اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

لبنان أمام اختبار الميكانيزم... تقرير الجيش حاسم!

صيدا اون لاين

يدخل لبنان مرحلة دقيقة ومفصلية مع اقتراب موعد اجتماع لجنة الميكانيزم المقرر في السابع من الشهر المقبل، في ظل سعي رسمي واضح لتحصين الموقف اللبناني سياسياً ومؤسساتياً قبل هذا الاستحقاق، انطلاقاً من تثبيت الوقائع الميدانية وتظهيرها ضمن إطار رسمي موحد.

وفي هذا السياق، يندرج اللقاء الذي جمع امس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون برئيس الوفد اللبناني إلى اجتماعات الميكانيزم السفير سيمون كرم، والذي شكّل محطة تنسيقية أساسية تهدف إلى توحيد الرؤية اللبنانية حول كيفية مقاربة الاجتماع المرتقب، وتوظيف المعطيات المتوافرة بما يخدم تثبيت حقوق لبنان ويمنع تحميله أعباء إضافية خارج إطار التزاماته المعلنة.

التحضير لاجتماع الميكانيزم لا ينفصل عن المسار الداخلي الذي سيأخذ بعداً مؤسساتياً واضحاً من خلال جلسة مجلس الوزراء المقررة مبدئياً في الخامس من الشهر المقبل، حيث من المنتظر أن يعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل التقرير النهائي حول خطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني. ويُنظر إلى هذا التقرير على أنه حجر الزاوية في المقاربة اللبنانية للاجتماع، إذ يشكل التوثيق الرسمي الشامل لما أنجزه الجيش اللبناني على الأرض منذ إقرار الخطة الحكومية في الخامس من آب الماضي، وبالاستناد إلى اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي أقرت في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024.

أهمية التقرير لا تكمن فقط في مضمونه التنفيذي، بل في كونه يؤكد التزام الدولة اللبنانية، عبر مؤسساتها الشرعية، بمبدأ حصرية السلاح في المنطقة المحددة جنوب الليطاني، ويُظهر أن ما تحقق هو نتيجة خطة واضحة ومقررة حكومياً. كما يسلط التقرير الضوء على انتشار الجيش وأدائه الميداني، وعلى الإجراءات التي نُفذت ضمن الإمكانات المتاحة، مع تثبيت حقيقة أساسية مفادها أن الاستثناء الوحيد لحصرية السلاح يبقى محصوراً بالمناطق التي لا تزال خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، بما يضع هذا الاستثناء في سياقه القانوني والسيادي الصحيح.

وعلى قاعدة هذا العرض، يتجه لبنان إلى اجتماع الميكانيزم حاملاً ما يعتبره ملفاً متكاملاً يوثق وفاءه بالتزاماته، على أن يتولى السفير سيمون كرم نقل هذه الصورة بشكل واضح وصريح إلى الأطراف المعنية. فالهدف اللبناني لا يقتصر على تسجيل نقاط تقنية، بل يتعداه إلى إعادة تثبيت منطق التوازن في الالتزامات، ورفض أي مقاربة تختزل الاتفاقية من زاوية واحدة أو تُحمّل لبنان وحده مسؤولية التنفيذ فيما تُغضّ النظر عن الخروقات الإسرائيلية المتواصلة.

من هنا، فإن الرسالة اللبنانية في اجتماع السابع من الشهر المقبل ستقوم على مبدأ بسيط في الشكل، لكنه بالغ الدلالة في المضمون؛ إذا كان لبنان قد أنجز ما هو مطلوب منه عبر الجيش والدولة، فإن الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي، سواء لناحية وقف الخروقات اليومية، والانسحاب من المناطق المحتلة، بما يتيح الانتقال من منطق إدارة التوتر إلى منطق تثبيت الاستقرار. ويؤكد هذا التوجه أن أي محاولة لتكريس واقع غير متوازن ستبقى معرضة للاهتزاز، ولن تنتج استقراراً دائماً مهما تعددت الضمانات.

وقبيل الاجتماع، تشير المعطيات إلى جهد لبناني مكثف على المستوى الرئاسي والدبلوماسي لوضع الدول المنخرطة في الميكانيزم، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأمم المتحدة، أمام حقيقة ما يجري ميدانياً، بعيداً من أي تأويلات سياسية أو ضغوط ظرفية. ويهدف هذا الجهد إلى منع تفريغ التقرير العسكري من مضمونه، وإلى التأكيد أن المسار اللبناني ليس خطوة معزولة، بل جزء من مقاربة متكاملة تقوم على مبدأ "الخطوة مقابل خطوة"، باعتباره الضمانة الحد الأدنى لأي مسار مستدام.

انطلاقا من ذلك، يبدو اجتماع لجنة الميكانيزم المقبل اختباراً مزدوجاً؛ للبنان في قدرته على تثبيت إنجازاته وحماية موقفه، وللمجتمع الدولي في مدى استعداده لترجمة التوازن النظري في الاتفاقيات إلى وقائع عملية على الأرض. وبين تقرير الجيش على طاولة مجلس الوزراء، والجهد السياسي المواكب، يسعى لبنان إلى الدخول هذا الاستحقاق من موقع المبادِر لا المتلقي، واضعاً خطوطاً واضحة مفادها أن الاستقرار لا يُفرض من طرف واحد، بل يُبنى على التزامات متبادلة واحترام متساوٍ للسيادة والاتفاقات

تم نسخ الرابط