اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

الانتخابات البلديّة "تمرين" لـ"النيابية"... وتحدّيان كبيران

صيدا اون لاين

لم يَسْبِقْ لاستحقاقٍ انتخابي في لبنان، أن جرى لا في كَنَفِ «فوهات مدافع» مُصَوَّبةٍ على أجزاء من البلاد و«أنوف طائرات» (حربية ومسيّرات) تحوم على مدار الساعة فوق أجزاء أخرى مستطلعةً غالباً و«مُسَدِّدَة» ضربات أحياناً، ولا على وهج ارتداداتٍ متدحرجةٍ لأحداث مزلزلة تشهدها المنطقة التي تتشكّل من جديد ومن رَحَمِ بركانٍ متفجّر «جرفتْ» حِمَمُه نظام بشار الأسد في سوريا بعدما بدتْ نتائج «حرب لبنان الثالثة» والخسائر التي تَعَرّضَ لها «حزب الله» وكأنها نزعتْ «حزام الأمان» عنه.

ففي وقت تنطلق اليوم الجولةُ الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، حيث دُعي نحو 900 ألف ناخب إلى الاقتراع والاختيار بين نحو 7250 مرشحاً ومرشحة في 333 مجلساً بلدياً، على أن تُستكمل المراحل الثلاث الباقية أسبوعياً في الشمال (وعكار) ثم بيروت والبقاع (وبعلبك - الهرمل) فالجنوب (والنبطية)، بدا اللبنانيون مشدودين إلى «مثلّث» غير مسبوقٍ يَحْكُمُ هذا الاستحقاق المؤجَّل منذ 3 أعوام، ويطغى على إثنين من أضلاعه البُعْدُ الأمني الذي يتشابك بقوةٍ هذه المرة مع المغزى السياسي لِما ستفرزه صناديق الاقتراع تباعاً.

ووفق هذا المثلث يمكن التوقف عند الآتي:

- أن الانتخابات البلدية التي لطالما اعتُبرت امتحاناً شعبياً للقوى والاحزاب الوازنة تأتي في 2025 بـ «حمولة سياسية» أعلى على مستوى نتائجها وكيفية قراءتها وإسقاطها على أوزانِ طرفيْن رئيسييْن:

أولهما «التيار الوطني الحر» في المقلب المسيحي الذي ينخرط في الاستحقاقَ وهو مثخَنٌ بندوبِ معارك خاضها وخيضت ضدّه على امتداد عهد مؤسسه الرئيس ميشال عون (بين 2016 و2022) ووسّعت دائرة خصوماته وصولاً إلى «هجرةِ» وجوه «مؤسِّسة» عنه من نواب بارزين وهو ما يجعله واقعياً «بين ناريْن» انتخابياً ويواجه رغبةَ «المنشقّين» في تَظهير حيثيتهم الشعبية «الصافية» و«سحْب» المزيد من المؤيّدين الى «معسكرهم»، وإصرارَ خصومه المسيحيين على تسديد ما يَعتقدون أنه «ضربةً قاصمةً» له عبر قضْم مراكز نفوذه البلدية بما يتيح «التحكم والسيطرة» باتحادات البلديات (مثل المتن الشمالي خصوصاً في جولة اليوم)، وسط تركُّز الأنظار على بلدياتِ بعيْنها في جبل لبنان مثل جونية.

والطرف الثاني «حزب الله» الذي تشكّل الانتخابات البلدية استفتاءً لشعبيته وأيضاً حول سلاحه، باعتبار أن هذا الاستحقاق يَجْري في أعقاب حرب لبنان الثالثة التي لم تَنتهِ بعد وعلى وقع وضْع ملف سلاحه ووجوب سَحْبه على الطاولة، خارجياً والأهمّ داخلياً، من ضمن مسارٍ يقوده الرئيس جوزف عون وحكومة الرئيس نواف سلام ويبدو غير قابلٍ لأي تراجُعاتٍ رغم معاندة الحزب له، ناهيك عن أن «بلديات 2025» تقام فوق ركام عشرات آلاف المنازل (تضررت كلياً أو جزئياً) في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت والتي يصطدم بدء إعادة إعمارها بـ «تَوازٍ» حُكْمي بات قائماً بين بت مسألة السلاح وبين توفير تمويل لهذه الورشة (قُدرت خسائر قطاع الإسكان بنحو 4.6 مليار دولار) بما يضمن أن لا يتكرّر الدمار (عبر زج لبنان في حروب) وأن تكون الحرب انتهت «لمرة واحدة ونهائية».

