هل تصيبك الشبكات الاجتماعية بالاكتئاب أم تخلصك منه؟
لطالما كان هنالك جدل دائر حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب أو تزيد من حدته، خصوصاً بعد تسريبات فيسبوك التي أكدت معرفة الشركة بتأثير سلبي لمنصة إنستغرام على الحياة النفسية للمراهقات، لكن السؤال يتجاوز هذه الفئة العمرية ويصل إلى البالغين...
غالباً ما تتضمن الشبكات الاجتماعية صوراً وأخباراً للآخرين وهم يحققون إنجازات، في حين يستقبل البعض هذه المعلومات وهم يعيشون عزلة اجتماعية وفي وضع نفسي صعب. فهل هي الوصفة السهلة للإصابة بالاكتئاب؟
العالم قرية صغيرة، هذا صحيح، فأنت تعيش الآن في العالم الذي يسمح لك بإمساك شاشة تتسع لها قبضة يدك وفتح الخريطة لترى جزيرة تبعد عن إحداثيات موقعك الحالي آلاف الكيلومترات. يسمح لك أيضا أن تضغط على زر الاتصال وفتح فيديو لترى عائلتك التي اغتربْتَ عنها منذ شهور مضت. كما يسمح لك بمتابعة إعادة مسلسلك المفضل دون الانتظار 12 ساعة لتتم إعادته على القناة الثانية.
ويُتيح لك فرصة قراءة الكتب دون أن تدفع ثمنها، ويُمكنك أيضا أن تحجز لرحلة الصيف واختيار فندقك بالإطلالة التي تُحب خلال ثوانٍ معدودة. كما يُمكنك أن تلبس ساعة إلكترونية تحسب عدد دقّات قلبك، وعدد خطواتك التي مشيتها خلال اليوم، وتُنبهك بموعد تمارينك إن أطلت الجلوس دون أن تطلب منها!
أصبح الوقت "شَبَكيا" كفاية لأن يصلك بكل بعيد. وبالحديث عن التواصل، فلا يمكن أن ننسى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في شبكة قرية هذا العالم. وبات تأثيرها الكبير يحتاج إلى أبحاث ودراسات وعلوم، بين جانب يُؤيد إيجابياتها ويراها كفة تطغى على معظم السلبيات، هُناك على الجانب الآخر من يراها سلبية وتؤثر على الصحة العقلية على جيل كامل من الشباب. فهل يُمكن لمنصات أُنشئت للدمج والتواصل أن تكون سببا في الوحدة وزيادة مُعدلات الاكتئاب؟
لطالما كان هنالك جدل دائر حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب أو تزيد من حدته، خصوصاً بعد تسريبات "فيسبوك" التي أكدت معرفة الشركة بتأثير سلبي لمنصة إنستغرام على الحياة النفسية للمراهقات. لكن السؤال يتجاوز هذه الفئة العمرية ويصل إلى البالغين.
كيف تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الاكتئاب؟
توصلت دراسة طبية أمريكية حديثة إلى أن استعمال مواقع التواصل الاجتماعي يرتبط بالاكتئاب، وأجرى الدراسة علماء نفس في جامعة بنسلفانيا، واستهدفت 143 طالباً يدرسون بالجامعة، خلال عدة أسابيع، وشملت مواقع "فيسبوك" و"إنستغرام" و"سناب شات"، ووجد الباحثون أن تقليل استعمال مواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى خفض معدل الاكتئاب.
وصرح العلماء بأن الدراسة أظهرت لأول مرة، وجود علاقة سببية بين الوقت المستغرق على وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب والشعور بالوحدة، وقالت قائدة الدراسة أستاذة علم النفس بجامعة بنسلفانيا، ميليسا هانت: "كان الأمر مدهشاً"، وأضافت: إن "ما وجدناه على مدى ثلاثة أسابيع، هو أن معدلات الاكتئاب والشعور بالوحدة قد انخفضت كثيراً بالنسبة للأشخاص الذين حددوا استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي"، وجدير بالذكر أن بعض الدراسات أثبتت أن وسائل التواصل الاجتماعي تسبب الإدمان أكثر من السجائر والكحول، وسبق أن طالبت منظمة "RSPH" البريطانية الاجتماعية مواقع التواصل بضرورة إرسال تحذير للمستخدمين، الذين قد يتجاوز استخدامهم إياها الوقت الصحي والطبيعي.
قضاء أكثر من 5 ساعات
وجدت دراسة أن الذين يقضون خمس ساعات يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بثلاث مرات من أولئك الذين يقضون أقل من ساعتين يوميا، وشارك أكثر من 1000 شاب أمريكي في الدراسة، التي تتبع عدد الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب على مدار ستة أشهر.
