إختر من الأقسام
آخر الأخبار
لماذا يقتل كورونا شباباً لا يعانون من مشاكل صحية؟ خبراء يحاولون الإجابة
لماذا يقتل كورونا شباباً لا يعانون من مشاكل صحية؟ خبراء يحاولون الإجابة
المصدر : عربي بوست
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ نيسان ٢٠٢٤

لماذا قد يقتل فيروس كورونا شاباً يتمتع بصحة جيدة فجأة ودون مقدمات؟ ربما يكون البحث عن إجابة حاسمة لهذا السؤال هو أكثر ما يحير العلماء وخبراء الفيروسات والأطباء، حيث تمثل تلك الحالات -على قلتها- واحداً من أكثر ألغاز فيروس كورونا وأقساها، فما هي القصة؟

أصيب بالعدوى من زوجته الشابة
في ظل ما يشبه الانهيار الجليدي الكاسح، يواصل تفشي وباء كورونا إلقاء ألغازه تباعاً بصورة مربكة للعلماء وخبراء الفيروسات، بعد أن وصلت حالات الإصابة المرصودة عالمياً لما يقرب من 1287000حالة وتخطت الوفيات حاجز 70000 وتعافى نحو 272000، بحسب إحصائيات موقع وورلدميترز صباح اليوم الإثنين 6 أبريل/نيسان.

لكن الزيادة المطردة في أعداد الإصابات والوفيات وأيضاً حالات التعافي في حد ذاتها ربما لم تعد تمثل لغزاً، مع تطوير العلماء لفكرة ما عن منحنيات التفشي في كل منطقة أو دولة والتوصل إلى توقعات ربما تكون غير دقيقة 100%، لكنها ليست بعيدة تماماً عن الواقع.

اللغز الأكبر الذي كشر عن أنيابه في الأسبوعين الأخيرين يتعلق بحالات الوفاة لشباب لا يعانون من أمراض مزمنة أو مشاكل صحية بشكل عام، والنقطة الأكثر إرباكاً هي أن تلك الحالات تدهور فجأة وتفقد حياتها بصورة يعجز الأطباء عن تفسيرها.

بين لودرير شاب أمريكي يبلغ من العمر 30 عاماً ويعمل مدرساً في نيوجيرسي وكان لاعباً للبيسبول في المدرسة الثانوية ويعمل أيضاً مدرباً لفريق البيسبول في المدرسة، لذلك لم يشعر بالقلق عندما أصيبت زوجته براندي بفيروس كورونا، فهي أيضاً في نفس عمره وتعمل مدرسة وصحتها جيدة.

نيويورك تواجه ذروة التفشي
كانت براندي قد أصيبت بالعدوى وظهرت عليها أعراض خفيفة للغاية تمثلت في ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وشعور بالإجهاد وإمساك، وبعد أن ظهرت نتيجة اختبار الفيروس وجاءت إيجابية، لم يكن هناك داع لاحتجازها في المستشفى، وبعد عدة أيام شعر زوجها ببعض الإجهاد وارتفاع طفيف في درجة الحرارة وأجرى الاختبار وجاءت النتيجة إيجابية، وأيضاً لم يكن هناك فزع أو ذعر.

بعد يومين أو ثلاثة -كان ذلك في الجمعة الأخيرة من شهر مارس/آذار- بدأت أعراض بين تزداد حدة وأبرزها السعال وضيق الصدر وخصوصاً في أوقات الليل، لذلك توجه بين بصحبة زوجته براندي إلى المستشفى، وانتظرته في السيارة وكان يبلغها بتطورات الموقف عبر الرسائل النصية.

مات فجأة
وضع الأطباء بين على جهاز الأكسجين واستجاب بسرعة بشكل جيد، وأعطاه الأطباء السوائل وتيلينول وأخبروه أن يعود للمنزل ويواصل ما كان يفعله؛ البقاء في الفراش وتناول السوائل والتيلينول. كان ذلك ليلة الجمعة 27 مارس/آذار الماضي، وبحلول الأحد 29 مارس/آذار، تحسنت حالة بين وظهرت عليه علامات التحسن وغادر الفراش وتناول العشاء لأول مرة منذ الجمعة، بحسب رواية زوجته لشبكة سي إن إن التي روت القصة اليوم الإثنين 6 أبريل/نيسان.

“الأحد كان يوماً رائعاً فقد غادر الفراش وتحرك في البيت وكان يتحدث معنا”، بحسب زوجته، التي أضافت أنه بدا في طريقه للتعافي، لكن تلك الليلة، عادت الأعراض الحادة، ووجد صعوبة في التنفس وعرضت عليه زوجته أن تأخذه للمستشفى لكنه تردد، فظلت تحاول مساعدته على تقليل درجة الحرارة وفي الساعة الثانية صباحاً استغرق في النوم أخيراً.

