بعد قرار إزالة المخالفات: بلدية صيدا بين مطرقة التنظيم وسندان لقمة العيش

لم تهدأ موجة الاعتراض الشعبي في صيدا بعد قرار بلديّتها إزالة المخالفات والتعدّيات، إذ يجد كثير من أبناء المدينة أنفسهم عالقين بين الحاجة إلى كسب الرزق بكرامة، وبين قوانين التنظيم التي تهدّد مصدر معيشتهم. فالمشهد يمتدّ من عمّال "الدليفيري" على الدرّاجات النارية والكهربائية، وصولًا إلى أصحاب بسطات الخضار والفواكه الذين يملأون شوارع المدينة بحثًا عن لقمة تسدّ جوع أبنائهم.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة، عادت قضية البسطات إلى الواجهة. فهؤلاء الباعة طرقوا أبواب النواب والبلدية بحثًا عن بصيص أمل، حيث اجتمعوا مع النائب الدكتور أسامة سعد، والنائبة السابقة بهية الحريري، ورئيس بلدية صيدا المهندس مصطفى حجازي، في محاولة للوصول إلى صيغة تحفظ أرزاقهم وتمنع الفوضى في آن واحد.
مصادر بلدية أكدت لـ "نداء الوطن" أن الهدف ليس قطع أرزاق الناس، بل إيجاد حلّ عادل ينظم عملهم من دون تعدّيات، مع الإقرار بالظروف المعيشية القاسية التي يرزحون تحتها. وتشير المصادر إلى أن البلدية تسعى إلى تسوية أوضاع الباعة بما يسمح لهم بالترخيص ومزاولة عملهم بطريقة منظمة تحافظ على النظام العام.
وخلال لقائها وفدًا من أصحاب البسطات في البلدية، شدّدت النائبة السابقة بهية الحريري على ضرورة التوصّل إلى حلّ عادل يوازن بين أوضاع الباعة المعيشية وحق المدينة في التنظيم، مؤكدة رفضها حرمان هؤلاء من مصدر رزقهم.
أما النائب أسامة سعد، فأعرب عن تفهّمه معاناتهم، مؤكدًا أن المسألة تتجاوز مجرّد مخالفات إلى قضية إنسانية تمسّ كرامة الناس وحقهم في العيش، داعيًا إلى حلول عملية تمنع الفوضى وتحمي في الوقت نفسه حق الفقراء في العمل.
وكانت شرطة بلدية صيدا قد واصلت قبل أيام تنفيذ حملات دورية لإزالة المخالفات والتعدّيات على الأملاك العامة في مختلف أحياء وشوارع المدينة، بهدف إعادة النظام وتأمين حركة مرور سلسة للمشاة والسيّارات، وحماية الأملاك العامة التي هي حق لكل أبناء المدينة.
وأكدت البلدية في بيان أن هذه الحملات تأتي ضمن خطة شاملة لتنظيم المدينة، مثمّنة الجهود الكبيرة التي يبذلها عناصر شرطة البلدية على مدار الساعة، رغم التحدّيات والضغوط اليومية التي تواجههم أثناء تنفيذ مهامهم.
وتشدّد البلدية على أن أي تَعَدّ على الأملاك العامة يُعدّ مخالفة للقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء، داعية جميع المواطنين وأصحاب المصالح إلى إزالة أي مخالفة بشكل طوعيّ، والالتزام بالقوانين لما فيه مصلحة صيدا وأهلها، مؤكّدة أنها لن تتهاون في ملاحقة وإزالة أيّ مخالفة، ومشدّدة على أن حملات ودوريات الشرطة ستستمرّ بشكل دوري ودائم لضمان تنظيم المدينة وحماية حق الجميع في استخدام الأملاك العامة.
وبين المطالب الشعبية والقرارات البلدية، تبقى صيدا أمام اختبار صعب: كيف تُنظم شوارعها ويُحمى وجهها الحضاري، من دون أن يُطفأ آخر قنديل رزق يضيء عائلات تعيش على هامش الأزمة؟