ويعتقد الخبراء أن الهواجس مع منصات مثل "إنستغرام" و"تويتر" و"سناب شات" و"فيسبوك" توقف تكوين صداقات بين الشباب، وقد يؤدي الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي أيضا إلى عدم تحفيز الشباب للذهاب وتحقيق أهداف في حياتهم المهنية، ما يؤدي إلى تأجيج المشاعر السلبية، ووجدت الدراسة أن المراهقين يُعتقد أيضا أنهم يقارنون أنفسهم بأسلوب حياة مثالي "معدّل بالصور" ويستحيل الحصول عليه ويشعرون بأنهم لا قيمة لهم بالمقارنة بذلك.
وتعد هذه الدراسة الكبيرة، التي نُشرت اليوم في المجلة الأمريكية American Journal of Preventive Medicine ، الأولى من نوعها التي تربط بين وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب، وقال المؤلف الرئيسي الدكتور بريان بريماك، أستاذ الصحة العامة في جامعة أركنساس: "معظم الأعمال السابقة في هذا المجال تركت لنا أسئلة محيرة. نعلم من الدراسات الكبيرة الأخرى أن الاكتئاب واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يميلون إلى التلاقي معا، لكن كان من الصعب معرفة أيهما يأتي أولا".
وأوضح: "تلقي هذه الدراسة الجديدة الضوء على هذه الأسئلة، لأن الاستخدام الأولي الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى زيادة معدلات الاكتئاب"، ومع ذلك، لم يؤد الاكتئاب الأولي إلى أي تغيير في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
سأل فريق البحث المشاركين في الدراسة عن عدد المرات التي استخدموا فيها وسائل التواصل الاجتماعي، وقارنوها بنتائجهم في اختبار شامل يقيس الاكتئاب، ومن بين 1289 فردا في العينة النهائية، كان 299 مصابا بالفعل بالاكتئاب عند خط الأساس، وتم تتبعهم لمعرفة ما إذا كان هذا قد أثر على استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وخلال فترة المتابعة التي استمرت ستة أشهر، أصيب 95 مشاركا آخر بأعراض الاكتئاب.
وكان الشباب الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من خمس ساعات يوميا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل 2.8 مرة في غضون ستة أشهر من أولئك الذين استخدموها أقل من ساعتين يوميا.
وعلى الرغم من ثقة الباحثين في الرابط المكتشف، إلا أن الدراسة لا يمكنها إثبات السبب والتأثير، بأن وسائل التواصل الاجتماعي، وليس أي عامل آخر، هي التي تسبب الاكتئاب، وقال الدكتور سيزار إسكوبار فييرا، الأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة بيتسبرغ: "قد يكون أحد أسباب هذه النتائج أن وسائل التواصل الاجتماعي تستغرق الكثير من الوقت. قد يحل الوقت الزائد على وسائل التواصل الاجتماعي محل تكوين علاقات شخصية أكثر أهمية، أو تحقيق أهداف شخصية أو مهنية، أو حتى مجرد قضاء لحظات من التفكير القيّم"، ويقترح المؤلفون أن المقارنة قد تكمن وراء هذه النتائج أيضا، حيث غالبا ما تمتلئ قنوات التواصل الاجتماعي بحياة المشاهير الساحرة، وأضاف المؤلف المشارك الدكتور جايمي سيداني، الأستاذ المساعد للطب في جامعة بيتسبرغ: "غالبا ما يتم تنسيق وسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على الصور الإيجابية. وقد يكون هذا صعبا بشكل خاص بالنسبة للشباب الذين يمرون بمنعطفات حرجة في الحياة تتعلق بتنمية الهوية ويشعرون أنهم لا يستطيعون الارتقاء إلى مستوى المثل العليا المستحيلة التي يتعرضون لها".
البالغين
الموقع العلمي الأمريكي "ميديكال نيوز توداي" عاد مجدداً إلى هذا الجدل عبر نتائج دراسة، صدرت في شبكة "جاما" للأبحاث العلمية، والتي بحثت في العلاقة بين الاكتئاب ومنصات التواصل الاجتماعي. وتتوقع خلاصة الدراسة وجود ارتباط بين استخدام عدد من وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع أعراض الاكتئاب. إلا أن ذلك لا يسري على كل المنصات.
