اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

هل يوافق حلفاء فرنجية على فكرة "المنازلة" مع جعجع؟!

صيدا اون لاين

في خطابه الأخير في الذكرى السادسة والأربعين على مجزرة إهدن، بدا رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية متفائلاً رغم كلّ شيء، بحظوظه للوصول إلى الرئاسة، مراهنًا ربما على التسوية التي قال إنّها باتت قريبة، لكنّه لم يكتفِ بذلك، بل تقدّم خطوة إلى الأمام، بطروحات عمليّة، أبرزها دعوته كلّ الذين يمثّلون الاتجاهات السياسية الكبيرة، أي ما يصطلح على وصفه بـ"الأقطاب الأربعة"، إلى الترشح وخوض المعركة في مجلس النواب.

 

صحيح أنّها لم تكن المرّة الأولى التي يضع فيها فرنجية هذا الطرح على الطاولة، فقد سبق أن أشار إليه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة قبل أسبوعين، لكنّها هذه المرّة بصيغتها "المكرّرة"، أخذت بُعدًا أكثر "جدّية" إن جاز التعبير، ولا سيما أنّ رئيس تيار "المردة" عزّزها باقتراح آخر، يقوم على "منازلة مباشرة" بينه وبين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، كممثل عن الأقطاب الثلاثة الآخرين، الذين يسعون جميعًا لقطع الطريق عليه.

 

أكثر من ذلك، أثار فرنجية الجدل بقوله إنّ جعجع يفترض أن يكون "المرشح الطبيعي" لـ"التيار الوطني الحر" إلى الرئاسة، بالاستناد إلى المعادلة التي يطرحها منذ العام 2005، والقائمة على أنّ رئيس الجمهورية يجب أن يكون الأكثر تمثيلاً عند المسيحيين، أسوة برئيس مجلس النواب الأقوى تمثيلاً عند الشيعة، ورئيس الحكومة الأقوى تمثيلاً عند السّنّة، وهو ما لم يتأخّر رئيس "التيار" الوزير السابق جبران باسيل في الردّ عليه بطبيعة الحال.

وإذا كانت طروحات فرنجية قد تحمل بين طيّاتها ما هو جديد نسبيًا، في ظلّ الجمود على خط الاستحقاق الرئاسي، حيث تدور كلّ المبادرات حتى الآن في الحلقة "المفرغة" ذاتها، إن جاز التعبير، فإنّ علامات استفهام تُطرَح حول مدى واقعيّتها، وما إذا كان من الممكن ترجمتها فعلاً على الأرض، فهل يعتقد فرنجية فعلاً أن "المنازلة" مع جعجع تعزّز حظوظه؟ وقبل ذلك، هل يوافق حلفاؤه على "الفكرة" قبل البحث بسيناريوهاتها الممكنة؟!.

في المبدأ، يقول العارفون إنّ طروحات وأفكار فرنجية تندرج بالدرجة الأولى في خانة "الكباش" مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي يعتبر رئيس تيار "المردة" أنه المسؤول الأول عن إجهاض فرصه في الوصول إلى بعبدا، وبالتالي فإنّه لا يخفي رغبته في "استفزازه" بشكل أو بآخر، وهو ما يتجلّى بشكل خاص اختياره جعجع طرفًا ثانيًا في المنازلة، مع إدراكه المسبق لما يعنيه ذلك ضمنًا لباسيل، من الناحية السلبية.

فأن يختار فرنجية جعجع تحديدًا للمنازلة معه، لا باسيل، ليس تفصيلاً عابرًا، طالما أنّ الإثنين غير مرشحَين مُعلَنَين، وأن يقول فرنجية إن جعجع يفترض أن يكون "المرشح الطبيعي" للتيّار، لو كان باسيل "منسجمًا" مع المعادلات التي سبق أن طرحها، متبنّيًا بذلك "منطق" جعجع القائم بأنّ الانتخابات الأخيرة كرّسته "الأقوى تمثيلاً"، وذلك قبل أن يخسر باسيل عددًا من أعضاء تكتّله النيابي، ليس هو الآخر خاليًا من المعاني والدلالات.

بهذا المعنى، أراد فرنجية أن "يتعالى" على خلافه التاريخي وحتى الدمويّ مع جعجع، ليوجّه رسالة "ضمنية" لباسيل، يقول له فيها إنّه "يفضّل" المواجهة المباشرة مع جعجع على النزال معه، ليس فقط لأنّه يعتبر أنّ كلاً منهما يمثّل "الخيار الأكثر وضوحًا" في الصراع القائم، ولكن أيضًا لأنّه يعتبر أنّ جعجع منافس "أقوى" له، وكأنّه يقول إنّ المنازلة مع باسيل محسومة سلفًا، باعتبار أنّ علاقات الأخير لن تعطيه حتى أصوات كامل تكتّله النيابي.

