من الحفلات ومليارات الدولارات إلى الحرب وخسائرها؟
في الوقت الذي يتوالى فيه إعلان شركات الطيران العلمية عن تعليق رحلاتها إلى لبنان، يسارع اللبنانيون المغتربون والموجودون في بيروت منذ مطلع الصيف الحالي، إلى المغادرة خوفاً من أي طارىء أمني "متوقع"، وقد يحصل في أي لحظة.
ومع ارتفاع أعداد المغادرين وتأجيل مئات الرحلات المتوقعة مع مطلع آب، بسبب قرع طبول الحرب، تتراجع التوقعات المستندة إلى موسم اصطياف "منتج وتتجاوز إيراداته الخمسة مليارات".
وما من شك بأنه وقبل الغارة على الضاحية، كان واضحاً أن نسبة الحركة السياحية كانت متدنية بالمقارنة مع النسبة المسجلة في موسم الصيف الماضي، إذ يعتبر الباحث الإقتصادي والمحلل أنطوان فرح، أن احتمالات التصعيد الأمني لم تغب يوماً، وشبح الحرب يهدد لبنان منذ تشرين الأول الماضي، وقد أظهرت إحصاءات المؤسسات السياحية بأن إيرادات الموسم الحالي، أقلّ وبنسبة 25 بالمئة من إيرادات الموسم الماضي.
ويشير المحلل فرح في حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، إلى أنه خلال الصيف الماضي سُجل وجود سياح أجانب في لبنان بينما خلال الصيف الحالي، كان غالبية السياح من اللبنانيين الذين يعملون في الخارج، موضحاً أنه بعد ضربة الضاحية تغير المشهد وبات الواقع السياحي متصلاً بما سيحصل في الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق، يتحدث فرح عن أن شهر آب وهو "شهر القمة" بالنسبة لموسم الصيف والسياحة، يشهد تراجعاً في حركة وصول الوافدين من اللبنانيين ومغادرةً مبكرة للموجودين في لبنان وسط الأجواء المتوترة، فيما يقوم البعض بإلغاء وتعديل مواعيد الوصول إلى البلد.
ومن الثابت، وفق فرح، أن "الضرر قد وقع" وذلك بمعزل عمّا سيحصل أمنياً، وعدد القادمين سيتراجع والخسائر التي سيتكبدها لبنان وخصوصاً في قطاع الترفيه، الذي كان قد نظم الحفلات في لبنان ومعظمها مبرمج في منتصف آب الجاري، حيث أن هذه الحفلات باتت في دائرة الخطر، ما سيرتّب خسائر كبرى على هذا القطاع وبالتالي تراجع عائدات السياحة وخسارة لبنان لجزءٍ من منسوب الدولارات التي كانت متوقعة.
وعن الإنعكاسات الأولية للتطورات الأمنية، يؤكد فرح أنه مع أجواء الحرب، فإن المشهد الإقتصادي قد انقلب رأساً على عقب وانتقل من المشهد السياحي إلى مشهد الحرب، بحيث بات التركيز والمتابعة على تحديد المخزون من المواد الإستراتيجية من محروقات وأدوية، ويقول: "أصبحنا في اقتصاد حرب بعدما كنا في اقتصاد سياحي وبتنا نتجه إلى مكان آخر، إنما يبقى الأمر مرتبطاً بالإتجاه الذي ستتطور فيه الأمور لجهة التصعيد المحدود أو الحرب الشاملة أو الضربات التي تمهد لوقف الحرب، وبالتالي فإن أي تطور سلبي أو إيجابي سينعكس بسرعة إقتصادياً، ولكن حتى اليوم انتقلنا من اقتصاد السياحة وإحصاء الإيرادات الممكنة إلى اقتصاد الحرب وترقب الخسائر التي يمكن أن تقع".
وعن حجم الخسائر الإقتصادية السريعة والأولية الناتجة عن التصعيد الأخير، يتحدث فرح عن التراجع في عدد الوافدين إلى بيروت، والخسائر الناجمة عن إلغاء الحفلات الفنية والحجوزات في الفنادق، والخسائر في قطاع المطاعم وشركات تأجير السيارات، بالإضافة إلى المناخ المتوتر والحرب النفسية، بحيث ستتراجع حركة الإقتصاد على مستوى اللبنانيين في الداخل وليس القادمين من الخارج أو المغتربين، لأن التركيز سيكون فقط على الأساسيات ما سيؤثر على مجمل القطاعات الإقتصادية.
وبالأرقام، يشير فرح إلى أن التقديرات في العام الماضي لموسم الصيف قد وصلت تراوحت ما بين 5 و6 مليار دولار كإيرادات مالية، بينما في العام الحالي فإن التقديرات تشير إلى خسائر تتراوح ما بين 3 و4 مليار دولار، بمعنى أن إيرادات الموسم الحالي لن تتجاوز مستوى الملياري دولار فقط.