تسلُّحٌ وتصعيدٌ وتهديد... هل يُخلِّص التفاوض لبنان؟
                            لم يعُد خفيّاً على أحدٍ أنّ "حزب الله" يُعيد بناء قدراته العسكريّة غير مكترث لخّطة الجيش اللبناني لسحب السّلاح أو حتّى للتهديدات الإسرائيليّة المتصاعدة التي تطاله والدّولة معاً، والتي تتوعّد بعودة الحرب على لبنان إن استمرّ التراخي مع موضوع السلاح. بين التسلّح من جهة والتّصعيد من جهة أخرى، هل "يُخلّص" التفاوض لبنان؟ أم أنّ سيناريو آخر بانتظارنا؟
يؤكّد الكاتب والمحلّل السياسي علي حمادة أنّ "تصعيد "حزب الله" ورفضه تسليم سلاحه للدّولة اللبنانيّة أصبح من المواقف التقليديّة لـه، وما هو أهمّ من ذلك هو وجود عنصرين أساسيّين، أوّلا، الأرض، عبر استمرار الاغتيالات الإسرائيليّة بحقّ عناصر ومقاتلي وقادة "حزب الله" الميدانيّين يوميّاً، وهو في المقابل لا يردّ لأنه قد لا يكون قادراً على الردّ، ولأنّ العواقب سوف تكون وخيمة على مناطقه وبيئته وقوّاته وعلى قادته العسكريّين الكبار والسياسيّين وصولاً الى ضرب الضاحية الجنوبية مع قيام إسرائيل بالتلويح بذلك"، مشيراً، في مقابلة مع موقع mtv، الى أنّ "الضغط العسكري واضحٌ ولن يتوقف، وهناك فترة اختبار للبنان مدّتها حوالي 60 يوماً حتى نهاية العام للاطلاع على ما يُمكن للدولة اللبنانيّة أن تفعله على صعيد السلاح".
ويُضيف حمادة: أما العنصر الثاني، فهو مهّم جدّاً وقد طرأ منذ ساعاتٍ بشكلٍ مُعلن وواضح وهو إعلان رئيس الجمهورية جوزاف عون بأنّه ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، وأنّ الحرب لم تؤدِّ الى أيّ نتيجة، وبالتالي إنه إعلانٌ صريحٌ بأنّ لبنان متجه للتفاوض مع إسرائيل، بغضّ النظر عن "شكليّات" هذا التفاوض".
ويُقارن حمادة بين لبنان وسوريا قائلا "لبنان يرى ما يحصل على الصّعيد السوري من تقدّم كبيرٍ وسريعٍ في التفاوض مع الإسرائيليّين، وحتى الآن حصلت خمس جولات تفاوض بحضور الأميركيّين، إضافة الى العمل على اتّفاقٍ أمنيّ كبيرٍ يُمكن أن يُنجز في نهاية العام الحالي، فضلاً عن أهميّة الزيارة التي يزمع الرئيس السوري أحمد الشرع القيام بها الى البيض الأبيض في التاسع من الشهر الجاري"، مشدّداً على أنّ "سوريا تتقدّم على لبنان بأشواطٍ، أمّا لبنان فلا يزال أسير مواقف "حزب الله" وتعنّته، عبر رفض تسليم سلاحه للدّولة في كلّ لبنان، ومن خلال المواقف المبنيّة على أيديولوجيّات مُتخلّفة تعود الى القرن الماضي حول مسألة التفاوض المباشر أو غير المباشر".
ويجزم حمادة أن "عون كان واضحاً عندما قال: "مع مَن أتفاوض؟ أتفاوض مع العدو، وليس مع الصديق أو الحليف"، وبالتالي هناك لغة جديدة في لبنان، والرؤساء الثلاثة مقتنعون بذلك، وليس أمام رئيس مجلس النواب نبيه برّي أيّ خيار آخر سوى القبول بما يقرّره عون على صعيد التفاوض حتّى لو كان التفاوض مباشراً وعسكريّاً وسياسياً وعلى أعلى المستويات، فما يهمّ اليوم هو المضمون بالنسبة للمواضيع والبنود فضلاً عن نتائج هذا التفاوض".
يقف لبنان بين نارين، النيران الإسرائيلية التي لم تهمد، ورماد "الحزب" الذي تحته جمر لم ينطفئ، بانتظار أي شرارة قد تقودنا هذه المرّة الى "جهنّم" لم يعرف أيّ بلد في المنطقة مثيلاً لها. فهل يُبعد التفاوض عن لبنان الكأس المرّ؟