صحة اللبنانيين بين القلق والتهديد… ماذا ينتظرنا؟

في ظل التغيّرات العالمية المتسارعة في إدارة الأزمات الصحية والحروب البيولوجية، يبرز مجددًا الجدل حول صلاحيات منظمة الصحة العالمية، خصوصًا مع طرح المعاهدة الدولية الممنوحة لمنظمة الصحة على مواطني الدول حالات الأوبئة والطوارئ الصحية.
في هذا الإطار، يؤكّد المراقب والخبير في التواصل والاتصال الرقمي، كمال شبير، في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أن "منظمة الصحة العالمية أنشأت مؤخرًا معاهدة متخصصة بحالات الطوارئ الصحية والأوبئة المستقبلية، وضمن هذا الإطار، تم العمل على هذه المعاهدة حيث تمنح بموجبها المنظمة صلاحيات واسعة جدًا على الدول الأعضاء في ما يتعلّق بإدارة الأوبئة، وبحسب هذه المعاهدة، تتولى المنظمة تحديد اللقاحات والأدوية التي يجب اعتمادها أو منعها، بالإضافة إلى اتخاذ القرار بشأن فرض إغلاقات عامة (Lockdowns) من عدمه".
ويشير إلى أن "هذه المعاهدة تتضمن بنودًا مقلقة للغاية، لاسيما ما يتصل منها بسيادة الدول الصحية، وطرق فرض اللقاحات والعلاجات، والسيطرة على الخطاب العلمي والطبي، فضلًا عن إدارة مركزية تُمارس من قبل مسؤولين غير منتخبين، إضافة إلى نقاط تتعارض مع القوانين والدساتير الوطنية، وآليات تنفيذ غير واضحة".
كما يلفت إلى أنه "من اللافت أن لبنان، في العام الماضي، لم يكن قد سدد مستحقاته لمنظمة الصحة العالمية، ما أدى إلى حرمانه من حق التصويت والمشاركة في اتخاذ القرار، ومع مجيء الحكومة الجديدة، كان من أول الإجراءات التي اتُّخذت، تسديد تلك المستحقات، ما يثير العديد من علامات الاستفهام، خصوصًا في ظل الجدل الدائر في عدد من الدول حول توصيف منظمة الصحة العالمية، وحتى اتهامها من قبل البعض بأنها "منظمة إرهابية"، في ضوء ما حصل خلال جائحة كورونا".
ويتابع شبير: "المعاهدة، بنسختها المعدّلة مؤخرًا، أعيد طرحها بعد موجة اعتراضات دولية، ورغم بعض التعديلات ، فإن البنود الأساسية بقيت على حالها بل وأصبحت ملزمة، وقد منحت منظمة الصحة العالمية الدول الأعضاء مهلة عشرة أشهر، اعتبارًا من أيلول الماضي، لإبداء مواقفها حيال المعاهدة، على أن يكون الموعد النهائي لتقديم الردود هو 19 تموز الجاري".
ويحذّر من أن "الآلية المعتمدة تنص على أنه في حال عدم إرسال الدولة لأي موقف رسمي، سواء رفض أو تحفظ أو ملاحظة، فإن ذلك يُعتبر موافقة تلقائية على المعاهدة، وتُطبَّق البنود عليها اعتبارًا من أيلول المقبل، وهذا يشكّل خطورة حقيقية على السيادة الصحية للبنان واستقلالية قراراته الوطنية".
ويقول: "نحن قمنا بما يلزم، وتواصلنا مع مدير مكتب وزير الصحة، الذي أبدى تجاوبًا مبدئيًا، لكن حتى الآن لم يصدر أي موقف رسمي،وتجدر الإشارة إلى أن عددًا من الدول قد رفض الانضمام إلى هذه المعاهدة أو أبدى تحفظًا رسميًا عليها، من بينها الولايات المتحدة (التي انسحبت أصلًا من المنظمة)، إسرائيل، إيران، روسيا، الأرجنتين، هولندا، والجمهورية التشيكية، وغيرها. بالمجمل، هناك ما بين ست إلى سبع دول لم توافق على المعاهدة".
ويشدد شبير على أن "هذا الملف يحمل أهمية بالغة، ويستدعي تسليط الضوء عليه والتعامل معه بجدية قصوى، لما قد ينطوي عليه من تداعيات خطيرة على مستقبل الصحة العامة في لبنان"