إنجاز عربي غير مسبوق.. المغرب يتوّج بكأس العالم للشباب 2025

في صباحٍ لا يُنسى من صباحات كرة القدم، ارتفعت راية المغرب عاليًا فوق سماء سانتياغو التشيلية، لتُعلن ميلاد إنجازٍ استثنائي سيبقى محفورًا في ذاكرة القارة والعالم. فقد تُوّج "أشبال الأطلس" أبطالًا لكأس العالم للشباب 2025، بعد فوزٍ مستحقٍّ على الأرجنتين بثنائية نظيفة، في نهائيٍ جمع الحلم بالإصرار، والمهارة بالعقيدة الكروية الراسخة
منذ الدقائق الأولى، بدا أن شيئًا كبيرًا يُولد. ركلةٌ حرّة مباشرة نفذها ياسر زبيري بدقة وهدوء، لتسكن الشباك في الدقيقة 12 وتعلن التقدّم المغربي، قبل أن يعود اللاعب ذاته في الدقيقة 29 ليُسكن الهدف الثاني ويُحكم السيطرة على النهائي. هدفان لم يكونا مجرّد أرقام على لوح النقاط أو زاوية الشاشة، بل تتويجًا لمسارٍ طويل من الإيمان بالقدرات، وثمارًا لعملٍ مؤسساتي بدأ من "أكاديمية محمد السادس
لكرة القدم"، التي باتت اليوم مصنع الأبطال المغاربة.
بهذا الإنجاز، دخل المغرب سجل التاريخ من أوسع أبوابه، كأول بلدٍ عربي يتوّج بكأس العالم للشباب، وثاني بلدٍ أفريقي بعد غانا عام 2009. لكنه لم يكتفِ باللقب فحسب، بل رسم مسارًا مدهشًا نحو القمة: إسبانيا، البرازيل، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة، وفرنسا... كلها أسماء كبرى سقطت أمام روح الفريق المغربي، في رحلة أثبتت أن التفوّق لا يعرف حدود الجغرافيا، بل يُصنع بالعقل، والتنظيم، والإيمان بالمستقبل.
ولم يكن زبيري وحده نجم الحدث؛ فالموهوب عثمان معما سطع نجمه أيضًا بفضل أدائه المتكامل ليُتوّج بجائزة أفضل لاعب في البطولة، بينما حصد زبيري لقب الهدّاف بخمسة أهداف، ليؤكد أن الجيل المغربي الجديد لا يملك الموهبة فحسب، بل يمتلك الشخصية التي تصنع الفارق في المحافل الكبرى.
إن ما تحقق في تشيلي لم يكن مصادفة. هو ثمرة مشروعٍ كروي واضح المعالم، يقوده الاتحاد المغربي لكرة القدم منذ سنوات، يدمج بين التكوين العصري والانضباط، ويمنح اللاعبين الشباب ثقة المشاركة الدولية الحقيقية.
لقد تحوّل "أشبال الأطلس" إلى مرآةٍ لمستقبل الكرة المغربية: شجاعة في الملعب، احتراف في الإعداد، وفخر وطني يُلهم القارة والعالم. وهكذا، من سانتياغو إلى الرباط، ومن الدار البيضاء إلى مراكش، علت الهتافات والاحتفالات عبر المدن: المغرب لم يعد يشارك في البطولات… بل يصنع تاريخها