خليج الإسكندر في صيدا.. من مجال عام إلى منطقة مسلوبة
كتب رئيس لجنة الاشغال والتخطيط في بلدية صيدا المهندس محمد دندشلي:
ما نراه اليوم. في خليج الإسكندر ليس مجرد فوضى تشغيلية ولا “سوء تنظيم” يمكن إصلاحه بقرار إداري عابر.
ما يحدث هناك هو سلخ تدريجي للمدينة عن بحرها، وبتر لذاكرتها، وتحويلٌ للمكان الذي يمثل رئة المدينة و هويتها ، إلى منطقة منفصلة نفسيًا وعمرانيًا عن محيطها .
هذا الواقع لا يخدم الاقتصاد المحلي للمدينة كما لا يخدم صورتها و مستقبلها.
بل يخدم منطقًا واحدًا فقط: منطق اصحاب المصالح و الأمر الواقع .
حيث تتراكم شاحنات نقل الخردة على كورنيش البحر ،وبين المباني في الأحياء والساحات المحيطة ، كما تتراكم الأخطاء، بلا مساءلة، بلا رؤية، وبلا خجل.
خليج الإسكندر يُنتزع من الناس بصمت !
في آخر جلسة عقدت بين اعضاء من المجلس البلدي بحضور رئيس البلدية ، وبين مدير المرفأ الحالي والسابق ، بوجود المهندس الاستشاري المكلف تنظيم المجالات في المرفأ، تمّ التأكيد من قبل البلدية على ضرورة التكامل والتواصل في العلاقة بين الرصيف الشرقي للمرفأ والكورنيش البحري…
عبر إنشاء رصيف سياحي وملحقاته ، بما ينسجم مع طبيعة الموقع .
كما تم ّالتأكيد على منع مرور الشاحنات والآليات في المنطقة ،وكذلك عدم استعمال مواد وعوائق غير ملائمة ، تشوه المجال العام .
على ان تعرض المخططات الأولية على المجلس البلدي بعد تعديلها .
اخطر ما يحصل اليوم ان الأشغال وتحديد مساحات الأراضي المردومة ، وتقسيمها بالأسلاك الشائكة يتم دون علم البلدية ،
مع انها وحدها لها حق الاستثمار !
وهنا يبرز التساؤل :
هل من اتفاق ناجز مخفي في الأدراج يجهله المجلس الجديد ؟
ام انّ هناك سلطة تعلو سلطة البلدية ، تخطط وتنفذ ؟
أخطر ما في المشهد ليس البشاعة وحدها ، بل الاعتياد عليها ، والتعايش معها :
أن يصبح السلك الشائك مشهداً طبيعيًا.
أن يتحول المنع إلى امر مفهوم ومبرر .
أن يتحول البحر من فضاء عام مفتوح إلى “منطقة محظورة .
وهنا يبدأ الانفصال الحقيقي: الناس تُقصى ، الذاكرة تُمحى،
و المكان يُعاد تعريفه كـ“وظيفة” ل كـ“قيمة”.
والسؤال البديهي:
لأجل من ؟ ولمصلحة من ؟
هذا ليس تطويرًا، بمفهوم التنمية والتنظيم والتخطيط بل "اغتصاب عمراني" لمكان شديد الحساسية في تاريخ المدينة وجغرافيتها.
المدينة ليست ضد انشاء المرفأ المشكلة في مكان وجود المرفأ… وعمله وتبعاته على محيطه !
صيدا مدينة بحرية وجدت فيها الموانىء منذ نشأتها.
لكنها لم تكن يومًا مدينة شاحنات ثقيلة، ولا رافعات صدئة، ولا ساحات عشوائية لتكديس الخردة.
المرفأ الذي لا يحترم المدينة ومجالها :
⁃ يتحوّل : اولاً إلى عبء ،
⁃ ثم إلى خطر
⁃ ثم الى جرح مفتوح في الجسد العمراني. و ذاكرة الناس .
وما نراه اليوم
هو بداية مرحلة الجرح النازف…
والمطلوب من الجميع اليوم اعلان موقف واضح وصريح
وبلا مواربة :
إما إعادة تعريف وظيفة المرفأ الجديد بالكامل، ضمن رؤية تخطيطية انمائية واضحة .
أو إخراجه من هذا الموقع الحسّاس. الذي لا يحتمل هذا النوع من الاستخدامات.
اسئلة برسم الجميع
١- هل الأسلاك الشائكة، والإقفال الفعلي للواجهة ، يشكلان تعدياً على الملك العام .؟
٢ - هل ركن الشاحنات والمعدات الثقيلة خارج نطاق المرفأ مسموح قانوناً ؟
٣ - ما هو الأساس القانوني للفصل القائم بين المرفأ والمدينة ؟
٤ - هل اطلع المجلس البلدي السابق رسمياً على طبيعة
استخدامات المرفأ وتطوره ؟
٥ - من يتحمل المسؤولية القانونية عن التشويه البيئي والبصري الحاصل ؟
المشغل؟ الجهة الوصية ؟ البلدية؟
واين تبدأ مسؤولية كل طرف؟
من المؤكد ان البلدية مسؤولة عن تنظيم مجالها البلدي
والواجهة البحرية ليست ساحة مستباحة …
بل هوية، وحق عام ، وامانة .