واعتمدت تلك الدراسة على استطلاع شمل 5395 شخصاً فوق سن 18عاما في 50 ولاية أمريكية، ينتمون لخلفيات ثقافية وعرقية متنوعة. وكان متوسط عمر المشاركين هو 55.8 عاماً، ولاحظ الباحثون أن استخدام تطبيقات "سناب شات" و"فيسبوك" و"تيك توك" كان له ارتباط بالاكتئاب، إذ تم الكشف عن وجود مخاطر كبيرة بشكل ملحوظ لزيادة أعراض الاكتئاب المبلغ عنها ذاتياً (أي من قبل المشاركين أنفسهم)، لكن هناك اختلاف بين هذه المنصات، ففي حين أن استخدام "تيك توك" و"سناب شات" كانت له علاقة بأعراض الاكتئاب بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 35 عاماً أو أكبر، فإن استخدام "فيسبوك" كان له ارتباط بهذه الأعراض بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً.
ويقول أحد الباحثين المشاركين: "تفسير محتمل لنتائجنا هو أن الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالاكتئاب، حتى لو لم يكونوا قد أصيبوا به، هم من يستخدمون أكثر وسائل التواصل الاجتماعي". ومن أبرز الأسئلة ما يخص تأثير جائحة كورونا على المستخدمين وزيادة مخاطر الاكتئاب عند استخدام وسائل التواصل، وهو احتمال لم تستبعده الدراسة، لكنها كذلك لم تؤكده بشكل قطعي.
ومن تفسيرات هذه النتائج أنه بسبب الإحساس بالعزلة، يلجأ عدد من الأشخاص إلى هذه المنصات للبحث عن التواصل مع آخرين، ولكن ذلك قد يكون له تأثير عكسي، وبالتالي يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب، لاسيما أن عدداً من المستخدمين لهذه المنصات غالباً ما يظهرون وهم يعيشون حياة جميلة ويحققون إنجازات كبيرة، ما قد يؤدي بمستقبلي تلك الرسائل إلى التفكير السلبي.
وتنصح باحثة بضرورة وضع حدود لمدة استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة من القيود التي تتيحها بعض الهواتف الذكية أو التطبيقات لقياس الزمن الذي نقضيه على هذه المنصات، وبالتالي عدم تجاوز حد معقول يومياً.
وكانت دراسة أخرى ركزت على فئة المراهقين، خلصت إلى أن استخدام الإنترنت للتواصل وللألعاب لفترة تزيد على أربع ساعات يومياً يدل على أعراض الاكتئاب، والذي يزيد بتراجع الوقت المخصص للنشاط الاجتماعي خارج شبكة الإنترنت.
المراهقين
أشارت دراسات عديدة إلى أن قضاء فترة زمنية طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفزيون، يرتبطان بأعراض الاكتئاب لدى الشباب، والآن تكشف دراسة جديدة إلى أي مدى يمكن أن يتداخل وقت الشاشة والاكتئاب.
فقد أشارت دراسة نشرت في مجلة "جاما" لطب الأطفال إلى أن كل ساعة إضافية يقضيها الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاهدة التلفاز، تزيد من أعراض الاكتئاب لديهم، وأوضح الباحثون أن الدراسة الحالية هي الأولى التي تقدم تحليلاً تطويرياً للاختلافات في الاكتئاب والأنواع مختلفة لوقت الشاشة.
وشملت الدراسة 3826 طالباً من الصفين 7 إلى 11 وذلك من 31 مدرسة في منطقة مونتريال في كندا. وبين العامين 2012 و2018، قام الطلاب بإكمال الاستبيانات أثناء الفصل لتقييم سلوكياتهم وقت الشاشة وأعراض الاكتئاب.
