اللائحة «المستقبلية» تفوز برئاسة بلدية عاصمة جنوب لبنان

سجلت المنازلة البلدية (المحلية) في صيدا، عاصمة جنوب لبنان، في اختتام المرحلة الرابعة والأخيرة لانتخاب المجالس البلدية والاختيارية، فوز لائحة «سوا لصيدا» برئاسة العضو البلدي الحالي مصطفى حجازي بـ11 عضواً من مجموع أعضاء المجلس البلدي المؤلف من 21 عضواً.
واللائحة التي فازت بأكثرية أعضاء المجلس، مدعومة من مجموعة تدور في فلك «الحريرية السياسية»، إذ كان للنائبة السابقة بهية الحريري، ونجلها أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري، دور في رفع منسوب التأييد لها في الشارع الصيداوي، خلال منافستها للائحتي «نبض صيدا» برئاسة محمد دندشلي، المدعومة من النائب أسامة سعد، و«صيدا بدها ونحن قدا» التي حظيت برعاية النائب عبد الرحمن البزري.
وبفوز لائحة «سوا لصيدا» يعني أن رئيسها حجازي ضمن انتخابه رئيساً للمجلس البلدي، ولم يعد بحاجة لعقد تفاهم مع واحدة من لائحتي «نبض صيدا» بحصولها على 7 أعضاء، و«صيدا بدها ونحن قدا» بفوزها بثلاثة أعضاء من دون أن تتمكن من تأمين فوز رئيسها عمر مرجان الذي كان في عداد الراسبين، بينما غابت «الجماعة الإسلامية» عن المنافسة برعايتها لائحة غير مكتملة ضمت 16 مرشحاً من لون واحد، أي من السُّنة، ما أتاح لها استكمال لائحتها بتأييد مرشحين من اللائحتين المدعومتين من نائبي صيدا.
إخلال في العرف
ومع أن نسبة الاقتراع بقيت تحت سقف 38 في المائة من أصوات الناخبين، أي بتراجع 7 في المائة عن الانتخابات البلدية السابقة عام 2016، فإن نتائج الانتخابات أدت للإخلال بالعرف المعمول به بتمثيل الشيعة والمسيحيين بعضوين لكل منهما، واقتصار تمثيلهما بالتساوي بعضو واحد، وهما أحمد شعيب ويوسف طعمة اللذان فازا على لائحة حجازي.
ويبدو أن الأصوات الشيعية توزعت على اللوائح الثلاث المتنافسة، وتمايزت لائحة حجازي بعطف من حركة «أمل» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبعض العائلات الشيعية، بينما حظيت لائحتا دندشلي ومرجان بتأييد «حزب الله».
حضور نسائي
ولم يغب الحضور النسائي عن المجلس البلدي بانتخاب 3 أعضاء هن براء الحريري وإنجي عطروني المرشحتان على لائحة حجازي، والأخيرة حلت، بعد إعادة احتساب الأصوات من قبل لجنة القيد العليا، مكان آية البلولي على لائحة دندشلي، التي اقتصر التمثيل النسائي فيها على العضو الثالث إيمان بطاح.
وبإعادة احتساب الأصوات أتيح لحجازي ضمان الفوز برئاسة البلدية بعد أن تحرر من حاجته إلى تأييد عضو من خارج لائحته لانتخابه رئيساً، بعد أن تأكد فوز لائحته بنصف عدد الأعضاء زائد واحد أي 11 عضواً، بخلاف ما كان أُعلن، قبل تصحيح الخطأ وبصورة غير رسمية، بأن لائحته فازت بعشرة أعضاء، وهذا ما أمّن الأكثرية لانتخاب نائب له، إلا في حال ارتأى بأن هناك ضرورة لتوسيع رقعة المشاركة بالتحالف مع فائزين من خارج لائحته.
خلط الأوراق
لذلك، فإن النتائج التي انتهت إليها المبارزة البلدية الصيداوية، تأتي في سياق إعادة خلط الأوراق في عاصمة الجنوب، في ضوء تلميح النائبة السابقة بهية الحريري بوجود نية لدى جمهور «المستقبل» لخوض الانتخابات النيابية في ربيع 2026 بعد عزوف رئيسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن خوضها ترشحاً وانتخاباً في الدورة السابقة.
وهذا ما يكمن وراء إعادة ترتيب بيت «التيار الأزرق» في صيدا بإتمام مصالحة، سبقت المعركة البلدية، بين الحريري والمرشح السابق للانتخابات النيابية يوسف النقيب الذي خالف في حينها قرار العزوف وتحالف مع حزب «القوات اللبنانية»، وخاض وإياه السباق النيابي على لائحة واحدة عن قضاءي صيدا وجزين، لما للنقيب من دور في إعادة تشغيل الماكينة الانتخابية لـ«المستقبل» في صيدا، ومعروف عنه علاقته التاريخية بآل الحريري.
النفوذ الصيداوي
وعليه، فإن النفوذ السياسي الصيداوي، وإن كان جمهور «المستقبل» يتفوق على منافسيه، فإنه لا يزال موزعاً بدرجات متفاوتة على الثلاثي الحريري - سعد - البزري، بعد أن تعذّر على «الجماعة الإسلامية» تسجيل أي خرق في المجلس البلدي، من دون أن يعني غيابها عن السباق النيابي في دورته المقبلة، رغم أن حضورها سجل تراجعاً، بخلاف ما كانت عليه قبل أن تقرر انخراطها عسكرياً وسياسياً إلى جانب «حزب الله» في إسناده لغزة، ولم تكن مضطرة، كما يقول العارفون في الشارع الصيداوي، لاتخاذ مثل هذا الموقف الذي يخالف إلى حد ما المزاج الشعبي في المدينة، خصوصاً أنها أقدمت على خطوة غير محسوبة بتأييدها للحزب في مواجهته لإسرائيل خلّفت كلفة عالية بشرية ومادية، وهذا ما انعكس عليها بحرص بعض القوى السنيّة الفاعلة، في أكثر من دائرة انتخابية بلدية على أن تنأى بنفسها عن التحالف معها، وأن خرقها للائحة «بيروت تجمعنا» برئيس اللائحة المدعوم منها والنائب نبيل بدر، العميد المتقاعد محمود الجمل، يعود بالدرجة الأولى إلى حجم العطف غير المسبوق الذي حظي به من جمهور «المستقبل» بوصفه المنسق السابق للتيار في بيروت.
الخريطة على حالها
لكن من السابق لأوانه تسليط الأضواء على التحالفات الصيداوية في الانتخابات النيابية المقبلة، استناداً إلى القراءة السياسية لمجريات السباق البلدي الصيداوي، خصوصاً في حال أنها ستجري على أساس اعتماد القانوني النسبي المعمول به حالياً، ولم يعدّل، وبالتالي فإن الخريطة البلدية في عاصمة الجنوب لا تزال على حالها، ويمكن أن تكون نسخة طبق الأصل عن النيابية، وإن كانت ستبقى محصورة بالثلاثي الحريري - سعد - البزري، في حال أن المستقبل حسم أمره نهائياً، وقرر العودة عن عزوفه بخوض الانتخابات النيابية، مع أن الحريرية السياسية سجّلت تقدماً بلدياً على منافسيها الصيداويين.