الأسير سبور أمام أبو غيدا: نعم.. أشرفتُ على معارك بحنين
قليلةٌ هي المعلومات الآتية من خلف باب مكتب قاضي التحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا. خلف الحيطان الأربعة كان الثلاثة في الداخل: «الريّس» والموقوف أحمد الأسير ووكيل الدفاع عنه المحامي عبد البديع عاكوم، فيما كانت الإجراءات الأمنيّة داخل المحكمة العسكريّة، أمس، فوق العادة، فمُنع أي كان من دخولها أثناء التحقيق معه، وحتى أن المحامين منعوا من الدخول والخروج من وإلى غرفة النقابة أثناء اقتياد الأسير إلى مكتب أبو غيدا.
صباحاً، أحضرت القوى الأمنيّة الموقوف ببنطال وتي شيرت ملوّنة وأدخلته إلى مكتب أبو غيدا
بعد أن نزعت أصفاده. لم يتغيّر شكل الأسير كثيراً عن الصورة التي سرّبت عند إلقاء القبض عليه في المطار، سوى أن ذقنه نبتت قليلاً ولم يعمد إلى حلقها منذ أيّام قليلة.
بقي الأسير لأكثر من ساعة ونصف الساعة يروي ما جرى معه منذ تركه عبرا وتوجّهه إلى بحنين، ثمّ عودته إلى صيدا. من استمع إلى إفادته، أمس، أكّد أنّ الرّجل كان متماسكاً وأن ذهنه حاضر ليعترف بكلّ ما جرى بشأن الملفّ الذي تمّ استجوابه فيه، أي الملف المتفرع عن معركة بحنين التي أكّد فيها خالد المحمّد المعروف بخالد حبلص تورّط «صديقه الصيداوي» ورجاله في الاشتباك مع الجيش.
لم يتراجع صاحب «اعتصام الكرامة» عن إفادته الأوليّة التي أدلى بها أثناء التحقيق معه من قبل مخابرات الجيش في وزارة الدفاع، بل بقي على الأمور الجوهريّة في إفادته الاستنطاقيّة (عند قاضي التحقيق) وأنكر بعض المسائل التفصيليّة التي لا تؤثّر في التحقيق بشكلٍ عام.
روى بالتفصيل المملّ أنّه أعطى المال إلى حبلص لتمويل الجماعات المسلّحة (التي شاركت في المعارك) وتهريب الأسلحة إلى المنطقة سابقاً. كما أكّد، وفق مصادر متابعة، أنّه كان في بحنين خلال اندلاع المعارك مع الجيش والتي تابعها خطوة بخطوة من دون أن ينزل على الأرض، حيث تولى المسلحون المقربون منه (أمثال أبو خالد النقوزي) هذه المهمّة، فيما كان المطلوب شادي المولوي هو فعلياً الصاعق الذي أشعل هذه الاشتباكات. وبعد أن مني المسلحون المقربون منه ومن حبلص بالخسارة الكبرى إثر دخول بحنين، غادر الأسير إلى طرابلس حيث تنقّل فيها، ومنها عاد إلى صيدا.
وبعد أن انتهى التحقيق وأصدر أبو غيدا مذكرة توقيف وجاهية في حقّه سنداً إلى مواد الادعاء التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، أعادت القوى الأمنيّة الأسير من حيث جيء به، على أن يستكمل التحقيق معه من قبل أبو غيدا الذي لم يحدّد موعد الجلسة المقبلة بعد، فيما يعتقد أن تكون الجلسة التالية بعد حوالي الـ10 أيّام، على اعتبار أن قاضي التحقيق العسكري الأوّل مرتبط بزيارة عمل إلى الخارج مع عدد من القضاة، ليعود أواخر الأسبوع المقبل.
ويبدو واضحاً أن جميع المطلعين على الملفّ داخل «العسكريّة» يرفضون خرق سريّة التحقيق الذي أجري مع الأسير وموقوفَين آخرَين، هما خالد أُزعر وحسام الرفاعي، اللذان أخلى أبو غيدا سبيلهما، وهما المدّعى عليهما بجنحة لا جناية، إذ إنّ الأسير استخدم سيارة الأُزعر، فيما الثاني أقلّ الأسير من مكانٍ إلى آخر، على أن يحضرا في جلسات الاستجواب اللاحقة أمام الهيئة الدائمة لـ «العسكرية».
أما محامي الأسير عبد البديع عاكوم فيعتصم هو الآخر بالصمت، رافضاً الإفصاح عما اعترف به الأسير أو لم يعترف به، ومكتفياً بالقول إنّ معظم ما يتمّ تداوله في الإعلام بشأن التحقيقات مع الأسير «عارٍ من الصّحة»، مشيراً إلى أنّ الأسير لم يعترف أنّه شارك في معارك بحنين بل أكّد أنّه فرّ عند وقوعها.
ولفت الانتباه في حديثه لـ «السفير» إلى أنّ موكلّه «دفع مبلغاً من المال إلى حبلص، ولكن ليس لتمويل المعارك أو الإتيان بالسلاح»، رافضاً الإفصاح عن سبب إعطاء المال إلى حبلص. كما شدّد عاكوم على أنّ التحقيق بشكلٍ عام ركّز على مسار الأسير من صيدا إلى بحنين، ومن ثمّ عودته إلى صيدا.