انتهاء الحرب أنقذ المنطقة من كارثة اقتصادية... وحمى لبنان من الانزلاق إلى المجهول!

كما كان للحرب تأثيرها المباشر على الواقع الاقتصادي في العالم فان انتهاء هذه الحرب تنعكس ايجاباً عليه والدليل الهبوط السريع لاسعار برميل النفط والذهب بعد الارتفاع الكبير مع بداية الحرب والذي انعككس على كافة الاسعار عالمياً.
في هذا الإطار، يؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث خاص لـ"ليبانون ديبايت" أن عدم امتداد الحرب في المنطقة وانتهائها بشكل سريع جنّب الشرق الأوسط كارثة إقليمية ضخمة كانت ستمتد تداعياتها إلى الاقتصاد العالمي بأسره.
ويقول دكتورجباعي: "بحسب التصريحات الرسمية، وعلى رأسها كلام الرئيس الأميركي، كانت المنطقة على شفير حرب مدمّرة، لا سيما أن أي تصعيد كان سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط، ما كان سيؤثر مباشرة على معدلات التضخم في معظم الدول، ويضاعف الكلفة المعيشية في الشرق الأوسط والعالم".
ويشيرإلى أنه "بمجرد إعلان وقف التصعيد، سجّل السوق النفطي تراجعاً فورياً في الأسعار بنسبة تراوحت بين 6 و7%، ما انعكس إيجاباً على الأسواق العالمية، وبدأت مؤشرات الاستقرار تعود تدريجياً إلى سوق الطاقة".
ويوضح أن "الاستقرار في أسعار النفط لا ينعكس فقط على كلفة الوقود، بل يطال أيضاً أسعار معظم السلع والخدمات، نظراً إلى أن كلفة الإنتاج والنقل ترتبط بشكل وثيق بأسعار الطاقة. وبالتالي، فإن تراجع أسعار النفط سيؤدي إلى انخفاض تدريجي في التضخم، الذي كان من المتوقع أن يتجاوز 10% إذا استمر التصعيد".
ويضيف دكتور جباعي أن “كل يوم إضافي كانت ترتفع فيه أسعار برميل النفط عالمياً كان يعني مزيداً من الضغوط الاقتصادية على المستهلكين والشركات والدول، وهو ما يُظهر بوضوح مدى أهمية كبح الحرب في مهدها”.
ويرى أن "الانعكاسات الإيجابية لوقف الحرب لا تقتصر على الناحية الأمنية والسياسية، بل هي مكسب اقتصادي حقيقي للعالم، خاصة في وقت يعيش فيه الاقتصاد الدولي حالة من الهشاشة. ويبدو أن الحرصين على استقرار الأسواق من الجانبين، سواء في الولايات المتحدة أو إيران، ساهموا بوضوح في تجنّب انفجار إقليمي له تبعات وخيمة"
كما يلفت الى أن" الانعكاسات الإيجابية لوقف التصعيد في المنطقة لا تقتصر فقط على الأسواق العالمية، بل تطال مباشرةً دول الإقليم، وفي طليعتها إيران ولبنان".
ويوضح أن "إيران، التي تخضع لعقوبات اقتصادية قاسية، قد تستفيد من تخفيف التوتر لتوسيع صادراتها النفطية، لا سيما ان السماح للصين باستيراد النفط منها امر ايجابي، وهو ما يشكل متنفساً اقتصادياً لها ويُعيد بعض التوازن إلى سوق الطاقة. كذلك، فإن الدول المجاورة، وخصوصاً لبنان، نجت من تداعيات كارثية كانت ستترتب على أي حرب شاملة”.
ويقول: "لبنان كان مهدداً بأن يكون جزءاً من مسرح الحرب في أي لحظة، ومع الانهيار المالي والاقتصادي الذي يعانيه، كان سيواجه كارثة مزدوجة يصعب الخروج منها. لذلك، فإن التهدئة تعتبر بمثابة فرصة إنقاذ حقيقية له، يجب البناء عليها لإرساء استقرار دائم؟.
ويعتبر الدكتور جباعي أن "الهدنة، في حال تحولت إلى استقرار مستدام على المستويين الأمني والعسكري، ستفتح الباب أمام نمو اقتصادي حقيقي، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة ككل. فالاقتصاد لا ينمو في ظل الحروب، وأي خرق للاستقرار ينعكس مباشرة سلباً على الاستثمارات والإنتاج وفرص العمل".
ويشدد على أن "تحقيق السلام في المنطقة يجب أن يتحول إلى أولوية استراتيجية، لأن الأمن وحده كفيل بتحفيز إعادة الإعمار، وحل الملفات العالقة، ما ينعكس بشكل مباشر على الدول التي تعاني اقتصادياً، وعلى رأسها لبنان".
ويختم جباعي: "وقف الحرب له أثر إيجابي شامل، من تخفيف الضغوط الاقتصادية، إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وصولاً إلى فتح أبواب الحلول السياسية والاقتصادية. وإذا أحسنا استثمار هذه المرحلة، فقد تكون بداية تحول حقيقي نحو تعافي لبنان والمنطقة ككل"