اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

حريق بشنين: النفايات تشتعل… والسياسة أيضاً!

صيدا اون لاين

لم يكن الحريق الذي اندلع في مكبّ "بشنين" مجرّد حادث بيئي، بل تحوّل خلال ساعات إلى مادة اشتعال سياسي في قضاء زغرتا، مع احتدام التنافس على رئاسة اتحاد البلديات، وتحوّل الملف البيئي إلى واجهة صراع مفتوح بين "تيار المردة" و"حركة الاستقلال" في مشهد يعكس مجدداً التداخل المستمر بين الملفات الخدماتية والحسابات السياسية في الواقع اللبناني. 
اندلاع الحريق ترافق مع دخان كثيف وروائح كريهة اجتاحت محيط المكبّ وعدداً من البلدات المجاورة، في حين كانت فرق الدفاع المدني والمتطوعين تحاول الحدّ من تمدّده وسط ظروف صعبة وإمكانات محدودة. ومع تصاعد المخاوف الصحية، دعا النائب طوني فرنجية إلى تحرّك أمني عاجل لكشف ملابسات الحادث، معتبراً أن توقيته مثير للشك، ومشدّداً في الوقت نفسه على دعم المتطوعين الذين اندفعوا لمواجهة النيران رغم المخاطر.
في المقابل، حمّل النائب ميشال معوض اتحاد بلديات زغرتا مسؤولية الحريق، معتبراً أنّ ما حصل هو نتيجة مباشرة لسوء الإدارة وتراكم الفشل في إدارة ملف النفايات، ودعا إلى تغيير حاسم في قيادة الاتحاد خلال الانتخابات المقبلة، مؤكّداً أنه يجري اتصالات لتأمين إخماد الحريق بأسرع وقت، لافتاً الى سعيه لإعادة توجيه العمل البلدي في القضاء نحو مسار أكثر فعالية.

وفي رد مباشر، اعتبر رئيس الاتحاد زعني خير أن الترشّح لرئاسة الاتحاد حق طبيعي ومشروع لكل من يملك رؤية إنمائية، إلا أن ما لا يمكن القبول به، بحسب قوله، هو محاولة البعض التسلّق السياسي عبر حملات تهجم وافتراء تطال الاتحاد وما يمثله من بلديات منضوية تحت رايته، لافتاً إلى أن غالبية رؤساء البلديات، وعددهم خمسة وعشرون، يوقّعون على قرارات الاتحاد ويشاركون في رسم توجهاته، ما ينفي أي سردية تروّج لقرارات فردية أو أحادية. وأشار خير إلى أن القاصي والداني يعلم كيف تم استحداث المكب الحالي، ولماذا أُغلق المكب السابق، ومن أوعز بعرقلته، ومن تنقّل بين الأبواب والجهات بحثاً عن حلول لملف النفايات، ما يجعل تحميل الاتحاد مسؤولية ما جرى أمراً مجحفاً ومرفوضاً!
في هذا السياق، تفيد مصادر مطّلعة على الأجواء الانتخابية في زغرتا بأن الحريق لا يمكن فصله عن مسار التوتر السياسي القائم، خصوصاً أن انتخابات الاتحاد المرتقبة تأتي في ظل مؤشرات تفوّق واضح لـ"تيار المردة". وترى المصادر أن التصعيد من جانب فريق النائب معوّض يعكس ارتباكاً سياسياً بعد نتائج

الانتخابات البلدية الأخيرة، التي أعادت رسم الخريطة داخل القضاء، وكشفت غياب الرؤية الإنمائية لدى الفريق المنافس رغم مشاركته في بلدية زغرتا التوافقية السابقة.
مصادر معنيّة بمتابعة الملف ذهبت أبعد من ذلك، معتبرة أن توقيت الحريق، إن ثبت افتعاله، يطرح أسئلة جدية حول منسوب المسؤولية لدى الأطراف المتورطة. فالتعامل مع ملف بهذه الحساسية في توقيت انتخابي دقيق يُنذر بأن بعض الجهات لم تعد تميّز بين الكلفة البيئية والكلفة السياسية، ما يشكّل سابقة خطيرة على صعيد السلوك العام في الشأن البلدي.
وبحسب المصادر، فإن ما يفاقم الشكوك هو أن حريق بشنين لم يأتِ معزولًا، بل تزامن مع اندلاع حرائق مشابهة في مكبات الكورة وطرابلس، ما أثار تساؤلات مشروعة حول واقع إدارة هذا الملف الحيوي، وحجم الجهوزية لمواجهة مثل هذه الأزمات. إذ يُطرح أكثر من سؤال حول ما إذا كانت هذه الحوادث مجرد مصادفات متتالية، أم أنها تكشف ثغرات أعمق على المستوى الوطني.
وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس جديد لاتحاد بلديات قضاء زغرتا بأسرع وقت ممكن، وذلك تفادياً لتعطيل مسار العمل البلدي، لا سيّما أن الاتحاد يشكّل الإطار التنظيمي الأساسي لإطلاق وتنفيذ المشاريع المشتركة بين البلديات، من إدارة النفايات إلى تطوير البنى التحتية، مروراً بالتنسيق مع الوزارات والجهات المانحة، التي غالباً ما تشترط المرور عبر الاتحاد لتنفيذ برامج الدعم أو التمويل.
ورغم أن المعركة الانتخابية تشهد حماوة سياسية واضحة، تشير مصادر مطّلعة إلى أن توازن القوى يميل بشكل واضح لصالح مرشّح "تيار المردة"، ما يجعل النتيجة شبه محسومة قبل انعقاد جلسة الانتخاب المنتظرة. لكن رغم ذلك، يبقى التحدي الحقيقي في اليوم التالي للانتخابات، حيث يُفترض أن يُعاد تفعيل الدور الإنمائي للاتحاد بعيداً عن الشعارات والاستقطاب السياسي، وترسيخ التعاون بين البلديات تحت مظلة واحدة تُقدّم المصلحة العامة على الحسابات السياسية.

تبقى الأنظار مشدودة إلى الاستحقاق المنتظر، وما إذا كان سيتمكّن من إعادة تفعيل العمل البلدي المشترك، وفتح باب للاستقرار والتعاون بعيداً عن التجاذبات السياسية والحسابات الضيقة

تم نسخ الرابط