اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

لبنان بين مسارين... والدولة على مفترق السياسة والحرب

صيدا اون لاين

أمام خطة الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ لوقف الحرب في ​غزة​، واهتمام العالم بما إذا كانت ستنجح في إيقافها أو تحويلها إلى تسوية موقتة، يبدو ​لبنان​ في موقع المتفرّج لأن قراراته تُتخذ في أماكن أخرى، وتُقاس نتائجه بمعايير لا تعكس دائماً مصالح شعبه. محاولة واشنطن دفع مسار يوقف المواجهة ويفتح مباحثات لتبادل الأسرى والتهدئة أو حتى اتفاقات أكثر شمولاً، أعادت ترتيب الأوراق الإقليمية، لكنها لم تمسّ جوهر الانقسام الداخلي اللبناني ولا قدرة مؤسساته على استيعاب نتائج أي صفقة إقليمية دون فوضى.


الانقسام في الشارع والسياسة لا يزال مستمرا بين فريق يهدّد بالتصعيد ويصوّره كحتمية، وآخر يدّعي أن العقل الغربي، أو بالأحرى موازنات إدارة ترامب، ستمنع توسيع دوائر الصراع. في المقابل هناك من يستقبل الخطة الأميركية بالشك والرفض، خصوصاً من قيادة المقاومة التي رأت في المقترحات محاولة لشرعنة ما فشلت إسرائيل في تحقيقه عسكرياً. هذه المواقف هي عبارة عن قرارات إستراتيجية تحدّد قواعد الاشتباك القادمة، ولن تظلّ نتائجها حبيسة المجال الدبلوماسي.


ترى مصادر سياسية مطلعة أن المسار السياسي الأميركي في لبنان يسعى بوضوح إلى إعادة هندسة المنطقة بعد غزة على قاعدة "تهدئة تحت الوصاية". واشنطن تدرك أن الحرب في القطاع استنزفت الجميع، بما فيهم إسرائيل، وان أي مواجهة جديدة في لبنان قد تطيح بما تحقق على المستوى السياسي ولا تحقق الهدف المركزي بالتخلص من سلاح ​حزب الله​، لذلك تركّز الإدارة الأميركية اليوم على منع الانفجار، ليس حبّاً بلبنان، بل حرصاً على استقرار مسرح النفوذ الغربي. ومن هنا، بات البلد ساحة اختبار لمدى قدرة واشنطن على ترجمة "وقف النار في غزة" إلى "تهدئة شاملة" تشمل الحدود اللبنانية أيضاً.

لكن هذا المسار السياسي، على أهميته، لا يلغي تماماً شبح المسار العسكري الإسرائيلي، بل يؤجله، إذ ترى المصادر عبر "النشرة" ان إسرائيل التي فشلت في تحقيق نصرٍ حاسم في غزة، تدرك أن استعادة توازن الردع تمرّ من البوابة اللبنانية، ولذلك، فإن عملياتها في الجنوب، وإن بدت محسوبة، فهي تهدف لإبقاء الضغط قائماً على الحزب والدولة اللبنانية ككل.
الاحتمال الواقعي بحسب المصادر أن إسرائيل لا تريد حرباً شاملة في المدى القريب، لكنها أيضاً لا تحتمل هدوءاً يُنهي الحرب. لذلك، فإن السلوك الإسرائيلي في المرحلة المقبلة سيقوم على مسار يُبقي خطر الحرب قائماً كورقة ضغط سياسية على لبنان وحزب الله معاً، في حين تواصل واشنطن إدارة اللعبة بالتحفيز والردع معاً، من خلال دعم الجيش، ضغوط على الحكومة، ووعود بمساعدات مشروطة عنوانها الدائم "إعادة بناء الدولة وضبط السلاح".

الحقيقة أن المسارين ليسا متوازيين، بل متداخلان، فواشنطن تحاول من خلال المسار السياسي أن تضبط الإيقاع وتمنع الانفجار وتحقق النتائج، فيما تترك لإسرائيل هامش المناورة العسكرية كورقة ضغط إضافية.

في المحصّلة، لبنان لا يقف اليوم أمام خيارٍ واضح، فالمسار السياسي الأميركي سيحكم المرحلة الأولى، لأنه الأقلّ كلفةً، لكنه سيبقى هشّاً أمام أي طارئٍ عسكري قد يفرضه الميدان أو الحسابات الإسرائيلية. فكلّ تسويةٍ لا تعالج جذور التوتر ستبقى هدنة مؤقتة، وكلّ ضغوط خارجية لا تُقابل بإصلاح داخلي حقيقي ستتحوّل إلى ورقة ابتزاز جديدة.

تم نسخ الرابط