بادرة «حمساوية» تجاه ترامب... مفاوضات غزّة: تسابق لإحداث اختراق

في ظلّ اقتراب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى المنطقة، تسارعت وتيرة التحركات السياسية للدفع قدماً بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مؤشرات متضاربة تعكس تصاعد الضغوط من جهة، وتزايد الرهانات على التفاهمات المحتملة من جهة أخرى. وفي خضمّ هذه الأجواء، أعلن رئيس حركة «حماس» في غزة، خليل الحية، أمس، نية الحركة «إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي - الأميركي المزدوج الجنسية عيدان ألكسندر، ضمن الخطوات المبذولة لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات والإغاثة لأهلنا وشعبنا في قطاع غزة»، وذلك في إطار اتصالات تكثّفت خلال الأيام الماضية، بين «حماس» والوسطاء والإدارة الأميركية.
ومن المتوقّع أن يتمّ إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي غداً، من دون الإفراج عن أسرى فلسطينيين في المقابل، لكن بوجود تعهّد أميركي بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف مؤقّت غير معلوم المدة لإطلاق النار، يُرجّح أن يكون خلال يوم الإطلاق، بما يمكن أن يمهّد لصفقة تبادل أوسع وإنهاء كامل للحرب.
وفيما من المتوقّع أن يصل المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، إلى تل أبيب اليوم، حيث سيلتقي مسؤولين كباراً في الكيان، ويبحث معهم ترتيبات تلك الصفقة المنشودة، أصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بياناً تعقيباً على إعلان «حماس»، أكّد فيه أنه «لن يكون هناك أي ثمن مقابل إطلاق عيدان ألكسندر»، وأن الإدارة الأميركية أبلغت تل أبيب بأن هذه الخطوة من شأنها تسهيل الوصول إلى اتفاق وفق مقترح ويتكوف.
وكانت صحيفة «معاريف» نقلت عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن «إطلاق سراح عيدان ألكسندر لا يُغلق الباب أمام إمكانية التوصل إلى صفقة أسرى جزئية»، في حين اعتبرت «القناة 12» العبرية أنه بهذا «الاتفاق المباشر وغير المسبوق بين حماس والإدارة الأميركية، لم يكتفِ ترامب بصفع نتنياهو فحسب، بل منح حماس شرعية وانتصاراً لا مثيل لهما منذ بداية الحرب». واعتبر مراسل موقع «أكسيوس»، باراك رافيد، بدوره، أن «صفقة إطلاق سراح عيدان ألكسندر تُعدّ إنجازاً كبيراً للرئيس ترامب ومبعوثه ويتكوف، وفشلاً ذريعاً لنتنياهو، وديرمر، والكابينت».
وبصورة أعمّ، تؤكد مصادر مصرية مطّلعة أن «الضغط الأميركي لإرساء هدنة مؤقتة يبدو أكثر فعالية اليوم من أي وقت مضى، بالرغم من الخطط الإسرائيلية المعلنة لتوسيع نطاق العمليات في غزة». ووفق ما كشفه مسؤول مصري مشارك في تلك الاتصالات لـ«الأخبار»، فإن واشنطن باتت ترى أن استمرار الحرب وتوسيع العمليات العسكرية يمثّلان «إضاعة للوقت»، في ظل تعذّر الحسم، وتعاظم الأخطار على حياة الأسرى، وتصاعد التوتر الإقليمي.
وأضاف المصدر أن «الاتصالات الجارية مع حركة حماس حملت مؤشرات انفتاح على التصورات الأميركية الرامية إلى وقف إطلاق النار خلال وقت قريب». وفي السياق نفسه، أشار مسؤولون أميركيون، بحسب مصادر مطّلعة، إلى أن الهدنة المرتقبة تمثّل «فرصة لتحقيق الأهداف عبر التفاوض»، ولا سيما في ما يخصّ استعادة الأسرى
ويأتي ذلك في وقت يجري فيه ويتكوف محادثات مع كل من قطر ومصر و»حماس» وإسرائيل، بشأن «صفقة تبادل جزئية»، وفق ما نقل مراسل موقع «أكسيوس». وفي التفاصيل، ذكرت «القناة 12» العبرية أن المبعوث الأميركي اقترح عبر الوسطاء إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين، مقابل وقف للقتال لمدة تصل إلى 70 يوماً، على أن يتم خلال هذه الفترة التفاوض على صفقة نهائية. وكان ويتكوف أكّد خلال لقائه مع عائلات المحتجزين، أن «التوصل إلى اتفاق في غزة بات ضرورة»، قائلاً: «نريد إعادة المختطفين، لكنّ إسرائيل ليست مستعدة لإنهاء الحرب رغم أنها لا تحقق تقدماً، ويجب التوصّل إلى اتفاق».
وفي الإطار نفسه، نقل الصحافي إميل يرحي، عبر قناة «i24»، عن نتنياهو قوله، في جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست: «لا أستبعد إمكانية أن تطلق حماس سراح الجندي عيدان ألكسندر». وفي التصريحات عينها، أشار نتنياهو إلى علاقته الوثيقة مع ترامب، قائلاً: «أنا وترامب نتحدّث كل بضعة أيام. قال هو بنفسه إننا نرى الشيء نفسه، ولذلك لا أعتقد بأنكم ستسمعون عن دولة فلسطينية». وأضاف أن «إسرائيل لم تطلب الإذن من واشنطن لمهاجمة الحوثيين، ولا تطلب إذناً لمخططاتها الحربية في غزة».
وتابع: «نحن نواصل تدمير المزيد من المنازل في قطاع غزة، والنتيجة الوحيدة المتوقّعة هي أن يرغب سكان غزة في الهجرة خارج القطاع، لكن المشكلة تكمن في الدول المستعدّة لاستقبالهم». وفي موقف لافت، أعلن نتنياهو أن «إسرائيل تدعم توجّه ويتكوف، ولكن قد تُطرح صفقة أخرى تتضمّن عدداً أقل من الأسرى وبثمن أقل». ووفق مصادر إسرائيلية تحدّثت إلى «القناة 12»، فإن «اليومين المقبلين حاسمان بالنسبة إلى المفاوضات، وإذا لم يتحقق خلالهما أي تقدّم، فإن العملية العسكرية في غزة ستُطلق فور مغادرة ترامب المنطقة».
وفي وقت يستمر فيه الحديث عن محادثات مباشرة بين «حماس» وممثلين أميركيين في الدوحة، أكّدت «القناة 12» أن «خطة توسيع العمليات العسكرية مُعدّة مسبقاً، ويمكن تفعيلها في أي لحظة إذا لم تُفضِ المحادثات إلى اتفاق». وأفادت القناة بأن المجلس الوزاري المصغّر «الكابينت» انعقد أمس لبحث خيار المضي في صفقة تبادل، أو العودة إلى العمليات الواسعة، ما يعكس حجم الرهانات الموضوعة على الساعات القليلة المقبلة، في انتظار نتائج الضغوط الأميركية، واحتمالات تبدّل الحسابات مع زيارة ترامب المرتقبة.