اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

معركة لبنان للخروج من القائمة الرماديّة

صيدا اون لاين

يواجه لبنان اليوم تحديًا ماليًا كبيرًا يتمثل في إدراجه على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) بسبب النواقص في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CTF). هذا التصنيف له تداعيات خطيرة، إذ يؤثر سلبًا على قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية، والحفاظ على مصداقيتها المالية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

مع سعي لبنان إلى تنفيذ إصلاحات مالية، سيكون لحاكم مصرف لبنان الجديد دور محوري في تطبيق التغييرات المطلوبة لمواءمة القوانين والمعايير مع التوجهات الدولية. ومن خلال الاستفادة من تجربة الفلبين الناجحة، يمكن للبنان اتخاذ خطوات عملية لتحسين الحوكمة المالية واستعادة ثقة المستثمرين. إلا أن عقبة رئيسية تعترض جهود لبنان للخروج من القائمة الرمادية تتمثل في تأثير جهات سياسية، التي ساهمت أنشطتها المالية في استمرار التدقيق التنظيمي الدولي على البلاد.
تداعيات إدراج لبنان على القائمة الرمادية في تشرين الأول 2024، تم إدراج لبنان رسميًا على القائمة الرمادية لمجموعة FATF، ما يشير إلى وجود نواقص استراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويُخضع هذا التصنيف لبنان لمراقبة مشددة، ويتطلب منه إحراز تقدم كبير في الرقابة المالية حتى يتم شطبه.

تشمل التداعيات ما يلي:
تقليل تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصعوبة جذب رؤوس الأموال.
تقييد الوصول إلى الشبكات المصرفية الدولية وارتفاع تكاليف المعاملات المالية.
تعقيد التعاملات مع المؤسسات المالية العالمية، مما يعيق تعافي الاقتصاد اللبناني.
وبالنسبة لدولة تعاني أصلًا من أزمة اقتصادية خانقة، فإن استمرار العزلة المالية سيزيد الوضع سوءًا.
دور حاكم مصرف لبنان الجديد في إصلاح النظام المالي يلعب الحاكم الجديد لمصرف لبنان دورًا أساسيًا في قيادة جهود الخروج من القائمة الرمادية، وتشمل مسؤولياته:
تنفيذ إصلاحات مالية يجب على مصرف لبنان تشديد الأنظمة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وضمان امتثال المصارف للمعايير الدولية.
تعزيز الشفافية في العمليات المالية على لبنان تعزيز الرقابة على الملكية الفعلية للشركات وإزالة الكيانات الوهمية والأنشطة المالية غير المشروعة من نظامه المصرفي.
التنسيق مع الأجهزة الأمنية والهيئات الدولية يتعين على الحاكم التعاون مع الأجهزة الأمنية والجهات الرقابية الدولية والمؤسسات المالية لتعزيز المساءلة.
استعادة الثقة بالقطاع المصرفي إعادة الثقة بالمؤسسات المصرفية أمر أساسي لجذب الاستثمارات وتحقيق التعافي الاقتصادي.
قانون رفع السرية المصرفية: خطوة مفصلية نحو الشفافية في إطار الإصلاحات المالية، يُشكّل القانون الجديد الذي رفع السرية المصرفية عن الحسابات خطوة جوهرية في مسار التزام لبنان بمعايير مجموعة العمل المالي (FATF). فلطالما اعتُبرت السرية المصرفية من أبرز العوائق أمام التحقيقات المالية، حيث أعاقت جهود كشف مصادر الأموال غير المشروعة وتتبع تدفقات الأموال المشبوهة.
مع رفع السرية المصرفية، باتت السلطات القضائية والرقابية والهيئات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قادرة على الوصول إلى المعلومات المصرفية عند الحاجة، ما يعزز الشفافية والرقابة داخل النظام المالي. هذا التعديل التشريعي يُعدّ خطوة محورية نحو تعزيز امتثال لبنان لتوصيات FATF، وخاصة التوصية 10 المتعلقة بـ "اعرف عميلك" والتوصيات المرتبطة بالإفصاح عن المستفيدين الفعليين.

ومن شأن هذا التطور أن:
يسهّل التحقيقات في قضايا الفساد وغسل الأموال.
يعزز ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين بالنظام المصرفي اللبناني.
يساعد في تقليص الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية.
لكن نجاح تطبيق القانون يبقى مرهونًا بمدى استقلالية القضاء وفعالية الأجهزة الرقابية في تنفيذ النصوص القانونية دون تدخلات سياسية.
مجالات التحسين في القوانين اللبنانية رغم إصدار القانون رقم 44 لعام 2015، إلا أن تقرير التقييم المتبادل لعام 2023 أظهر الحاجة إلى تحسينات في عدة مجالات:
جريمة غسل الأموال (التوصية 3) الوضع الحالي: امتثال جزئي المطلوب: تعديل القوانين لتتماشى مع معايير FATF.
جريمة تمويل الإرهاب (التوصية 5) الوضع الحالي: امتثال جزئي المطلوب: تجريم شامل لكل أشكال تمويل الإرهاب.
العقوبات المالية المستهدفة المتعلقة بالانتشار (التوصية 7) الوضع الحالي: امتثال كبير مع بعض النواقص المطلوب: تعزيز آليات تنفيذ العقوبات.
تنظيم الجمعيات غير الربحية (التوصية 8) الوضع الحالي: امتثال كبير مع بعض النواقص المطلوب: تعزيز الرقابة لمنع إساءة استخدام الجمعيات في تمويل الإرهاب.
التقنيات الجديدة (التوصية 15) الوضع الحالي: امتثال جزئي المطلوب: تنظيم الأصول الافتراضية ومقدمي خدمات العملات المشفرة.
المنظمات الإرهابية: العائق الأكبر أمام شطب لبنان لا يزال النظام المالي اللبناني تحت مجهر الرقابة الدولية، خاصة مع فشل الدولة في التعامل مع مخاطر تمويل الإرهاب المرتبطة بالمنظمات الإرهابية.
تأثير هذه المنظمات على وضع لبنان في FATF:
الرقابة الدولية: تعتبر الأنشطة المالية لتلك المنظمات تهديدًا بارزًا، ما يبقى لبنان تحت المراقبة المستمرة.
المعاملات المالية غير الشفافة: تستخدم هذه المنظمات شبكات غير رسمية خارجة عن رقابة الدولة.
العرقلة السياسية: نفوذ هذه المنظمات يعطل تمرير الإصلاحات المالية المطلوبة.
دراسة حالة: تجربة الفلبين في الخروج من القائمة الرمادية في حزيران 2021، أُدرجت الفلبين على القائمة الرمادية بسبب ضعف أنظمتها. لكن عبر:
سن قوانين جديدة لمكافحة غسل الأموال.
تعزيز جهود إنفاذ القانون.
تحسين الشفافية في الملكية المالية.
تم شطبها في شباط 2025 بعد إحراز تقدم ملحوظ، ويمكن للبنان اعتماد نهج مشابه.
ما هو المطلوب من لبنان الآن؟ على لبنان إعطاء الأولوية للشفافية، وتطبيق القوانين بحزم، وإبعاد السياسة عن الإصلاحات المالية. ومع وجود حاكم جديد للمصرف المركزي، هناك فرصة نادرة لإعادة الثقة وإصلاح القطاع المصرفي. لكن النجاح مشروط بتجاوز العوائق السياسية.

الأشهر المقبلة ستكون حاسمة لمستقبل لبنان المالي. فإما تنفيذ إصلاحات جذرية، أو مواجهة عزلة مالية أعمق وانهيار اقتصادي متسارع.

تم نسخ الرابط