"فتح" تسلّم سلاحها الثقيل من عين الحلوة... رغبة بنهاية العسكرة

تسليم قوات الأمن الوطني الفلسطيني سلاحها الثقيل من مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع تسليم مماثل من مخيم البداوي في شمال لبنان، حمل رسالة سياسية تتجاوز عملية استكمال تسليم السلاح من المخيمات وفق الاتفاق بين الرئيسين محمود عباس وجوزاف عون في 21 أيار الماضي.
وأبلغت مصادر فتحاوية "نداء الوطن" أن عملية التسليم أكدت قرارًا حاسمًا من القيادة السياسية والسلطة الوطنية بفتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق مع لبنان، والانتقال بالمخيمات من مرحلة العسكرة إلى المجتمع المدني الذي يقوم على احترام القانون وسيادة الدولة وبسط سلطتها على كافة أراضيها.
وحمل تسليم السلاح من مخيم عين الحلوة، الذي يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني، إعلانًا بانتهاء تسليم السلاح الثقيل والمتوسط لدى حركة "فتح" في كل مخيمات لبنان، مع إبقاء الباب مفتوحًا للتسليم مجددًا في حال وُجد في أي منها أو في مستودعاتها أو مقراتها، وفق ما أعلن مسؤولوها.
وعلمت "نداء الوطن" أن قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء بحري العبد إبراهيم خليل، موفدًا من الرئيس محمود عباس، وصل إلى لبنان قبل أيام للإشراف على ما تبقى من عملية تسليم السلاح، إلا أن وفاة والدته اضطرته إلى قطع الزيارة قبل أن يعود إلى لبنان مجددًا أمس ليواكب ميدانيًا العملية.
في المقابل، فإن هذه العملية كشفت عن عمق الهوة بين حركتي "فتح" و"حماس"، إذ أكدت مصادر فلسطينية أن "حماس" تقود حراكًا سياسيًا غير مسبوق على مسارَين:
الأول فلسطيني، من أجل حشد كافة القوى الفلسطينية الأخرى والتوافق على مقاربة الملف بشمولية ورؤية فلسطينية مشتركة توازن بين السلاح والحقوق، وبما يحفظ الأمن والاستقرار في المخيمات والجوار اللبناني ويوفر حياة كريمة لأبنائها. وهي تجري اتصالات لعقد لقاء تشاوري موسع يضم إلى التحالف اتصالات ومشاورات لعقد لقاء تشاوري فلسطيني موسع يشارك فيه التحالف، الجبهتان "الشعبية" و"الديمقراطية"، القوى الإسلامية، "أنصار الله"، و"التيار الإصلاحي".
والثاني لبناني، مع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، بعدما خلص الاجتماع منذ أيام مع رئيس اللجنة السفير رامز دمشقية إلى توافق لعقد اجتماع موسع مع القوى الفلسطينية والاستماع إلى رؤيتها في ما يتعلق بالسلاح، حيث تتمسّك بمسودة اقتراح لجهة التنظيم لا التسليم، وأن تكون هيئة العمل المشترك إطار التنسيق السياسي مع الدولة والقوى الأمنية المشتركة أمنيًا واللجان الشعبية اجتماعيًا.
ميدانيًا، جرت عملية تسليم السلاح من عين الحلوة بعيدًا من الإعلام، وقد جمعت "فتح" السلاح الثقيل والمتوسط في أحد مستودعاتها في منطقة جبل الحليب داخل المخيم، ومنه نُقل في خمس شاحنات عبر طريق فرعي كان مقفلًا بسواتر ترابية جرى فتحه وصولًا إلى موقع الجيش اللبناني المحاذي في منطقة سيروب، تفاديًا للمرور بشوارع المخيم.
وقد أشرف على عملية التسليم مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، العميد سهيل حرب، ومن الجانب الفلسطيني مدير الأمن في قوات الأمن الوطني في لبنان، العميد إبراهيم الخطيب.
وأوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، المقدم عبد الهادي الأسدي، أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا للبيان المشترك الصادر عن الرئيسين محمود عباس والعماد جوزاف عون، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية – الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها، مؤكدًا أن هذه المبادرة تعكس عمق الشراكة الفلسطينية – اللبنانية، وتجسّد الحرص المشترك على ترسيخ الأمن والاستقرار وصون العلاقات الأخوية بين الشعبين.
وتُعتبر عملية تسليم السلاح في عين الحلوة المرحلة الرابعة التي أنجزتها قوات الأمن الوطني الفلسطيني بعد: الأولى في برج البراجنة بتاريخ 21 آب 2025، والثانية في مخيمات جنوب الليطاني: الرشيدية، البص، والبرج الشمالي بتاريخ 28 آب 2025، والثالثة في مخيمات بيروت: برج البراجنة، شاتيلا، ومار الياس بتاريخ 29 آب 2025.