الأسعار "اشتعلت"... و"اللي ضرَب ضرَب"

في السادس عشر من حزيران الجاري أصدر وزير الطاقة والمياه جو الصدّي بياناً أعلن فيه أنه خلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في التاريخ نفسه، اقترح "إلغاء أو تعليق مفاعيل زيادة الرسم الجمركي الذي أضيف على المحروقات بقرار من مجلس الوزراء خلال جلسته بتاريخ 29/5/2025، وذلك بسبب الظروف القاهرة التي استجدّت جراء الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وتسبّبت بارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالمياً وتداعياتها على أسعار المحروقات في لبنان".
ولكن... على حدّ القول المأثور "اللي ضرَب ضرَب، واللي هرَب هرَب"! إذ منذ تاريخ صدور قرار الزيادة، اشتعلت أسعار المواد الاستهلاكية بالتوازي مع قفزة أسعار المشتقات النفطية الأسبوعية، ولم تُطفأ لغاية اليوم... وارتفعت معها صرخة المواطنين الذين لم تكد بشرى إقرار زيادة الحدّ الأدنى للأجور، قد وصلت إلى مسامعهم كي يهنأوا ولو بحفنة من الدولارات بقناعة منهم أن "الحجر يسند الخابية".
هذا الواقع، يثير المخاوف من استمرار ارتفاع الأسعار الاستهلاكية كترجمة فورية لزيادة الحدّ الأدنى للأجور، ليصبح الهروب منه صعباً ويكون التضخّم مصيراً لا محالة.
أبو حيدر: لعقوبة رادعة
في ظل هذه الفوضى في التسعير، يلجأ المواطن عن حماية دولته من أتون هذا الارتفاع ليجد فيها للإنقاذ سبيلاً...
هنا، يؤكد المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر عبر "المركزية" أن "الوزارة تتابع يومياً كل الشكاوى الواردة إليها، كما يقوم مراقبو "مصلحة حماية المستهلك" بجولات مستمرة على المناطق كافة"، كاشفاً أنه "منذ صدور قرار زيادة الرسم الجمركي على المحروقات، شددنا المراقبة أكثر على سلسلة الإمداد بكل محطاتها، بدءاً من المستورِد مروراً بالتاجر فالموزّع، وصولاً إلى نقاط البيع، وعند ضبط أي مخالفة يجري تسطير محضر ضبط".
ويأمل أبو حيدر أن "يسلك "قانون حماية المستهلك" مجراه بعد إدخال التعديلات المطلوبة عليه، وبالتالي رفع القيمة المالية للضبط، لردع مَن يمنّي النفس أن يخالف بسبب ضعف الغرامة المفروضة على المخالفة، ويعدل عن أي مخالفة تحسّباً لـ"الغرامة الموجِعة".
ويختم "نحن في انتظار إقرار التعديلات على هذا القانون كي تكون العقوبة رادعة أكثر".
قراءة اقتصادية لبحصلي
أما نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي فيُقرّ من جهته، بوجود "الغلاء" بشكل عام، لكنه يدعو في حديث لـ"المركزية"، إلى "وجوب تحديد المواد التي ارتفعت أسعارها ونسبة غلائها، والفصل بينها وبين ارتفاع كلفة الخدمات"، ويقول: عند الاطّلاع على مؤشر الأسعار الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة، نلاحظ أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو الأدنى من بين أسعار المواد الأخرى وأسعار الخدمات كالنقل والاستشفاء...إلخ"، لذلك، يتمنى "عدم تحميل كل الغلاء الحاصل في البلاد لقطاع المواد الغذائية الذي تبقى أسعاره الأدنى على الإطلاق مقابل أسعار القطاعات الأخرى".
وفي معرض "الشرح الاقتصادي" يشير إلى "ارتفاع أكلاف تشغيل السوبرماركات الكبرى التي تفتح أبوابها من الساعة الثامنة صباحاً وتقفل منتصف الليل، بدءاً من كلفة الكهرباء إلى كلفة تشغيل المولدات الخاصة في ظل ارتفاع صفيحة المازوت وغيرها، ما يدفع بأصحابها إلى زيادة معدل هذه الأكلاف على أسعار المواد الاستهلاكية".
ويؤكد في السياق أن "لا يوجد أي مبرّر اقتصادي لارتفاع أسعار المواد الغذائية أكثر من التقلبات الطبيعية، بمعنى أن هناك بعض الأصناف ترتفع أسعارها والبعض الآخر العكس صحيح، على سبيل المثال لا الحصر ارتفع سعر الـ"كاكاو" فيما انخفض سعر "السكّر"، كذلك قفز سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأميركي ليقفل اليوم على 117 دولاراً مقابل 105 دولارات منذ نحو شهرين ما يعادل زيادة 12% في الأسعار".
لذلك "من الطبيعي ارتفاع أسعار الأصناف الأوروبية بنسبة 10%" يقول بحصلي "لكن من غير المقبول القول إن الأسعار ارتفعت بشكل عشوائي، فهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، والأرقام تُثبت ذلك".