وتم قياس وقت الشاشة بسؤال الطلاب عن مقدار الوقت الذي يقضونه يومياً بين ألعاب الفيديو، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدة التلفزيون واستخدام الكمبيوتر، كما قيست أعراض الاكتئاب من خلال مطالبة الطلاب بالإشارة إلى مقياس من صفر (ليس على الإطلاق) إلى أربعة (كثير جداً)، ومدى معاناتهم من 7 أعراض معروفة للاكتئاب، مثل الشعور بالوحدة، والحزن أو اليأس، ووجد الباحثون أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار 4 سنوات ارتبطت بزيادة الاكتئاب، وترتبط كل زيادة لمدة ساعة واحدة في متوسط الوقت الذي يقضيه الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي، بزيادة في شدة أعراض الاكتئاب خلال السنة ذاتها، وارتبط الميل إلى مشاهدة مستويات عالية بالفعل من التلفزيون على مدار أربع سنوات دون زيادة باكتئاب أقل. لكن الباحثين وجدوا أن كل زيادة لمدة ساعة واحدة في متوسط الوقت الذي قال الطلاب إنهم يقضونه في مشاهدة التلفزيون خلال عام معين يرتبط بزيادة في شدة أعراض الاكتئاب في تلك السنة، ووجد الباحثون أن زيادة استخدام الكمبيوتر على مدار 4 سنوات ارتبطت بزيادة الاكتئاب، ولكن أي زيادة أخرى في الاستخدام في نفس العام لم ترتبط بزيادة شدة الاكتئاب، ولم يتم العثور على ارتباطات كبيرة بين ألعاب الفيديو وأعراض الاكتئاب، وخضعت الدراسة لبعض القيود، بما في ذلك أنه تم العثور على ارتباطات فقط بين وقت الشاشة والاكتئاب. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة سببية من أجل الإجابة على السؤال التالي: هل يمكن للشباب الذين يعانون بالفعل من هذه الأعراض قضاء المزيد من وقت الشاشة، أو هل يمكن لوقت الشاشة المفرط أن يعزز الأعراض؟
وبالإضافة إلى ذلك، وبينما ميزت الدراسة بين أنواع مختلفة من وقت الشاشة، هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتمييز بين المنصات والأنواع المختلفة منها، مثل "سناب شات" مقابل "انستغرام" لوسائل التواصل الاجتماعي، وبعض البرامج الكوميدية مقابل برامج الواقع عند مشاهدة التلفزيون.
وقال الدكتور مايكل بلومفيلد، خبير استشاري الطب النفسي في كلية لندن الجامعية، والذي لم يشارك في الدراسة إن "الصحة العقلية مهمة حقاً للشباب، لأن المراهقة هي الفترة التي تتطور فيها أدمغتنا. لذلك، فإن اكتئاب الشباب يمكن أن يكون له آثار خطيرة على التطور النفسي والأكاديمي لشخص ما، والذي يمكن أن يكون له تأثير غير مباشر على الصحة العقلية في مرحلة البلوغ، ويمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداة مفيدة للراشدين والمراهقين للتعلم والاتصال بالأصدقاء، لكن الخبراء يوصون باستخدامها باعتدال، وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الآباء بوضع حدود ثابتة لعدد الساعات التي يقضيها أولادهم في سن المراهقة على الشاشات، كما توصي الأكاديمية بضرورة عدم تعارض وقت الشاشة مع التمارين اليومية للشباب والنوم، وتجنب التعرض للأجهزة أو الشاشة لمدة ساعة واحدة قبل وقت النوم.
عاداتك بمواقع التواصل قد تجعلك عرضة للاكتئاب.. كيف تتجنبه؟
وجد الباحثون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز مشاعر العزلة بنسبة 13 بالمئة-CC0
نشر موقع "إنسايدر" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن عادات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها أن تجعل من يمارسها يصل إلى مرحلة الاكتئاب.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، بقاعدة مستخدمين بلغت 3.6 مليارات في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى ما يقارب 4.5 مليارات بحلول سنة 2025.
وبغض النظر عن إيجابيات استخدام هذه المنصات على مستوى التواصل، إلا أن العديد من الأدلة العلمية تشير إلى أنها من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بالاكتئاب، لا سيما في صفوف الشباب، وفق الموقع.
هل تسبب مواقع التواصل الاجتماعي الاكتئاب؟ لا تسبب منصات التواصل الاجتماعي الاكتئاب بشكل مباشر وإنما العادات التي تتطور مع استخدامها، مثل البقاء مستيقظا لوقت متأخر من الليل، وتشتت انتباهك عن القيام بمسؤولياتك.
وذكر الموقع أنه في دراسة كندية شملت طلابا من الصف السابع، وجد الباحثون أن كل ساعة إضافية يقضونها على مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من أعراض الاكتئاب، مثل الشعور بالوحدة والحزن واليأس، بشكل ملحوظ.
وفي حين أن الدراسة لم تستطع إثبات أن مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب، فقد خلصت إلى أنه من الأجدر استخدامها في نطاق معقول لمنع الإصابة بالاكتئاب أو الحد من أعراضه.
وفيما يلي، بعض الأسباب التي تجعل الباحثين وعلماء النفس يعتقدون أن مواقع التواصل الاجتماعي والاكتئاب مرتبطان ببعضهما.
