صيدا تروي قريبًا ستة آلاف عام من تاريخها في متحفها الوطني
في قلب مدينة صيدا حيث تعانق الحجارة ذاكرة البحر وتوشح الأزقة عبق التاريخ، ينهض "متحف صيدا الوطني" ليكون مرآةً لحضاراتٍ تعاقبت على هذه المدينة العريقة منذ أكثر من ستة آلاف عام.
وفي جولةٍ تفقديةٍ حملت بشائر الأمل باقتراب إنجاز المرحلة الأولى من المشروع، زار رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة موقع المتحف برفقة رئيس بلدية صيدا بالإنابة الدكتور أحمد عكرة، والرئيس السابق للبلدية حازم خضر بديع وعقيلته مايا غسان المجذوب (رئيسة المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان)، والمدير التنفيذي للشركة العربية للأعمال المدنية محمد الشماع، ورئيس المصلحة الهندسية في بلدية صيدا زياد الحكواتي، ومدير المشروع حسين حمادة، وعلي الحاج عن الإستشاري "شركة خطيب وعلمي".
الرئيس السنيورة الذي كان له دور أساسي في إطلاق المشروع وتأمين تمويله عبر الصندوقَين الكويتي والعربي، قال إن هذا المتحف يشكّل "واحدًا من أهم المعالم الثقافية والتاريخية في المدينة، وركيزة أساسية لإبراز وجهها الحضاري وإعادة إحياء حركتها السياحية والاقتصادية". وأضاف أن "المرحلة الأولى من الأعمال شارفت على الانتهاء، ما يمهّد لفتح أبواب المتحف قريبًا أمام الزوّار ليشهدوا بأعينهم تاريخ المدينة المتجذر منذ ما قبل الميلاد".
وجال الوفد في أرجاء المتحف، متفقدًا القاعات الكبرى والباحات المطلة على الطبقات الأثرية التي كشفتها بعثة المتحف البريطاني بإشراف المديرية العامة للآثار، حيث لا تزال الأرض تنبض بشواهد العصور التي مرّت على صيدا، من الفينيقيين إلى العثمانيين.
الرئيس السنيورة أكّد أن استكمال هذا المشروع يشكّل "رسالة وفاءٍ لتاريخ المدينة ولبنان، وإحياءً لروحها التي لم تنطفئ رغم الأزمات"، مشيرًا إلى أن الدعم العربي، ولا سيّما من دولة الكويت، "جسّد عمق الروابط الأخوية التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان وصيدا في مسيرة النهوض".
من جهته، قال رئيس البلدية بالإنابة الدكتور أحمد عكرة إن المتحف "يشكّل بوابة جديدة لوضع صيدا على الخارطة السياحية مجددًا، بما يتناغم مع جهود البلدية في إحياء الحركة الثقافية والفنية من خلال المهرجانات والأنشطة التي تنبض بالحياة منذ أشهر". وأضاف أن بشرى الرئيس السنيورة "تمنح أبناء المدينة حافزًا جديدًا للإيمان بصيدا كعاصمة للتاريخ والتراث، ومقصدٍ يجمع بين الأصالة والعراقة".
هكذا إذًا تستعد صيدا، المدينة التي كانت على مرّ العصور ميناء الحضارات، لتفتح ذراعيها مجددًا أمام الزوّار، لا كمدينةٍ من الماضي فحسب، بل كحاضرةٍ حيّةٍ تعيد كتابة سيرتها بالحجر والنور، وتروي للعالم حكاية التاريخ حين يسكن في قلب البحر.