وفي هذا البُعد السياسي، يتم التعاطي مع الانتخابات البلدية، ورغم طغيان العوامل العائلية والمحلّية فيها على الحزبية أو أقله تشابُكها معها، على أنها ستكون بمثابة «تمرين» للانتخابات النيابية بعد سنة، وخصوصاً أن البلديات هي ركيزة «البنية التحتية» على المستوى «البناء» الشعبي نظراً لدورها الخدماتي الذي يجعلها تلقائياً أشبه بـ «مفاتيح» انتخابية، وهو ما يفسّر التحفّز الحزبي على خوضها بـ «كامل الثقل» وأحياناً بتحالفاتٍ «عكس الطبيعة» وموْضعية تبعاً لـ «الهدف» المراد إقصاؤه، وإن كان ما ستفرزه الصناديق لن يشكّل بالضرورة مؤشراً لِما قد ترسو عليه «نيابية 2026» نتائج وتحالفاتٍ وخصوصاً أن الاستحقاقيْن محكوميْن بقانونيْن مختلفين جوهرياً، البلدية على الأكثري والنيابية على النسبي.

انتخاباتٌ بلا «ضمانات أمنية»

وفي الضلعين الأمنيين من الاستحقاق البلدي يبرز بالتوازي تحديان:

أوّلهما وهو «الموروث» من حرب الـ 65 يوماً المدمّرة، ويشكّله استمرار اسرائيل في اعتداءاتها اليومية التي طوّرتْها منذ إطلاق صواريخ على شمالها مرتين في مارس الماضي عبر إعادة الضاحية الجنوبية إلى مرمى النار بالغارات والاغتيالات، بحجة أن لبنان لم يطبّق بعد الشق المتعلق بسلاح حزب الله شمال الليطاني وفق تفسيرها لاتفاق وقف النار (27 تشرين الثاني) و«شموليّته» لجهة سحبه على كل الأراضي اللبنانية.

من هنا يسود الترقّب لأي مفاجآتٍ قد تخبئها إسرائيل لليوم الانتخابي الأول خصوصاً في الضاحية، هي التي كررت أمس، غاراتها مستهدفة سيارة في جنوب لبنان وسط تحليق لطيرانها الحربي لم يوفّر العاصمة وجبل لبنان، وذلك بعدما سعت بيروت في الأيام الماضية للحصول على ضماناتٍ خارجية بألّا تقوم تل أبيب بما يعكّر أمن هذا الاستحقاق ويؤثّر تالياً في مساره ونتائجه، علماً أن «انتخابات فوق الأنقاض»، خصوصاً في الجنوب (موعدها في 24 أيار) تواجه في ذاتها صعوبات لوجستية يتم احتواؤها.

وفي الإطار، طمأن وزير الداخلية أحمد الحجار إلى أن الجاهزية تامّة في كل المناطق اللبنانية، لكنه لفت إلى استمرار المخاوف من الاستهدافات الإسرائيلية، مؤكداً في الوقت نفسه «ألا ضمانات من العدو الإسرائيلي، إنما القرار اللبناني السيادي هو الذي يحكم مسار العملية».

تحوُّط من نار سوريا

والتحدي الأمني الثاني، «حديثٌ» وفَرَضَ نفسَه كأحد التداعيات الخطيرة للأحداث الدموية في سوريا وتحديداً في جرمانا وأشرفية صحنايا والتي وجد لبنان نفسه منكشفاً عليها في ضوء العامل المذهبي الذي يشكّله الحضور الدرزي في «بلاد الأرز».

ولم يكن عابراً أن الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للدفاع اللبناني في عهد الرئيس جوزاف عون وبرئاسته الذي عُقد الجمعة تطرق إلى الأحداث الأمنية التي تجري في سوريا حيث شدد الرئيس على «ضرورة ضبط أي ارتدادات قد تنعكس سلباً على مناخ الاستقرار الداخلي في لبنان من جهة وعلى أزمة النازحين السوريين من جهة أخرى»، بعدما كان سُجل احتقانٌ في مناطق ذات غالبية درزية أثار مَخاوف من ردات فعل تجاه نازحين من سوريا أو بيئات أخرى في لبنان.

وهذه الخشية حضرت في كلمة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، خلال لقاء دعا إليه عدداً من السفراء العرب وسفير تركيا في دار الطائفة في فردان - بيروت، بهدف شرح الموقف من الاحداث في سورية ونقل هواجس الطائفة وتأكيد «ضرورة احتضان مطالبها ورعاية التفاهمات التي تم التوصل اليها لتدارك الامتداد الى لبنان».وأمل شيخ العقل «التدخل السريع والدائم والجدّي، لضبط الوضع في سوريا، كي لا ينعكس على الدول المجاورة ولبنان بالتحديد، وقد عملنا بالأمس على تهدئة الناس، كي لا تحصل ردّات فعل بين أبنائنا الموحدين الدروز واخواننا السوريين الموجودين في لبنان واخواننا السنة وغيرهم، ولا نريد الوقوع بالفوضى».

تم نسخ الرابط