دائرة أبحاث الكونغرس: الجيش موثوق و"اليونيفيل" فاشلة جدًا

ألقى تقرير حديث أجرته دائرة أبحاث الكونغرس الضوء على الوضع الراهن في لبنان، مشيرًا إلى أن البلد أمام منعطف حرج، واصفًا المشهد السياسي بأنه متعدد الأوجه ويرزح تحت أزمة اقتصادية حادة، كاشفًا كيف أن التحولات الأخيرة المدعومة من الولايات المتحدة في الحكومة والجيش والتراجع الملحوظ في نفوذ "حزب الله" ستُشكّل فرصًا للدولة اللبنانية.
وأشار التقرير إلى أن "توازن القوى في لبنان دقيق"، مُشددًا على الطبيعة المتشابكة للسياسة الداخلية اللبنانية وديناميكيتها الأمنية. وأبرزت الدراسة النقاش الدائر منذ عقود في الكونغرس حول المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، والتي كانت موضوعًا خلافيًا بين مؤيدين يُطالبون بدعمها، بينما يُحذر منتقدون من احتمال إساءة استخدامها أو عدم فعاليتها. فيما لفت التقرير إلى كلام ميشيل عيسى، المرشح لمنصب السفير الأميركي في لبنان، الذي وصف الجيش اللبناني بأنه "شريك موثوق" في مواجهة الأعمال العدائية الإقليمية وإدارة التحديات التي يفرضها "حزب الله".
تحدث التقرير عن تاريخ "حزب الله" في الصراع مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، مثّل تطورًا محوريًا في هذا الصراع الطويل، مشددًا على أنه في جزء من الاتفاق، التزمت الحكومة اللبنانية بإطار عمل يحظر على "حزب الله" شن عمليات عسكرية ضد إسرائيل، ويفرض تعبئة قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان – "وهي منطقة طالما شابتها التوترات العسكرية".
وأعتبر التقرير أن الأعمال العدائية ضد إسرائيل بدأت في تشرين الأول 2023 عندما شن "حزب الله" هجمات عليها تضامنًا مع "حماس" وسط تصاعد التوترات في غزة. وكانت العواقب وخيمة، إذ اتسمت بسقوط عدد كبير من الضحايا والنزوح من كلا الجانبين. وأشار البحث إلى أن "العمليات الجوية الإسرائيلية أثرت بشكل حاسم على قيادة "حزب الله" وبنيته التحتية، ما أدى إلى تغيير جذري في المشهد العسكري بحلول تشرين الأول 2024".
وقال التقرير إن وقف إطلاق النار الناتج عن ذلك، مع أنه جلب هدنة موقتة، أدى إلى فرض ضغط هائل على الحكومة اللبنانية لكبح جماح العمليات العسكرية لـ "حزب الله". وحتى آب 2025، لا يزال الوضع متوترًا. إذ تواصل القوات الإسرائيلية شن غارات جوية على أهداف لـ "حزب الله" في جنوب لبنان. وتمثل هذه المواجهة المستمرة تحديات كبرى لإدارة الرئيس جوزاف عون، التي أعادت تأكيد التزامها بالحفاظ على حصرية السلاح داخل الدولة.
وتحدث التقرير أيضًا عن الأزمة الاقتصادية "الخانقة" التي يعيشها لبنان منذ عام 2019، مشيرًا إلى أن عوامل مثل التضخم المتفشي، وانخفاض قيمة العملة، وتعثر القطاع المصرفي الذي تفاقم بسبب الاقتراض المفرط وتضاؤل الدعم الأجنبي، أدت إلى انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي. غير أن التقرير لفت إلى وجود إمكانية للتعافي، مستشهدًا بالإصلاحات الحكومية الأخيرة الهادفة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والتي قد تؤدي إلى نمو متوقع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.7 % في عام 2025، إذا نُفذت بفعالية. ولاحظ البحث بأن "هناك بصيص أمل، لكنه يعتمد إلى حد كبير على الإصلاحات النظامية والمساعدة الدولية".
وأشار التقرير إلى كلام الرئيس دونالد ترامب في أيار 2025، عن التغييرات التي حصلت في لبنان والتي قال عنها إنها "أول فرصة حقيقية منذ عقود لشراكة أكثر إنتاجية مع الولايات المتحدة". لفت التقرير إلى التزام إدارته بدعم مساعي لبنان لتحقيق التنمية الاقتصادية والسعي إلى السلام مع الدول المجاورة. وقد انعكست تصريحات ترامب إيجابًا على آراء العديد من قادة الكونغرس الذين يؤكدون أن الجيش اللبناني أساسي للحد من نفوذ "حزب الله"، ويستحق استمرار الدعم الأميركي. ولفت التقرير إلى أن المساعدات الأميركية للبنان ركزت بشكل رئيسي على التمويل العسكري الأجنبي لدعم الجيش اللبناني، والذي بلغ أكثر من 3 مليارات دولار منذ عام 2006. كما أشار التقرير إلى المساهمات الخاصة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل)، لافتًا إلى أن الكونغرس وافق في تموز 2025 على إلغاء بعض المساهمات المالية لـ "اليونيفيل"، وسط مخاوف مستمرة بشأن فعاليتها، خصوصًا وأن إدارة ترامب وصفت عمل هذه القوة بأنه "فشل ذريع للمهمة".
باختصار، قال التقرير إن لبنان يقف عند تقاطع معقّد من التحديات العسكرية والسياسية والاقتصادية، مُؤكدًا أن أي مسارٍ للمضي قدمًا سيتطلب دبلوماسيةً مُعقدةً وحوكمةً فعّالة ودعمًا دوليًا راسخًا.