يضيف العارفون إلى ما سبق، "النفور الشخصي" لفرنجية من باسيل، وهو الذي يعتقد جازمًا أنّ الأخير هو الذي يقف في وجه وصوله إلى الرئاسة، وهو الذي يسعى بكلّ الوسائل المُتاحة وغير المُتاحة أن يقطع طريقه نحو بعبدا، لدرجة أنّه "فرّط" بعلاقته مع "حزب الله" وانقلب عليه، فقط لأنّ الأخير يدعم ترشيحه، علمًا أنّ دعم باسيل لفرنجية كان يكفي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، ووضع حدّ للفراغ الرئاسي الذي يشكو رئيس "التيار" منه.

لكن، بمعزل عن الخلفيّات التي يستند إليها فرنجية في طرحه "المنازلة" مع جعجع، والرسائل "المضمرة" التي يوجّهها بموقفه هذا إلى رئيس "التيار الوطني الحر" تحديدًا، تُطرَح علامات استفهام عن مدى "واقعية" الطرح الذي يقدّمه، والذي قوبل فورًا للمفارقة بتحفّظ باسيل، ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، ولكن أيضًا بـ"صمت" جعجع، الذي ذهب بعض المحسوبين عليه لحدّ تحية فرنجية على "جرأة الطرح"، رغم الخلاف السياسي.

في هذا السياق، ثمّة من يعتبر أنّ طرح فرنجية "محسوب على الورقة والقلم"، وهو يدرك أنّ الأرقام ستصبّ لصالحه، وفقًا لتركيبة المجلس النيابي الحالي، سواء خاض المعركة في وجه الأقطاب الثلاثة، وبالتالي تفرّقت وتشتّت أصواتهم، أو في وجه واحدٍ منهم، أيًا يكُن، علمًا أنّ "اتحاد" أصواتهم حتى في هذه الحالة مُستبعَد، لأنّ رئيس تيار "المردة" يدرك أنّهم لا يتقاطعون سوى على "الإطاحة به"، وسيتفرّقون بمجرّد تحقيق هذا الهدف.

من هنا، قد يكون فرنجية بطرحه يستند إلى أنّ "المنازلة المباشرة" مع جعجع ستصبّ لصالحه، باعتبار أنّ الأخير لن يستطيع حصد تأييد الغالبية النيابية حتى لو وقف معه "التيار الوطني الحر"، وهو أمر غير وارد، لكنّ السؤال الذي يُطرَح هو عمّا إذا كان حلفاء فرنجية يوافقون على مثل هذا السيناريو، الذي لا يكرّس جعجع "مرشحًا طبيعيًا للرئاسة" فحسب، بل يصنّفه في المرتبة الأولى من حيث التمثيل المسيحي، وهو ما قد لا يرضي بعض هؤلاء.

لا جواب واضحًا على هذا السؤال، فأوساط الحلفاء تضع كلام فرنجية في إطار "السجال السياسي" ليس إلا، وتشير إلى أنّ المقصود منه هو التأكيد على "ثابتة" أنّه لا يزال المرشح "الأوفر حظًا"، حتى بين من يُعتبَرون "الأقوياء"، بمعزَل عن طبيعة "المنازلة" التي يقترحها، والتي تقول هذه الأوساط إنّها غير مطروحة فعليًا، وأنّها أكثر من مُستبعَدة، أولاً لأنّ هؤلاء الأقطاب لن يقبلوا خوضها، وهم يعرفون أنّها قد تنسف منطقهم الانتخابي.

مع ذلك، لا يخفي العارفون وجود "تحفّظ" لدى بعض أوساط حلفاء فرنجية، على "تمييز" جعجع عن باسيل، ولا سيما أنّ بعض هؤلاء، وخصوصًا المحسوبين على "حزب الله"، لا يزالون حريصين على عدم قطع "شعرة معاوية" مع الأخير، وهم لا يفضّلون التعاطي مع جعجع، بوصفه "الزعيم المسيحي" على حساب باسيل، علمًا أنّ هناك من لا يزال يرفض فكرة أن يكون الأخير "مرشحًا"، انطلاقًا من أنه خرج من السجن بـ"عفو" وليس بـ"حكم براءة".

في النتيجة، يدرك فرنجية أنّ "المنازلة" مع جعجع في مجلس النواب لن تحصل، ويعرف أنّ الأوضاع الحالية لا تتيح الذهاب إلى سيناريو "غالب ومغلوب"، وهو الذي يدعو أصلاً إلى الحوار والتفاهم، ويراهن على "التسوية" التي يعتقد أنّها ستصبّ لصالح فريقه السياسي. لكنه مع ذلك، يضرب أكثر من عصفور بحجر طرحه مثل هذه "المنازلة"، فهو "يستفزّ" باسيل، ويؤكد في الوقت نفسه على "حقه المشروع" بالترشح، في مواجهة شروط الانسحاب!.

تم نسخ الرابط