وزير العدل: ملف المرفأ إلى المراحل الأخيرة

عقد وزير العدل عادل نصار، مؤتمرا صحافيا الثالثة من بعد ظهر اليوم، في مكتبه في الوزارة استهله بالحديث عن انفجار مرفأ بيروت، وقال: "لا يمكن الحديث عن دولة مكتملة الأوصاف، في حال لم تتمكن من التوصل إلى الحقيقة والمحاسبة. ما حدث في 4 آب 2020، جريمة وكارثة إنسانية، والدولة ملزمة تأمين قضاء يجيب على الأسئلة المطروحة، وصولا إلى المحاسبة القضائية، وذلك وفقا للقانون ولكل المبادىء القانونية مع حق الدفاع. ولذلك، يجب أن يصل هذا الملف إلى خواتيمه".
وإذ أكد نصار أن "المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وصل الى المراحل الأخيرة في الملف"، قال: "لكن لا معلومات لدي عن مضمون هذا العمل، وليس من صلاحياتي أن أتدخل لمعرفته، إلا أنني في المقابل، أضع نفسي في تصرفه لمؤازرته ضمن صلاحياتي أو من خلال متابعتي عبر عقد اجتماعات مع سفراء معنيين بالاستنابات القضائية، لطلب تسريع الامور من أجل الحصول على الاجوبة اللازمة، وبالتالي يحصل المحقق العدلي على كل المعلومات المطلوبة".
أضاف: "سأبذل كل الجهود الممكنة لإنهاء ملف انفجار المرفأ، إذ من حق أهالي الضحايا والمتضررين وكل الشعب اللبناني، معرفة حقيقة ما جرى ومحاسبة المرتكبين والمتسببين".
وتابع: "تسلمت التشكيلات القضائية ووقعتها على الفور، ثم أرسلتها إلى وزير المال ياسين جابر، الذي أبلغني أنه وقعها، ثم تحولت الى وزير الدفاع الوطني ميشال منسى الذي وقعها أيضا، في انتظار توقيعها من رئيسي الحكومة نواف سلام والجمهورية العماد جوزاف عون، وآمل أن يحصل ذلك بين اليوم والغد، خصوصا في ظل غياب أي عوائق، بعد سنوات من العرقلة".
وأوضح أن "إقرار التشكيلات سيعطي دفعا قويا للعمل القضائي وانتظامه"، وقال: "هذا كان من ضمن التزاماتي أمام المواطنين عند تسلمي وزارة العدل. لقد اقترحنا أسماء أمام مجلس القضاء الأعلى، بعيدا من أي محاصصة، في ظل إصرار على استقلالية مجلس القضاء الأعلى، الذي أدى دوره على أكمل وجه، وتابع عمله حتى إنجاز تلك التشكيلات. لقد تطلب هذا الأمر عملا مضنيا، بما فيه أيام الآحاد والعطل، خصوصا في ظل وجود المئات من المراكز الشاغرة، لم يوفر المجلس جهدا لإنجازها بعيدا من التدخلات، وكل الكلام الذي قيل عكس ذلك من بعض الجهات مردود".
أضاف: "منذ تسلمت وزارة العدل، قطعت وعدا بإقرار قانون يضمن استقلالية القضاء. وبفضل التعاون المشترك بين أعضاء مجلس القضاء، على رأسهم القاضيان سهيل عبود وأيمن عويدات، إضافة إلى فريق عمل كبير في الوزارة، إلى جانب العمل الحاصل في لجنة الإدارة والعدل منذ سنوات، تمكنا من إقرار القانون، الأمر الذي سيسمح باستقلالية كبيرة للقضاء، والوصول الى جو قضائي مختلف عن السابق، فهذه خطوة أساسية إلى الأمام".
وشكر "جميع المعنيين الذين ساهموا في هذا الموضوع"، وقال: لقد خطونا خطوة جوهرية الى الامام من خلال القانون الذي أقر في مجلس النواب".
وأكد "دعمه لخطاب رئيس الجمهورية حول موضوع السلاح"، مجددا تأكيده أن "لا دولة، في ظل سلاح خارج إطار الشرعية، ولا معنى للدولة في حال وجود سلاح خارج السلطات الرسمية، بمعزل عن كل الأبعاد الخارجية والنتائج الكارثية، التي يمكن أن تحل بلبنان بفعل هذا السلاح".
وأكد أن "لا إمكانية للدولة اللبنانية أن تكون كاملة الأوصاف مع سلاح خارج عن سلطتها"، وقال: "هناك مخاطر على لبنان سببها استمرارية بقاء السلاح، فلا أحد في لبنان لديه شك في أن السلاح أصبح لعنة للذين يحملونه وللناس الذين يعيشون في جواره وللبنان برمته".
أضاف: "لا سبب لاستمرار السلاح خارج الدولة اللبنانية، فهو لا يفيد بشيء. لست وحدي، بل أصحاب الشأن أكدوا أكثر من مرة أن لا توازن قوى، مما يعني أن هذا السلاح لم يعد رادعا ولا يخدم أي من هذه الأهداف، وأصبح يجر إلى الكوارث. المطلوب أن نبني دولة كلنا سويا، مما يعني أن نعترف بأن الدولة يجب ان تكون مكتملة الأوصاف. ولا يمكن أن يكون اي طرف شريك مضارب، ومن غير المسموح أن يعتقد أي أحد أنه يمكنه الاشتراط على الدولة أو أن يضع نفسه في مواجهة معها".
وتابع: "علينا أن نبني جميعا لبنان، وحتى نبنيه يجب حل موضوع السلاح من دون أي تأخير".