وبعد أن تفقدته براندي زوجته وتأكدت أنه يتنفس بشكل طبيعي، نامت في الصالة وكان ذلك في الثانية صباحاً، وفي السادسة صباحاً دخلت الغرفة لتطمئن عليه لتجده قد فارق الحياة.

لا توجد إجابات
لم تحصل براندي على إجابة شافية حول سبب تدهور حالة زوجها ووفاته بتلك السرعة. صحيح أنه كان مريضاً بفيروس كورونا، لكنه شاب في الثلاثين ولا يشتكي من أمراض مزمنة وحالته الصحية جيدة جداً، وهي نفسها أصيبت بنفس العدوى قبله -العدوى انتقلت إليه منها- لكن أعراضها لم تتطور، فماذا حدث؟

الحقيقة أن قصة بين ليست حالة منفردة، بحسب السي إن إن، بل هناك حالات مشابهة أصابت مسئولي الصحة حول العالم بالحيرة والارتباك؛ لماذا تتدهور حالة بعض الشباب ويموتون بهذه السرعة؟

منظمة الصحة العالمية حذرت أن الشباب ليسوا محصنين من العدوى
لم يجد الأطباء في المستشفى إجابة شافية يقولونها لبراندي، وكذلك الحال بالنسبة للحالات الأخرى في أمريكا وأوروبا، لكن الخبراء والعلماء يقولون إنه “ربما يكون السبب إما خللاً جينياً كان مستتراً أو حجم العدوى الفيروسية”، وذلك بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية بعنوان: “لماذا يموت بعض الشباب بسبب فيروس كورونا؟”.

خلل جيني أو كمية الفيروس
تعددت النظريات في تفسير هذا اللغز المربك؛ بعض الباحثين يعتقدون أن كمية الفيروس التي تدخل الجسم ربما تمثل عاملاً حاسماً، فالجرعة المكثفة من الفيروس تؤدي لحالة أسوأ من الأعراض الحادة، ويعتقد البعض الآخر أن الأمر مرتبط بالخريطة الجينية لكل فرد، بمعنى أن بعض التراكيب الجينية تجعل صاحبها أكثر ضعفاً في مواجهة انتشار الفيروس في الجسد.

فكرة الخريطة الجينية أو الخلل الجيني هي التي يفضلها عالم الفيروسات الإنجليزي مايكل سكينر الذي يعمل في إمبريال كوليدج بلندن: “من الوارد جداً أن البعض لديهم هيكل جيني معين يجعل استجابة جهازهم المناعي لفيروس كورونا أسوأ من الآخرين”.

سكينر أضاف أنه “من الجائز أن الإصابة بفيروس كورونا تثير خللاً جينياً من نوع ما يكون كامناً لدى بعض الأفراد فيعانون بصورة أسوأ مما هو مفترض، وتظهر عليهم الأعراض الحادة جداً بسرعة بسبب الأعراض الجانبية لذلك الخلل الجيني.

أما أخصائية الفيروسات أليسون سينكلير من جامعة ساسيكس فهي تميل أكثر لنظرية “كمية الفيروس” التي قد تمثل عاملاً حاسماً في نتيجة أو كيفية تطور العدوى، وترى أن الشباب الذين تعرضوا للوفاة بتلك السرعة كانت جرعة الفيروسات التي تعرضوا لها هي العامل الحاسم.

وتضيف أليسون: “الشخص الذي يتعرض لجرعة عالية من الفيروس تكون في جسمه كمية أكبر من الخلايا الفيروسية، عكس الشخص الذي يصاب بالعدوى بفعل كميات قليلة. إننا لا نعرف بعد بشكل قاطع التأثير الناتج عن كمية الفيروس على الشخص المصاب وانعكاس ذلك على الأعراض التي تصاحب العدوى، وهذا الرابط -سواء كان موجودا أو لا- أمر مهم للغاية أن نكتشفه ونتأكد منه”.

الواضح إذن أنه لا توجد بعد إجابات قاطعة يتفق عليها الجميع فيما يتعلق بفيروس كورونا، وعلى الأرجح لن تكون هناك إجابات قاطعة قريباً، لذا من المهم اتخاذ إجراءات الوقاية اللازمة، دون الارتكان لنظريات مثل أن كبار السن هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة والوفاة.


عودة الى الصفحة الرئيسية