كيف تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور الاكتئاب؟ نبه الموقع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي إلى تعزيز مشاعر الاكتئاب، وذلك من خلال إهدار الوقت في تصفحها مقابل نقص النشاط البدني. ومن شأن هذه العادات أن تفاقم مشاكل نفسية على غرار:
- الشعور بالعزلة:
تنمي مواقع التواصل الاجتماعي الشعور بالانتماء للمجتمع وتساعد على تكوين صداقات دائمة، ولكنها في المقابل تعزز مشاعر العزلة. وحسب جيل سالتز، أستاذ الطب النفسي المساعد في مستشفى نيويورك-بريسبيتيريان، فإنك "تشاهد طوال الوقت صورا لأشخاص آخرين يتواجدون معا، مما قد يعزز مشاعر الوحدة والحسد والشعور بالإهمال والعزلة".
ووفقا لدراسة تتمحور حول الآثار السلبية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي شملت طلابا تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، وجد الباحثون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز مشاعر العزلة بنسبة 13 بالمئة.
- إهدار الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي:
حذر الموقع من أن هذه العادة تجعل الشخص يستمر في قراءة الأخبار على الإنترنت حتى لو كانت مُحبطة أو حزينة أو سلبية وهو ما يفسد نظرته للعالم.
وأشارت الأخصائية النفسية إيمي دراموس إلى أن "أحد أكثر أعراض الاكتئاب إيلاما هو اليأس. فإذا كنت تشاهد أخبارا أكثر مما تحتاج، أو تولي اهتمامًا أكبر للمحتوى السلبي، فعندئذ سيؤدي ذلك إلى الإصابة بالاكتئاب".
- الحرمان من النوم:
أظهرت دراسة حول آثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على نوم المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة، أن أولئك الذين يقضون أكثر من خمس ساعات يوميًا في تصفحها كانوا أكثر عرضة بنسبة 70 بالمئة للنوم بعد الساعة 11 مساءً.
ويقول سالتز إن "الحرمان من النوم يمكن أن يعمّق الإحساس بالقلق ويزيد الحالة المزاجية سوءًا. وفي الواقع، هناك مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن قلة النوم قد تؤدي إلى الاكتئاب أو تفاقم أعراضه".
- التنمر الإلكتروني:
أشار الموقع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تزايد حالات التنمر عبر الإنترنت، التي أصبحت فضاء يتيح للمتنمرين إهانة الآخرين وإزعاجهم باستخدام حسابات مجهولة الهوية مما يجعل من الصعب محاسبتهم.
وفي دراسة أجريت من قبل مركز بيو للأبحاث، وجد الباحثون أن 60 بالمئة من الفتيات و59 بالمئة من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة تعرضوا لشكل من أشكال التنمر عبر الإنترنت، سواء كان ذلك من خلال نعتهم بأسماء وعبارات مسيئة أو نشر إشاعات كاذبة عنهم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في الصحة العقلية، حيث تم ربط التنمر عبر الإنترنت بأعراض الاكتئاب في صفوف الطلاب.
- مقارنة نفسك بالآخرين:
تجعل مواقع التواصل الاجتماعي مقارنة حياتك بحياة شخص آخر أمرا سهلا. وحسب الطبيبة النفسية ليا ليز فإن "منصات التواصل الاجتماعي تقودنا إلى الاعتقاد بأن الجميع يعيشون في عالم مثالي على عكس ما هو عليه في الواقع".
وتدعم دراسة هذه الادعاءات، حيث وجد الباحثون أن الطلاب الذين يقارنون أنفسهم مع الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي ويسعون للحصول على ردود فعل إيجابية من أقرانهم يعانون من أعراض اكتئاب أكثر من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
كيفية تقليل الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
قد تساعدك هذه النصائح الأربع على التحكم في الوقت الذي تقضيه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي:
1. إيقاف تشغيل الإشعارات: حاول كتم صوت تنبيه الإشعارات في جميع التطبيقات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني. بهذه الطريقة، قد تتمكن من تحديد مقدار الوقت الذي تقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
2. ضع حدودا زمنية: سيؤدي تحديد وقت معين لاستخدامك للتطبيقات إلى ظهور تنبيه يذكرك بانتهاء الوقت المخصص لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يساعدك اتباع هذه الحدود في تقليل الوقت المقضي على الشاشة.
3. كن انتقائيا: بدلاً من التواصل مع الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي، يوصي سالتز بالتركيز على دائرتك الضيقة من علاقاتك. بعد ذلك، حدد أوقاتًا للتفاعل مع هؤلاء الأصدقاء وجهًا لوجه، خارج الحدود الرقمية.
4. استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بعناية: ابحث عن المنصات والتفاعلات الإيجابية، مثل تطبيقات التأمل أو محادثة الأصدقاء، واقض وقتًا أقل في متابعة أخبار الأشخاص الذين تقارن نفسك بهم باستمرار مثل المشاهير.