ثانوية السفير استضافت القائم بأعمال سفارة الجزائر محمد بن شيخ في لقاء بعنوان "إرادة الحياة' تحيةً لذكرى ثورتها المجيدة
لمناسبة ذكرى الثورة الجزائرية المجيدة في الأول من نوفمبر، وتحت عنوان " إرادة الحياة" استضافت "ثانوية السفير" في الغازية القائم بالأعمال لدى سفارة الجزائر في لبنان الوزير المفوض السيّد محمد بن شيخ في لقاء مع طلابها بحضور مدير الثانوية الدكتور سلطان ناصر الدين والهيئتين الإدارية والتعليمية .
سرداح
استهل اللقاء بالنشيدين الوطنيين اللبناني والجزائري وعرض فيلم جزائري يحاكي ثورة نوفمبر، ثم كان تقديم من عريفة اللقاء الأستاذة دارين سرداح قالت فيه: " إنّ من كان فجرًا صادقًا لا يضمحلُّ بظلمةٍ غادرت الزمن، بل يتجسد حاضرًا واعدًا مستشرفًا المستقبل. هكذا غدا الفاتحُ من نوفمبر حُلمًا للمنهكين والمستضعفين، وثورةً أنجبت ستًا من الرجال الرجال. لأجل دماء الثوار وكرمى لتضحياتهم نكتب على جبين الشمس ونقول لكلّ حرٍّ، لكل ثائر، لكل مقلعٍ وحجرٍ وسكين لكل سهلٍ وجبلٍ ووادٍ في الجزائر الحبيبة : كل عام وثورتكم مباركة وخالدة".
شرفي
وكانت كلمة للسيدة غنية شرفي ( ابنة الجزائر وسيدة من جنوب لبنان وأستاذة في ثانوية السفير) اعتبرت فيها أن الثورة الجزائرية المجيدة " لم تكن مجرّد حدثٍ تاريخي، بل كانت صرخة شعبٍ آمن بالكرامة والسيادة، فكتب بدمائه ملحمةً خالدة أضاءت دروب الأحرار في كل مكانٍ من العالم". وقالت: "اليوم، ونحن في لبنان، بلد الصمود والمقاومة، نرى في هذه الذكرى جزءًا من النضال المشترك بين شعبين شقيقين، يجمعهما الإيمان بالحرية والمحبّة والإخاء العربي الأصيل".
قصيدتان
ثم أـلقت الطالبة تالا صالح والطالب جون ناصرالدين قصيدتين من وحي الثورة الجزائرية ، الأولى للشاعر الجزائري مفدي زكريا، بعنوان " نوفمبر جلّ جلالك فينا"، والثانية بعنوان " للوطن والحب " للشاعر عمر الفرّا. ثم جرى عرض فيديو بعنوان " قوّة الكلمة" يسلط الضوء على المواقف المشرفة والداعمة للأشقاء الجزائرين تجاه لبنان إبّان العدوان الأخير، من إعداد دائرة الاجتماعيات في ثانوية السفير .
ناصر الدين
وألقى كلمة الثانوية ، مديرها الدّكتور سلطان ناصر الدّين فرأى أن "ذكرى الثورة الجزائرية المجيدة ليست مجرّد تاريخ يُروى، بل هي شرارة ما زالت تتّقد في ضمير الإنسان الحرّ" . وقال: " ثورة لم تكن بندقيّة فحسب، بل كانت فلسفة حرّيّة تكتب بالدّم معنى الكرامة. في الأوّل من نوفمبر، لم تشرق الشّمس من الشّرق وحده، بل من صدور رجال ونساء حملوا الوطن في قلوبهم وعقولهم وقالوا: لا للاستعمار، لا لطمس الهويّة، لا لإخماد النور والأمل في عيون الأطفال. ومن تلك الـ " لا " المضرجة بالعزم والإرادة ، ولدت الجزائر لتقول : إنّ الإرادة أقوى من الحديد، وإنّ الشّعوب تنتصر إذا آمنت بعدالة قضيّتها" .
وأضاف: " حين نتأمّل وجه الجزائر نرى فيه ملامح الإنسان الّذي لا يلين، الّذي يعرف أنّ الألم طريق الوعي، وأنّ الجراح نوافذ على المستقبل، وأنّ الشّهادة في سبيل الحقّ حياة للحقّ. وفي ثانويّة السّفير في الغازيّة نجدّد العهد أن تبقى رسالتنا متّحدة مع تلك الرّسالة : أن نربّي في طلّابنا روح المقاومة في وجه الجهل والظّلم، حاملين شعلة العلم والإبداع والحريّة".
