هانيبال القذافي يرفض التدخل الليبي: "قضيتي إنسانية لا سياسية"

أكد هانيبال القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الموقوف في لبنان منذ نحو عشر سنوات على خلفية قضية إخفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر عام 1978، أنه يرفض تدخل السلطات الليبية في طلب الإفراج عنه، وفق ما نقل عنه محاميه الفرنسي لوران بايون، الذي تحدث لصحيفة "الشرق الأوسط" عن صعوبات تواجه الفريق القانوني في متابعة وضعه الصحي بعد إدخاله إلى المستشفى يوم الجمعة إثر مشكلات في الكبد.
وقال بايون إن موكله "لا يرحب بأي تدخل ليبي في طلب الإفراج عنه، لأن قضيته إنسانية بحتة وليست موضوعاً للتجاذبات أو المساومات السياسية. فكلنا نعلم أن ملفه لا علاقة له بالسياسة أو التفاوض، بل بالعدالة والحق والحرية". وأضاف، "نحن نثق بالمحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، الذي نعدّه قاضياً عادلاً يرفض خلط السياسة بالقضاء"، مؤكداً أن "ما نطلبه هو تطبيق القانون، إذ لا عدالة من دون احترام حقوق الإنسان".
وأوضح بايون أن "الادعاء بأن توقيف هانيبال القذافي تمّ بناءً على إشارة من الإنتربول كلام مضلل. وحتى لو وُجدت مثل هذه الإشارة، فهل تجيز اختطاف إنسان من سوريا وتعذيبه بدلاً من تسليمه عبر القنوات القانونية؟ هناك صور وأدلة دامغة على ظروف خطفه، ولم يكن أصلاً مطلوباً بشكل رسمي في ذلك الوقت. ما جرى لم يكن تنفيذاً لقرار قضائي، بل عملية غير شرعية جرى تمويهها تحت غطاء الإنتربول".
وأضاف أن "هانيبال القذافي سجين سياسي منذ نحو عشر سنوات، ليس لأنه يملك معلومات عن اختفاء الإمام موسى الصدر، فقد كان طفلاً في الثانية من عمره حينها، بل لأنه يحمل اسم القذافي. إنه يدفع ثمن أفعال لم يقم بها، ويُستخدم كورقة ضغط في نزاع سياسي ودبلوماسي بين لبنان وليبيا".
وردّاً على الادعاءات التي تتحدث عن ظروف احتجاز مريحة، قال بايون: "القول إن ظروف توقيفه خمس نجوم تضليل وسخرية من المأساة الإنسانية. الحرمان من الحرية والعزلة والضغط النفسي لا تعوضها شاشة تلفاز أو هاتف. من المعيب وصف زنزانة رجل مختطف ومسلوب الحرية بأنها فندق خمس نجوم. ما نطالب به ليس الغرفة... بل الحرية"
وأشار إلى أن رئيس لجنة المتابعة اللبنانية لقضية الصدر، القاضي حسن الشامي، اعترف بأن التهمة الوحيدة الموجهة إلى هانيبال هي كتم معلومات، وليست مسؤوليته عن اختفاء الصدر. وهذه التهمة، بحسب القانون، لا يُعاقب عليها بأكثر من ثلاث سنوات، معتبراً أن "استمرار احتجازه لعشر سنوات يخالف مبدأ التناسب بين الجرم والعقوبة، ويحوّل القضية إلى احتجاز تعسفي بلا سند قانوني".
وأضاف أن "الأخطر أن القضاء اللبناني يقر بأن استمرار التوقيف لا يعود إلى جرم ارتكبه هانيبال، بل إلى عدم تعاون السلطات الليبية، أي أن رجلاً يُسجن منذ عقد من الزمن لا لذنب اقترفه، بل لأنه ورقة ضغط بيد الدولة اللبنانية، وهذا اعتراف صريح بأنه رهينة سياسية وليس متهماً أمام قضاء نزيه".
من جهتها، قالت القائمة على الفريق القانوني والإنساني إيناس حراق لـ"الشرق الأوسط": "الأخطر ما قاله القاضي شامي نفسه، إن هانيبال سيبقى محتجزاً إلى أن تقدم الدولة الليبية معلومات عن قضية الإمام الصدر. وهذا يعني أن أي إنسان بريء قد يتحول إلى ضحية صراع سياسي بين دولتين، ويُستخدم رهينة حتى يتم الحصول على تنازلات أو معلومات. هذا أمر غير مقبول ويشكل سابقة تهدد العدالة وحقوق الإنسان".
وأضافت، "هانيبال خُطف من سوريا على يد مجموعة مسلحة ولم يُحاسب الخاطفون، بينما بقي هو وحده في السجن". وأكدت أن "القضاء اللبناني نفسه يعترف بأن العراقيل مصدرها السلطات الليبية، لا هانيبال"، متوجهة إلى عائلة الإمام الصدر بالقول: "نرجو أن تبقى قضيتكم قضية حق وعدالة، لا قضية ظلم لآخرين، فاستمرار سجن هانيبال لا يكشف الحقيقة بل يضاعف المأساة".
وانشغلت أوساط ليبية بأنباء نقل هانيبال القذافي إلى المستشفى بسبب تدهور حالته الصحية داخل محبسه بمقر قوى الأمن الداخلي في بيروت، وسط مخاوف من "تعرضه لمكروه قد ينهي حياته".
وطالب خالد الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للعلاقات الخارجية، في حديث إلى "الشرق الأوسط"، السلطات اللبنانية بـ"وضع حدٍّ لحالة الانتقام من الكابتن هانيبال، التي تخلو من العدالة"، قائلاً: "لا يُعقل أن يظل معتقلاً من دون تهمة كل هذه المدة. هل تريد السلطات اللبنانية أن يموت نجل القذافي في معتقله في جريمة لم يرتكبها؟".
ومع تصاعد الدعوات في ليبيا للتدخل للإفراج عنه، قال جمال الفلاح، رئيس "المنظمة الليبية للتنمية السياسية": "قيمنا الإنسانية لا تسمح لنا برؤية الحقوق من زاوية واحدة، ونتضامن مع السجين هانيبال القذافي المحتجز في لبنان من دون محاكمة".
كما نقل مصدر مقرّب من وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة أن الوزيرة حليمة إبراهيم "تجري اتصالات بالمسؤولين في لبنان للاطلاع على حال نجل القذافي والعمل على إطلاق سراحه"