سئل: في حال لم يتم تسليم السلاح، كما أعلن "حزب الله"، ماذا سيكون موقف الدولة اللبنانية؟ وهل ستبقى راوح مكانك؟
أجاب: "لا تظهر كلمة "راوح مكانك" الواقع، إذ بالفعل هناك إجراءات عسكرية اتخذت في مواقع عدة في ما يتعلق بموضوع السلاح، ولكن ليس من مصلحة أحد أن يضع نفسه في مواجهة مع الدولة اللبنانية، خصوصا أنها يجب أن تكون حاضنة للجميع، ولكن ليس للسلاح خارج الدولة. على كل واحد أن يختار، إما ان يكون شريكا في الدولة وفي بنائها، ويعتبر نفسه جزءا مع الأطراف الأخرى لبناء الدولة أو يختار أن يكون في مواجهة الدولة، مع العلم أن الشريك المضارب لا يمكن أن يستمر".
سئل: يحكى أن هناك مسعى للدولة اللبنانية يقضي بأن تقوم الحكومة أو الوزراء بتبني بند حصرية السلاح ووضع جدول زمني لتسليمه، فهل تعتقد أن هذا الأمر سيسير؟ أو سيكون هناك اعتراض عليه؟
أجاب: "في ما يتعلق بوضع جدول زمني، طرحت هذا الأمر منذ اليوم الأول، لكن الموضوع أهم من ذلك، وهو إعطاء الضمانات كافة بأن الهدف من تسليح السلاح ليس التعدي على أحد، بل بناء دولة".
وأكد أن "المطروح هو بناء دولة بالشراكة. وفي الوقت نفسه، أن يكون هناك حوار ومصارحة حقيقيان بين اللبنانيين، وهذا كله مبني على منطق بناء الدولة"، وقال: "إن الحكومة بقرارها أو في بيانها الوزاري كانت واضحة جدا، لكن حاليا يجب أن ننطلق الى خطوات عملية".
سئل: لماذا وضعت التشكيلات القضائية قبل إصدار قانون استقلالية القضاء، فهذا كان وفر الصراع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ وماذا لو لم يحضر الوزراء الشيعة جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل؟ فما تصوركم في هذا الشأن؟
أجاب: "إن قانون استقلالية القضاء يدخل حيز التنفيذ في أول السنة، وأنا تصرفت بحسب قناعاتي. ولم تحصل أي تدخلات في التشكيلات القضائية، فمجلس القضاء الأعلى مارس دوره باستقلالية، ولو كان القانون موجودا أو لم يكن، كان سيتم عرض التشكيلات على وزير العدل. وأنا تسلمتها. وفي اليوم الثاني، وقعت عليهم، وأرسلتها".
وعن التعيينات، قال وزير العدل: "في تعيين مجلس القضاء الاعلى لم يحدث اي تدخل، ولا في تعيين اعضاء التفتيش القضائي. إذا كان يوجد قانون أم لا من حق الرئيس بري أن يعطي رأيه، هذا حق طبيعي له كرئيس مجلس النواب، كذلك هذا من حق رئيس الجمهورية. في النهاية يجب أن يقوم الجميع بدوره بحسب قناعاته، وانا كوزير للعدل كان المطلوب مني ان اقترح اسما أنا مقتنع به فاقترحت الاسم الذي كنت طرحته منذ البداية بعد ان استشرت مجلس القضاء الاعلى، رغم أن ما من شيء يجبرني على ذلك ولكن لان لدي ثقة كبيرة برئيس مجلس القضاء الأعلى وبعدد كبير من القضاة المتقاعدين، كنت استشيرهم كذلك. ولم يحدث اي امر على مسار التعيينات".
اضاف: "اما في ما خص التشكيلات، ففي ظل القانون الحالي او القانون الجديد لم يكن ليتغير شيء فيها لانه لم يحصل أي تدخل مع مجلس القضاء الاعلى. وهنا اود ان أطمئن الى أن مجلس القضاء الأعلى لو واجه أي تدخل ما كان ليستمع الى احد".
وعن موضوع عدم حضور الوزراء الشيعة جلسة الثلاثاء، قال: "في تقديري انهم سيحضرون جميعا لأنهم كانوا موجودين عند المصادقة على البيان الوزاري، ولا ارى سببا يمنعهم من حضور مناقشة الخطوات العملية لتنفيذ البيان الوزاري".
سئل: هل التشكيلات ستصبح نافذة بعد انتهاء العطلة القضائية؟ اجاب: "المهلة المحددة هي بعد انتهاء العطلة القضائية، وسيلتحق القضاة بمراكزهم في 15 ايلول".
سئل: هل دخل القضاء قي مرحلة جديدة مع اقرار القانون ومع التشكيلات الجديدة؟
اجاب: "منذ ان باشرت مهامي كوزير للعدل، لاحظنا ان القضاء يعمل بصورة طبيعية وعلى أكمل وجه، وهذا هو المسار. وعندما يصدر قانون استقلالية القضاء وتصدر تشكيلات بعيدة عن المحاصصة والتدخلات يقوم القضاء بدوره على اكمل وجه، ويحترم المبادىء القانونية والاصول القانونية وحق الدفاع، ولكن يحب الا يكون هناك اي تردد في مكافحة الفساد ومتابعة الملفات على انواعها من اغتيالات وغيرها".
وختم: "المحقق العدلي سيقوم بواجباته، ومن واجبنا نحن ضمن صلاحيات وزارة العدل، ان نقوم بكل ما يلزم لحماية القضاة والمحققين العدليين".