صيدا – جزين: معركة مفتوحة... بانتظار قرار "المستقبل"
لا جديد نوعيًا حتى الساعة على مستوى الاصطفاف الانتخابي في دائرة صيدا – جزين، لكن الجمود الظاهر يخفي خلفه معركة كسر عظم يُتوقع أن تكون من أعنف الاستحقاقات النيابية في لبنان، في ظلّ القانون الانتخابي الحالي الذي يفرض تشابكًا طائفيًا وحسابات سياسية، حيث يُنتخب خمسة نوّاب: اثنان سنة عن صيدا، وثلاثة مسيحيين عن جزين، بينهم مقعدان مارونيان ومقعد كاثوليكي.
وسط هذا المشهد المعلّق ترقبًا وانتظارًا، تبقى عيون الجميع شاخصة نحو قرار "تيار المستقبل"، وتحديدًا نحو موقف رئيسه سعد الحريري من العودة إلى الحياة السياسية والنيابية من عدمها، وما إذا كانت النائبة السابقة بهية الحريري ستترشح مجدّدًا. فهذا القرار وحده كفيل، عند صدوره سلبًا أو إيجابًا، أن يقلب المشهد الانتخابي رأسًا على عقب، وإعادة خلط كلّ الأوراق والتحالفات.
وبحسب مصادر صيداوية لـ "نداء الوطن"، فإن "المستقبل" لم يحسم خياره بعد، وإن المشاورات والمراجعات الجارية مع الرئيس الحريري لم تبلور حتى الآن صورة واضحة للاتجاه النهائي، في ظلّ غياب أي مؤشر إيجابي حاسم، ما يعني عمليًا أن الأمور ما زالت تسير نحو استمرار التعليق السياسيّ حتى الآن.
وتلفت المصادر إلى أن بهية الحريري، التي تُعتبر "رقمًا صعبًا" في المعادلة الانتخابية الصيداوية، تلتزم صمتًا حذرًا، وتكتفي بالقول أمام المقرّبين إن نهاية العام ستكون محطة حاسمة لاتخاذ القرار.
في مقابل هذا الغموض السني، تبدو بعض التحالفات الأخرى أكثر وضوحًا وثباتًا. فتحالف النائب السابق إبراهيم عازار، المدعوم من "الثنائي الشيعي"، مع النائب السابق أمل أبو زيد المدعوم من "التيار الوطني الحر"، يسير بخطى متماسكة، في مواجهة خطّ مقابل ينتظر قرار الحريري أولًا والتحالفات الأخرى ثانيًا، ما يؤشر على معركة مسيحية – سياسية محتدمة في جزين، تتقاطع فيها الحسابات المحلّية مع الاصطفافات السياسية ضدّ "القوات اللبنانية"، التي تمثل رأس الحربة بعدما فازت بمقعدين في الدورة السابقة، والتي ترتكز على تحالف متين وطويل مع رجل الأعمال مرعي أبو مرعي في صيدا.
وعلى خطّ صيدا، دخلت ثلاثة تطوّرات على المشهد، زادت من حدّة المنافسة ورفعت منسوب الترقب:
أوّلًا، ظهور مرشحين جدد بعد الانتخابات البلديّة، بعضهم مدعوم سياسيًا وماليًا من خارج المدينة، ما ينذر بمزيد من تشتت الأصوات السنيّة، ولكنه وفق المراقبين، لا يفتح الباب أمام مفاجآت في ظلّ وجود القوى السياسية الصيداوية والزعامات التقليدية، وتحديدًا وجود النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، إضافة إلى ممثل "الجماعة الإسلامية" بسام حمود.
ثانيًا، دخول حزب "المسار الوطني" بقيادة بهاء الدين الحريري على خط الاستحقاق بقوّة، بعد نيله الترخيص الرسمي، ومحاولته بناء حضور سني وازن في ظلّ تراجع "المستقبل" وغيابه عن الاستحقاقات السابقة، في محاولة واضحة لملء الفراغ داخل البيئة السنية في صيدا وخارجها.
ثالثًا، تتقاطع معلومات عن احتمال دخول رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة على خط الاستحقاق، عبر دعم لوائح وشخصيات سنية مستقلة ومن التغييريين، ضمن حراك منسّق قد يمتدّ من بيروت إلى صيدا، حيث تبدو البيئة الانتخابية مهيّأة لولادة اصطفافات جديدة خارج اللوائح التقليدية.
خلاصة المشهد، تقف دائرة صيدا – جزين اليوم على صفيح انتخابي ساخن: قرار "المستقبل" سيشكّل البوصلة الأساسية لرسم المشهد في صيدا. في المقابل، تمضي التحالفات في جزين بخطى أكثر وضوحًا بين محورَي عازار – "الثنائي الشيعي"، وأبو زيد – "التيار الوطني"، في مواجهة "القوات اللبنانية".
وبين الغموض السني والتنافس المسيحي، تتقدّم الدائرة نحو مواجهة مفتوحة على كلّ الاحتمالات، قد تعيد رسم الخريطة السياسية في واحدة من أكثر الدوائر حساسية في الجنوب.