بين مفاوضات الجنوب والفجوة المالية... قرارٌ من بعبدا بتثبيت الاستقرار!
ترأس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، بحضور رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام والوزراء، باستثناء وزيرة الشؤون الاجتماعية ووزير الاقتصاد ووزيرة الشباب والرياضة. واستهلّ الرئيس الجلسة بالإضاءة على مشهد التضامن الوطني الذي أظهره اللبنانيون خلال زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر للبنان.
وأكد الرئيس عون أن الصورة التي ظهّرها اللبنانيون من وحدة وعيش مشترك وتفاعل إنساني عفوي على مدى الأيام الثلاثة للزيارة، “كانت صورة حقيقية أصيلة دقيقة”، موجّهًا الشكر إلى كل من أسهم في إنجاح هذا الحدث التاريخي، من المواطنين والمتطوعين والأجهزة العسكرية والأمنية والهيئات الروحية والمدنية والإعلام اللبناني، إضافة إلى الجهات التي ساهمت في تغطية كلفة الزيارة، داعيًا في الوقت نفسه إلى الالتزام بقطع حساب علني لكل ما أُنفِق. وشكر الرئيس البابا على زيارته التي “لن تكون الأخيرة”، متعهّدًا بأن تكون الدولة على قدر آمال اللبنانيين ومعاناتهم.
وأشار الرئيس عون إلى الإحصاءات الحكومية منذ نيل الثقة: عقد 40 جلسة واتخاذ 941 قرارًا وإقرار 1998 مرسومًا، معتبرًا ذلك إنجازًا يُسجَّل للحكومة. كما وضع المجلس في أجواء زيارته المرتقبة إلى سلطنة عُمان برفقة الوزراء: يوسف رجي، أحمد الحجار، ميشال منسى، نزار هاني، ركان ناصر الدين، وريما كرامي. ومن جهة أخرى، رحّب بالزيارة التي قام بها الرئيس القبرصي إلى لبنان والاتفاق الذي تم توقيعه بما يسهم في التمهيد لملف الغاز والنفط.
وتناول الرئيس عون الاجتماع الأول للجنة “الميكانيزم” الذي شارك فيه السفير سيمون كرم، موضحًا أنّ التعيين جاء بعد مشاورات مع الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، “وحاجة لبنان لحضور مدني متمرّس”. واعتبر أنّ الجلسة الأولى طبيعية لناحية الإنتاجية، لكنها تمهّد لجلسات لاحقة في 19 من الشهر الحالي.
وشدد على أن هدف لبنان هو حماية كل لبنان، وأن ردود الفعل الإيجابية على الاجتماع يجب استثمارها لإبعاد شبح الحرب الثانية عن البلاد. وقال:
“لا تنازل عن السيادة، وعندما نصل إلى اتفاق سيظهر إن كان هناك من تنازل… وسنتحمّل المسؤولية”.
وأوضح أنّ توجيهاته مع الرئيس سلام إلى السفير كرم ترتكز على التفاوض الأمني:
وقف الاعتداءات
الانسحاب من النقاط المحتلة
ترسيم الحدود
إعادة الأسرى
ولا شيء “أكثر من ذلك مهما قيل ويقال”.
وكشف أنه سيبلغ وفد مجلس الأمن الذي يزور لبنان غدًا برفقة مورغان أورتاغوس بضرورة إلزام إسرائيل بالتعاطي الإيجابي، مع الإشارة إلى أن السفراء سيزورون الجنوب لمعاينة الواقع بدل الشائعات.
كذلك، شارك قائد الجيش العماد رودولف هيكل في جزء من الجلسة، حيث عرض المراحل التي قطعتها خطة حصر السلاح بيد الدولة. وأعطى الرئيس عون توجيهاته إلى الأجهزة الأمنية لحماية اللبنانيين وتأمين الأجواء للأعياد المقبلة.
كما نوّه بجهود الجيش الذي انتشر خلال زيارة البابا بنحو 25 ألف عسكري، إضافة إلى مهامه في مكافحة المخدرات وفي الشؤون الصحية والاجتماعية، معتبرًا أن المجلس “يثق” بخطط المؤسسة العسكرية رغم الصعوبات المرتبطة باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية وبعض الاحتياجات العملانية.
بدوره، استعرض الرئيس سلام استعرض زيارة وفد من ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، حيث سيتم بحث الخيارات أمام لبنان بعد انتهاء ولاية اليونيفيل نهاية العام المقبل، مشيرًا إلى احتمالات تشمل:
قوات دولية لمراقبة الحدود
قوة صغيرة مشابهة المنتشرة في الجولان.
وأكد سلام أنّ مشروع قانون الفجوة المالية دخل مراحله الأخيرة وسيبدأ النقاش حوله في مجلس الوزراء قريبًا تمهيدًا لإحالته إلى مجلس النواب.
وقدّم وزير المال ياسين جابر عرضًا حول الوضع المالي، مشيرًا إلى:
رفض زيادة الرسوم والضرائب بظل الأزمة
مضاعفة الجباية الجمركية وضريبة القيمة المضافة
ملاحقة التهرّب الضريبي استنادًا إلى القانون 44
وتحقيق فائض بالليرة اللبنانية للمرة الأولى بعد سنوات من العجز.
كما أعلن عن خطوات لتحسين أوضاع متقاعدي القطاع العام ودعم النقل ورفع الرواتب تدريجيًا ضمن خطة متوسطة الأمد، مشيدًا بالجهود التي حالت دون التأثير على احتياطي العملات الأجنبية. وختم مهنئًا بنجاح زيارة البابا والإجراءات التي أبعدت التهديدات الإسرائيلية.
وأشاد الرئيس عون بما قدمه وزير المال، معتبرًا ذلك “إنجازًا يفخر به كل وزير” وردًا على الانتقادات للحكومة.
مقررات الجلسة
أقرّ مجلس الوزراء معظم البنود الـ20 المدرجة على جدول أعماله، وأبرز ما جرى بحثه:
تقرير الجيش اللبناني الشهري (أبقي بسرية)
مسألة تفرّغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية:
▪️ إقرار الآلية والمعايير
▪️ تكليف وزيرة التربية ووزير المال بدراسة الكلفة المالية
▪️ العودة ببيان واضح في الجلسة المقبلة
وفي ردّ على أسئلة الصحافيين، أوضح وزير الإعلام بول مرقص أنّ:
الجيش ملتزم بالمهل الزمنية في خطة جنوب الليطاني
الاعتداءات الإسرائيلية تبقى أبرز الصعوبات
لبنان مع بقاء القوات الدولية مع بحث طبيعة دورها وحجمها
الاستراتيجية التفاوضية واضحة: انسحاب إسرائيلي – إعادة الأسرى – وقف الاعتداءات – تثبيت الحقوق اللبنانية.
كما لفت إلى تقديم لبنان شكوى جديدة إلى مجلس الأمن، وإلى أن المحاولات الإسرائيلية لربط المفاوضات بتعاون اقتصادي أو اتفاق سلام “لا تعكس حقيقة أهداف لبنان”.