إختر من الأقسام
آخر الأخبار
باحات الملعب البلدي والكورنيش البحري مُتنفّس الصيداويين
باحات الملعب البلدي والكورنيش البحري مُتنفّس الصيداويين
المصدر : محمد دهشة - نداء الوطن
تاريخ النشر : الخميس ١٨ حزيران ٢٠٢٤

ما كادت قيود التعبئة العامة وحال الطوارئ الصحّية تشقّ طريقها الى التطبيق في يومها الأول، حتى عادت الباحات الخارجية في ملعب صيدا البلدي (مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري) تكتظّ بالمئات من أبناء صيدا ومنطقتها، بعدما ضاقوا ذرعاً بالحجر المنزلي، بهدف تنفيس الاحتقان النفسي الذي فرضه تفشي "كورونا" بسبب طول أمده من جهة، وممارسة الرياضة او هواية المشي غروب شمس كل يوم، من جهة أخرى.

خلال الحجر المنزلي، أقفلت القاعات والنوادي الرياضية والملاعب، توقّف الكثيرون عن ممارسة الرياضة قسراً، سقط الريجيم امام الفراغ المُملّ، جرى ملؤه بالجلوس والنوم والطعام والشراب والحلويات من حواضر البيت. وجد بعض الناس أنفسهم أمام كسل ثقيل، وبعضهم الآخر أمام زيادة مضطردة في أوزان أجسادهم على حين غرة. فما إن رُفعت قيود التعبئة حتى قصدوا الواجهة البحرية للمدينة، سواء الباحات الخارجية للملعب البلدي، أو الكورنيش البحري بقسميه الجديد والقديم، وبينهما المسبح الشعبي لممارسة الرياضة أو السباحة، بالرغم من قرار المنع وتحذير بلدية صيدا من ذلك، بعد وفاة المواطن الصيداوي مصطفى الشريف غرقاً. ويقول هلال صفدية الذي كان يمارس هواية المشي لـ"نداء الوطن": "عدت الى سيرتي الاولى، انها نعمة كبيرة أن تمشي في الهواء الطلق، بعيداً من الحجر والملل وروتين الحياة بعد فترة طويلة من الحبس المنزلي، تُشاهد الناس والحركة، وتستمتع بغروب الشمس وتنشّق الهواء العليل"، موضحاً ان "ممارسة هذه الهواية لا تُنشّط الجسد وتحافظ على الوزن فقط، وانما تُرخي في النفس نوعاً من الهدوء والسكينة "راحة نفسية"، نحن أحوج ما نكون بحاجة اليها، في ظلّ الأزمات المُتلاحقة والضائقة الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الأسعار والغلاء الذي لا يُطاق".

على امتداد الباحات الخارجية للمعلب البلدي، والتي يُميّزها شكلها الدائري وعدم قدرة وصول السيارات اليها بسبب العوائق الحديدية الموضوعة عند مدخليها، وعلى طول الكورنيش البحري، يحمل كل واحد من الروّاد أسبابه الموجبة، بين الحفاظ على الرشاقة والتخلّص من الوزن الزائد، أو الوقاية من الأمراض وحرق السكري والدهون، أو الترويح عن النفس من ضغط الحياة. وتقول نسرين الجعفيل لـ "نداء الوطن": "التزمت بالحجر المنزلي طوال فترة التعبئة، ونزلت اليوم الى الكورنيش لممارسة هواية المشي الذي اعتدت عليه منذ سنوات، بهدف الحفاظ على الرشاقة"، موضحة: "أمشي اربع دورات متتالية بلا توقّف، فأشعر بالنشاط والسعادة، اريد نسيان ايام الرعب والخوف والقلق من فيروس "كورونا"، لقد حرقت أعصابي وسأفتح صفحة جديدة من حياتي، وأدعو الله ان يستمر السماح لنا وألّا تتأزّم الامور مُجدّداً".

لكنّ صورة النشاط الرياضي الطوعي، سُرعان ما تنقلب رأساً على عقب مشياً إجبارياً يمارسه كثيرون رغم أنفهم، كوصفة طبية لا مفرّ منها لمقاومة المرض. ويقول الحاج الخمسيني محمود البابا، الذي اعتاد أن يقصد المكان كل يوم: "أُعاني من داء السكري والمخزون عالٍ جداً، فوصف لي الطبيب المعالج الدواء وقال لي عليك المشي اليومي، فإنه يحرق السكري كما تحرق النار الحطب".

وبين الفريقين، يُفضّل بعض الذين يمارسون هواية المشي او الركض أو التأمّل والتقاط الصور لغروب الشمس، وضع سمّاعات الأذن والانغماس في سماع الموسيقى لتهدئة الأعصاب من توتر الحياة اليومية، على وقع الأخبار ونشرات الأخبار المليئة بالحوادث، لتتكامل مع الرياضة الجسدية والراحة النفسية. لا تُفرّق بين كبير وصغير، إذ تشاهد مشاة من مختلف الأعمار والطبقات الإجتماعية، بينهم الطبيب والمهندس والرياضي والمعلّم، وحتى قيادات سياسية ونقابية، فيتحول المكان مساحة للتلاقي بعد طول فترة خلوّه من الاقدام.

وحركة الرياضة تُعزّز عودة دورة الحياة في المدينة الى طبيعتها تدريجياً، بعد التعطيل والإقفال والحدّ من تجوال المواطنين التزاماً بالإجراءات الوقائية، والتي شملت مختلف القطاعات الانتاجية والإقتصادية والتجارية والحرفية والسياحية والمهن والمؤسسات الخاصة، إضافة الى الإدارات الرسمية العامة التي شهدت حركة ناشطة، مع استئناف معظم موظفيها عملهم، وحضورهم إلى مكاتبهم كالمعتاد في سراي صيدا الحكومي، تبعاً لأرقام لوائح سياراتهم (مفرد - مجوز)، واستقبال معاملات المواطنين الوافدين إليها، وإنهاء المتأخّر منها بعد غياب قسري بسبب "كورونا"، وسط استمرار التدابير الوقائية من ارتداء الكمّامات والقفّازات واعتماد المسافات الآمنة وتجنّب الاكتظاظ الاجتماعي داخل أروقتها.

توازياً، جالت لجان من طلاب الجامعات، بتكليف من وزارتي الصحة والعمل وبمؤازرة بلدية صيدا، على المحال والمؤسسات التجارية للتأكّد من تطبيق التدابير والإجراءات الوقائية من حيث ارتداء القفّازات والكمّامات، سواء لصاحب المحلّ أو الزبائن والمحافظة على التباعد الاجتماعي وعمليات التنظيف الدائمة للسطحيات ووضع المعقّمات في المداخل، وذلك بعد ارتدائهم لباساً خاصاً حمل شعار "لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية من فيروس كورونا" وسجّلوا الملاحظات التي عاينوها تمهيداً لرفع تقارير بمشاهداتهم الى وزارتي الصحة والعمل. وتبين ان المحال والمؤسسات الملتزمة تمّ لصق "ستيكرز" على مداخلها من الوزارة تحميها من الغرامات، كُتب عليها "هذه المؤسسة شاركت في الحملة الوقائية للتوعية ضدّ انتشار فيروس كورونا"، وان فرض الغرامة على عدم ارتداء الكمّامة جعل الالتزام بها يتجاوز الـ80%.


عودة الى الصفحة الرئيسية