اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

الإعمار والاستثمار والتنقيب في مهب رياح التصعيد!

صيدا اون لاين

ليس من دولة شقيقة أو صديقة فعلًا للبنان، إلا ويحرص مسؤولوها ودبلوماسيوها على التعبير عن حبّهم لوطن الأرز، ورغبتهم في رؤيته مستعيدًا استقراره وازدهاره وحضوره على الساحتين الإقليمية والدولية بما يستحق. لكن المفارقة تبرز، عندما تصل الأمور إلى النقاش في كيفية مساعدة لبنان على الخلاص والنهوض من أزماته الثقيلة. وتلتقي الأكثرية الساحقة منهم على التأكيد أن على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم أولًا، فيقرروا الاتفاق على ما ينبغي الاتفاق عليه، والاختلاف الديمقراطي على ما لا يتفقون عليه، شرط أن ينتظم القرار على صعيد الدولة ويتقدم مسار الحلول والمعالجات.

ومن الواضح أن لا أحد يريد التعاطي مباشرة في الشؤون اللبنانية الداخلية، إلا في حال تعلّق الأمر بتأثيرات معينة على هذه الدولة أو تلك، لا سيما في ما خص "حزب الله" وسلاحه وارتباطاته، أو في ما يتعلق بحالات معينة يتورط فيها لبنانيون فسادًا وصفقات في الخارج ومع الخارج، ما يسيء ليس إلى سمعة لبنان بقدر ما يسيء إلى صدقية الأطراف الخارجية التي تتعاطى مع لبنان سواء كانت دولًا أو صناديق أو شركات خاصة.

ولذلك، هناك عنوانان أساسيان لا بد أن يكتملا بالنسبة لصورة لبنان تجاه الخارج، وهما السيادة الناجزة والإصلاح الجدي. عداهما لا فائدة من انتظار تعاطف فعلي، يتخطى التضامن الشكلي والإنساني إلى التزامات بالإعمار والاستثمار، وإطلاق الضوء الأخضر أمام الحركة السياحية الواسعة وما تعنيه من عودة شركات الطيران والرحلات السياحية المنظمة، لا سيما للشركات البحرية الكبرى.

ولعل أفضل من يعبر عن هذا الواقع هو عدد من السفراء والدبلوماسيين العرب وبالأخص الخليجيين، إذ من الواضح أن المملكة العربية السعودية ليست في حالة تخل عن لبنان حتى سياسيًا، بل إن قريبين منها يؤكدون أن لا استعداد لاستعادة التجارب المرة السابقة على صعيد ذهاب المساعدات المالية هدرًا أو لمصلحة أطراف تخاصم المملكة، ولكن عندما يستقيم الوضع السياسي في لبنان لمصلحة الدولة وسيادتها من دون منازع، فإن ما يبدو اليوم مستحيلًا أو صعبًا سيكون ممكنًا. على أن المملكة معنية بعودة المناخ العام السني للانتظام في الصف السيادي، ولو في ظل غياب تيار "المستقبل"، وذلك تعزيزًا للخيار السيادي على الصعيد الوطني لدى مختلف الطوائف، والانتخابات المقبلة تمثل اختبارًا معبرًا.

أما دولة الكويت، فهي في المسار ذاته وإن بليونة أكبر، فثمة مشاريع ما زالت تستمر الكويت في دعمها ولو بوتيرة هادئة، ولكنها لن تتوانى عن تعزيز دعمها عندما تطمئن إلى انطلاق مسيرة الدولة بشكل حاسم، خصوصًا وأن السلطات الكويتية ترى في لبنان خطًا أول للمواجهة على صعيد الحفاظ على الخيار العربي ورفض التمدد الإيراني النافر.

وفي ما خص قطر، فإن سفيرها لا يخفي في مجالسه استعداد الدوحة ليس للدعم فحسب بل للاستثمار الواسع في مجالات شتى، وليست المشاركة في ائتلاف التنقيب عن الغاز مع الفرنسيين والإيطاليين إلا جزءًا من هذا الالتزام، علمًا أن الانتقال إلى الاستثمار برًّا ينتظر بدوره المزيد من المعطيات لجهة استعادة الدولة سيادتها الناجزة وتوقف لبنان عن كونه ساحة لتصفية الحسابات بين المحاور والدول.

على أن النوايا جيدة بل ممتازة حتى بالنسبة للعواصم الأوروبية والغربية عمومًا، لكن الجميع يتناغم بنسبة كبيرة مع الموقف الأميركي، بل إن فرنسا تحاذر أي اندفاع يتمايز كثيرًا عن السقف الأميركي، ولذلك فإن المؤتمرين اللذين تعد لعقدهما قبل نهاية العام الجاري مبدئيًا، يرتبطان بنسبة كبيرة بمدى تقدم الحكومة في تنفيذ قرار حصرية السلاح، على أن إنجاز المؤتمر الأول تحت عنوان دعم الجيش اللبناني لا يجد أي عقبة جدية، باعتبار أن الجيش، بحاجة ماسة لكل مساعدة بهدف القيام بمهماته الصعبة تطبيقًا للقرار الحكومي، وتاليًا ليس هناك من تحفظ أميركي بشكل خاص، طالما أن الهوامش معروفة حيال نوعية العتاد الذي يمكن أن تقدمه فرنسا للجيش، أو لجهة الأموال التي يمكن تأمينها وكيفية صرفها. أما المؤتمر الخاص بإعادة الإعمار، فيبدو أكثر تعقيدًا باعتبار أنه مرتبط بمسألة حصر السلاح جذريًا جنوب الليطاني وشمال الليطاني، فضلًا عن شروط دقيقة ومتشددة حيال مسار أي مساعدة أيا كان شكلها.

وبالنسبة لاستحقاق استئناف التنقيب عن الغاز واستطرادًا عن النفط لا سيما في البلوك 8، من قبل ائتلاف الشركات الفرنسية والإيطالية والقطرية، فهو يشكل بحد ذاته دفعة ثقة بالحكم والحكومة في لبنان، على الرغم من وجود تحفظات ومحاولات تشكيك من قبل من يعتبرون أنهم متضررون من فرص نجاح هذه الخطوة، وإن كانت تحتاج إلى سنوات عدة لبلورة النتائج، لكن المهم أن القطار وُضع على السكة، والبلوك 8 وعلى الرغم من محاذاته للحدود مع إسرائيل، لكنه مشمول باتفاق الترسيم الأخير. ولذلك فإن أي عرقلة قد تأتي من الشمال وليس من الجنوب، أو من الاتجاهين معًا، إذا ما وجد أهل "الممانعة" ومعهم من كان يتسلم قطاع الطاقة على مدى بضعة عشر عامًا أن ثمة مصلحة في استدراج العامل الإسرائيلي لتبرير العرقلة.

تم نسخ الرابط