رسالةٌ ونداءٌ الى رسامني...

كتب الأب الياس كرم:
"إلى معالي وزير الأشغال العامة والنقل السيّد فايز رسامني،
من يتابع خطواتكم، لا يسعه إلا أن يشعر بالفخر والاعتزاز. ففي كل إطلالة إعلامية، يلمس السامع فيكم مزيجًا نادرًا من الدبلوماسية والجرأة والصدق. وهي صفات نفتقدها كثيرًا في مسؤولينا، فكنتم استثناءً جميلًا في زمنٍ ملّ فيه الناس وعودًا لا تتحقّق وكلمات لا تسندها أفعال.
إنّها صراحتكم المعهودة التي لا تتلوّن، وحماستكم التي لا تنطفئ، ونيّتكم الصادقة التي لا تساوم. لقد أثبتم، حتّى اليوم، أنكم من القلائل الذين يحملون لواء العمل لا الشعارات، والإصلاح لا التجميل، والنهوض لا التبرير.
"الشيخ فايز"، كما اعتدنا أن نناديك، لم نأتِ اليوم لنمدحك، وإن كنت تستحقّ المديح، بل جئناك بنداء رجاءٍ ومحبة: تابع ما بدأته، وامضِ قدمًا في مسيرةٍ وضعت فيها خطّةً ونفّذتها، راهنت على التغيير فكسبت الرهان، وكنت وزيرًا من طرازٍ مختلف، وزيرًا يُلهم.
نحن نُدرك حجم التحدّيات، وندرك أكثر أن سهام النقد غالبًا ما تُوجَّه إلى من يعمل ويُنجز، لا إلى من يهوى الظهور والكلام. وندرك أيضًا أن النظام البيروقراطي المتجذّر، والمنظومة الفاسدة التي لا تزال تمسك بخيوط السلطة، هما العائقان الأكبر أمام عجلة التطوير. ومع ذلك، اخترتم أن تسبحوا عكس التيار. وكان النجاح حليفكم.
بين وزارات ما زالت تغرق في الجمود، كانت وزارة الأشغال – في عهدكم – نواة تحوّل ملموس. يكفي ما شهدناه من تحسين في المطار ومحيطه، ويكفي مشهدكم وأنتم بين المسافرين، تتابعون بأمّ العين، وتوجّهون وتصلحون، لا من خلف المكاتب بل من أرض الواقع. هذا ليس مجرّد حسّ بالمسؤولية، بل هو ترجمة حيّة لمعنى أن يكون الوزير خادمًا للشعب لا سيدًا عليه.
وإنّنا إذ نثمّن ما أنجزتم، نرفع إليكم صوت المواطنين الذين يعانون في الطرقات الفرعيّة المنسيّة، لا سيّما تلك التي تؤدي إلى مدارس ومستشفيات وكنائس ومساجد ومواقع سياحيّة. هذه الطرقات التي تئنّ تحت وطأة الإهمال، وقدرة بعض البلديات المحدودة، تنتظر منكم التفاتة راعٍ حقيقيّ. كما نرجو أن تتابعوا بجهدكم المعروف، معالجة أوضاع الأوتوسترادات، إنارةً وصيانةً وإشارات، فسلامة الناس ليست تفصيلًا.
نعرف أنّ الطريق طويل، وأنّ المعوّقات كثيرة، والأزمات مخيفة، والتحديات صعبة، ولا نعرف ما ينتظرنا غدّا في ظل الحرب الدائرة، وأنّ يدًا واحدة لا تصفق. ولكن، بكم، بدأت الأيادي تتلاقى، والأمل يستعيد صوته في قلوب تعبَت. نعم، قد تقع الأخطاء، ومن منّا لا يخطئ؟ لكنّ وضوح الرؤية، وصدق النية، وعزمكم الذي لا يلين، كفيل بأن يحوّل العثرات إلى دروس، لا إلى عوائق.
لا تيأس، لا تتراجع، لا تلتفت إلى الخلف، ولا تدع أثقال الميراث السياسي تُبطئ خطاك. واصل النهوض، وابقَ وفيًّا لما وعدت به، وللأمانة التي وضعت بين يديك. اجعل من وزارتك منبرًا يُشهد له، لا صفحةً تُطوى، وكن القدوة التي ننتظر، والصوت الذي لا يسكت عن الحقّ، والساعي بلا كلل لإعادة الكرامة إلى العمل العام.
لك منّا كل الاحترام والدعاء بالتوفيق. فبكم نأمل أن تعود الدولة دولة".