ترقب داخلي لاجتماع "الميكانيزم" المقبل: لا يمكن الإطمئنان لنوايا إسرائيل
تسود حالة من الترقب لاجتماع لجنة الميكانيزم، الجمعة المقبل، خصوصاً أنه الثاني الذي سيعقد بحضور السفير السابق سيمون كرم، على وقع إستمرار التحركات الدبلوماسية الهادفة إلى منع إسرائيل من الذهاب إلى أي تصعيد، في ظل التهديدات التي تصدر عن بعض وسائل الإعلام العبرية، بحجة أن "حزب الله" مستمر في العمل على إعادة بناء قوته.
ضمن هذا السياق، تأتي الجولة الدبلوماسية التي نظمها الجيش اللبناني، أول من أمس، لإطلاعهم على مسار تطبيق خطة سحب السلاح وعلى الاعتداءات الإسرائيلية، خصوصاً مع إقتراب موعد إنتهاء المهلة المحددة لمنطقة جنوب الليطاني، أي نهاية العام الحالي، ما سيفتح الباب أمام طرح الكثير من الأسئلة حول مسار المرحلة المقبلة، في ظل إستمرار الإحتلال لعدد من النقاط.
من حيث المبدأ، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن الأجواء اليوم أفضل مما كانت عليه قبل أسابيع، أي قبل مبادرة بيروت إلى تعيين كرم، خصوصاً أن هذه الخطوة وجدت ترحيباً لدى العديد من الجهات الخارجية المعنية، لكنها تشدد على أن الأمر لا يعني إنتهاء الخطر بشكل كامل، نظراً إلى أن تل أبيب مستمرة في الإعتداءات شبه اليومية، لا بل من الممكن أن تقدم على رفع وتيرتها في أي وقت.
بالتزامن، تشير المصادر نفسها إلى أنه لا ينبغي تجاهل رفض "حزب الله" أي بحث، بناء على ضغط خارجي، في مسألة السلاح خارج جنوب الليطاني، على قاعدة أن هذا ما ينص عليه إتفاق وقف إطلاق النار، في حين أن البحث الداخلي من المفترض أن يكون بعد وقف الإعتداءات الإسرائيلية، إلى جانب الإنسحاب وإطلاق سراح الأسرى، من ضمن إستراتيجية أمن وطني، وهو ما لا توافق عليه العديد من القوى المحلية، لا بل هناك القرار الرسمي الّذي ينص على حصر السلاح على الأراضي اللبنانية كافة.
في هذا الإطار، لا يمكن تجاهل أن الحزب نفسه كان قد اعتبر أن خطوة تعيين كرم تنازل مجاني، رابطاً الأمر بالقرارات التي كانت قد صدرت عن مجلس الوزراء في الأشهر الماضية، إلا أنه في المقابل لا يستطيع التعامل معها كما لو أنها غير موجودة، حتى ولو كان يعتبرها غير شرعية أو غير ميثاقية.
بالعودة إلى إجتماع "الميكانيزم" المرتقب، ترى المصادر السياسية المطلعة أنه لا يمكن التعويل على تحقيق نتائج كبرى سريعاً، بل أن الأمور ستحتاج إلى المزيد من الإجتماعات، لكنها تلفت إلى أنها قد تؤدي إلى منع تل أبيب من الذهاب إلى عمل عسكري موسع، خصوصاً بعد بروز مؤشرات على تفهم أميركي للموقف اللبناني، تعبر عنها التصاريح التي تصدر عن بعض المسؤولين الأميركيين.
هنا، تذكر المصادر نفسها بأن إسرائيل كانت قد عمدت، بعد الاجتماع الماضي، إلى الحديث عن تفاهمات إقتصادية ممكنة مع لبنان، ما رفضه الأخير مؤكداً على إطار محدد لدور "الميكانيزم" يتعلق بإلزامها بإتفاق وقف إطلاق النار، لكنها تشير إلى أن تل أبيب عمدت، من الناحية العملية، إلى فرض أمر واقع يتعلق بتفتيش المنازل، من خلال نموذج التهديد بإستهدافها، ما يدفع الجيش اللبناني إلى دخولها، مع العلم أنها كانت تطالب، في الفترة الماضية، بذلك لكن لم تكن لتلقى تجاوباً.
في المحصلة، تشدد هذه المصادر على ضرورة ترقب ما سيصدر عن الإجتماع الثاني، حيث الكثير من الأسئلة حول ما يمكن أن تطرحه تل أبيب، خصوصاً في ظل الحديث المتكرر عن ضرورة البحث عن آلية توثيق جديدة لعمل الجيش، حيث يبقى السؤال عما إذا كانت ستعمد إلى المزيد من الخطوات، التي تصب في إطار السعي نحو إشعال توترات داخلية، لا سيما أنه من المستبعد أن تقدم، من جانبها، على أي خطوة إيجابية من دون ثمن