وتوجه ناصر الدين بتحيّة " إلى الشّهداء الّّذين جعلوا من الأرض جسدًا ومن السّماء كفنًا ومن الكلمة وطنًا. إلى الجزائر الّتي نقشت على جدار التّاريخ: نموت كي يحيا الوطن. إلى لبنان الّذي يفقه معنى العزّة لأنّه في دمه أيضًا حكاية مقاومة ". وقال: " ولتكن هذه الذّكرى وعدًا جديدًا بيننا : أن نكتب مستقبلنا من الوعي والإرادة كما كتب أحرار الجزائر حريّتهم بالنار والنّور ، ولْتَبقَ الثّورة فينا فكرة لا تنظفئ وصوتًا لا يهدأ . ولتبق الجزائر منارة تضيء الطّريق لكلّ من آمن أنّ الإنسان خُلق ليكون حرًّا ويعيش حرًّا" .
بن شيخ
بعد ذلك تحدث القائم بالأعمال الجزائريّ الأستاذ محمد بن شيخ ، فتوجه بداية بالشكر لجميع طاقم إدارة ثانوية السفير وأساتذتها وطلابها " الذين أبوا إلا أن يشاركوا الجزائريين الاحتفاء بهذه الذكرى الغالية ". وقال: "الثورة الجزائرية هي حدث كبير ومتميز بل واستثنائي، وعلامة فارقة ومحطة مفصلية في تاريخ الشعوب التواقة إلى الحرية والانعتاق، أكدت أن عقودً طويلة من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي ومن جرائمه ومجازره الكبرى ضد الشعب الجزائري، لم تنجح في إبعاد الجزائريين عن هويتهم وعقيدتهم العربية والإسلامية، بل إن الجزائر بكل مكوناتها وتنوعها، كانت واحدة موحدة في طلب الاستقلال والدفاع عن الهوية والعقيدة".
وأضاف: " لقد نجحت الثورة الجزائرية، ومعها حركة التحرر العربية والإفريقية والعالمية في أن تعيد صياغة النظام العالمي نفسه وفتح الطريق لقوى عالمية جديدة كما لحركة عالم ثالث متنامية حررت شعوبًا، وأعادت الاعتبار لفكرة المقاومة والجهاد ولنهج الكفاح المسلح، ولدور الشعوب".
وتابع: " وبعد الاستقلال، شكلت الثورة الجزائرية واحدة من أهم قواعد الإسناد والدعم، طيلة الستينيات والسبعينيات للقضايا العادلة عبر العالم عمومًا، وللقضية الفلسطينية خاصة، ناهيك عن إسهامها في حل العديد من القضايا والمشكلات المعقدة في المنطقة، وخصوصًا دورها في حل المشكلة اللبنانية، وهي أمور تفسر إلى حد بعيد ما تعرضت له الجزائر وما تزال من ضغوط وفتن".
واستعرض بن شيخ ما حققته الجزائر خلال عقود على صعيد مسيرة التنمية في كل مجالات الحياة "معتمدة على خطة ونهج سياسة متزنة وضعتها قيادات البلاد المتعاقبة"، وقال: " هي سياسات وخطط متكاملة بقيادة فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، تميزت بإنجازات واعدة تجلت في جميع القطاعات، لاسيما منها التعليم والصحة والسكن والمواصلات، ومن خلال سياسة مالية راشدة، كما استطاعت الجزائر أن تستعيد مكانتها على المستوى الإفريقي والعَربي والدولي في ظل احترامها للآخرين واحترام الجميع لها".
وختم بن شيخ : " إن ما حققته الجزائر بعد الاستقلال هو أن الجزائري اليوم يعيش إنسانًا سيدًا على أرضه بعدما طرد الأجداد والآباء المجاهدون المستعمر الفرنسي من الجزائر. علينا أن نثمن ما تم تحقيقه ونعترف أن هناك بعض النقائص التي يمكن استدراكها. لكن إذا ثمّنا ما كسبناه من جامعاتٍ ومعاهدَ ، فإن الجزائرَ ستكونُ قادرةً بعون الله على مواجهة كل التحديات. وإنه بعونه تعالى لغد مشرف لوطننا الحبيب، ملهم للشعوب العربية الشقيقة التي ما فتئت تسعى إلى تحقيق حريتها وسيادتها الكاملة على أراضيها".
بعد ذلك كرمت إدارة ثانوية السفير الأستاذ بن شيخ، فقدم له مديرها الدكتور ناصر الدين هدية باسم أسرة المدرسة . وبدوره قدم بن شيخ لناصر الدين هدية من وحي ذكرى الأول من نوفمبر .