الغضب، انطلق الناشطون من ساحة الثورة عند "تقاطع ايليا"، بمسيرة في شوارع وأحياء "الستّ نفيسة، دلاعة والزهور"، وصولاً الى السراي الحكومي، ونظّموا وقفة احتجاج وسط اجراءات للقوى الامنية والالتزام بالاجراءات الوقائية، وقال الناشط سهيل الصوص: "نحن ثوار صيدا اضطررنا للنزول الى الشارع بعدما جاع الناس واستشرى الفساد، وارتفع الدولار الاميركي وطارت الأسعار، متسائلاً أين السلّة الغذائية، لقد سُرقت ولا نعرف من يستفيد منها؟" مشيراً الى أنّ "الحجر سيقتل الناس، واذا ارادوا الحجر يجب عليهم تأمين قوت اليوم، لا نريد أموالاً بل طعاماً لنبقى على قيد الحياة". وقال الناشط محمد البابا في رسالة الى محافظ الجنوب منصور ضو: "جئنا حاملين همّ الوباء والإبتلاء، لقد نبّهنا سابقاً الى أنّ تمديد الحجر المنزلي والذي سيطول لعشرات الأيام وربّما الى أشهر من دون تأمين مقوّمات الحياة الأساسية من حليب الأطفال وغذاء ودواء والحاجات المنزلية الضرورية، سيكون بمثابة إعلان إعدام جماعي لأكثرية الشعب اللبناني الذي أصبح يعيش بخبزه اليومي. الخزينة منهوبة والودائع تبخّرت وجراد الفساد أكل الأخضر واليابس، والمواد الأساسية المدعومة من أموال ضرائبنا أصبحت إمّا خارج الحدود أو في مستودعات المافيات التي تنهش في أجسادنا وأرواحنا ولن تشبع. ولم يعد السكوت ممكناً على من هم في مواقع المسؤولية اللامسؤولين، وسنعمل على محاسبة ومحاكمة كلّ المتقاعسين والمستهترين، ونرفض أن نموت من المرض أو الجوع أو الإهمال، بينما هم ينعمون بالمليارات التي سرقت من أموالنا وضرائبنا".


عودة الى الصفحة الرئيسية