"موقف الحزب بعين الاعتبار"... بري: نسعى لـ"رد موحد"

استبق الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك وصوله إلى بيروت بتوجيه رسالة مفادها أن «الفرصة سانحة الآن» في إشارة إلى إمكانية حل أزمة سلاح «حزب الله»، فيما فشل لبنان الرسمي في التوصل إلى صيغة نهائية للرد على ورقة المطالب الأميركية، بالتوازي مع تشدد ظاهر لـ«حزب الله»، حيث أكد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم تمسكه بقرار «المواجهة» ورفض الخضوع للضغوط الأميركية والإسرائيلية.
وعقدت اللجنة المكلفة من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلسالنواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام اجتماعاً جديداً في القصر الجمهوري لم تصل إلى صياغة نهائية للرد الذي سيُسلّم للموفد الأميركي يوم الاثنين، على أن تعقد اجتماعاً جديداً في ضوء الاتصالات الجارية قبيل وصوله المرتقب. وقال بري في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن المسؤولين حريصون على تقديم رد موحد، مشيراً إلى أن «برّاك أتانا بشيء ومن المفترض أن نرد عليه، ونسعى لأن يكون الموقف واحداً، خاصة بين الرؤساء الثلاثة، مع أخذ موقف (حزب الله) بعين الاعتبار كما طلب (برّاك) في ورقته». وأكد بري أنه «حتى الآن لا جواب نهائياً من الحزب».
وفي المقابل، تحدثت مصادر داخل اللجنة لـ«الشرق الأوسط» عن اتصالات إقليمية ومحلية مكثفة لحلحلة العقد، معربة عن «تفاؤل مقبول».
ومن المتوقع أن يصل برّاك إلى بيروت الاثنين لمناقشة الرد اللبناني على الورقة الأميركية التي تتضمن تنفيذ تعهدات الدولة بحصرية السلاح بيد الأجهزة الرسمية، وتنفيذ الإصلاحات الإدارية والمالية والسياسية. وعشية وصوله، نشر برّاك عبر حسابه على منصة «إكس»، منشور قال فيه: «يستيقظ أمل لبنان! الفرصة سانحة الآن»، وأضاف، «إنها لحظة تاريخية لتجاوز الطائفية المتوترة في الماضي، وتحقيق وعد لبنان الحقيقي بأمل (بلد واحد، شعب واحد، جيش واحد)». وتابع: «كما دأب رئيس الولايات المتحدة على مشاركة العالم: لبنان مكان عظيم، بشعب عظيم. فلنجعل لبنان عظيماً من جديد».
وخاضت اللجنة الثلاثية التي تضم ممثلين عن رؤساء الجمهورية جوزاف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام، اجتماعات مكثفة الأسبوع الماضي لصياغة رد موحد على الورقة الأميركية، وكان بري على تواصل مع حزب الله للحصول على أجوبة.
توصّل الحزب والدولة اللبنانية إلى مساحة مشتركة تطالب بضمانات أميركية حيال تنفيذ أي اتفاق. وبعدما أبدى الحزب ليونة، وضع أولوية لـ«تنفيذ إسرائيل لما عليها من اتفاق وقف إطلاق النار» الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي، لجهة «الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الخروقات الجوية والبحرية والبرية، وإعادة الأسرى، والسماح للسكان بالعودة»، إلى جانب «إطلاق ورشة إعادة إعمار ما هدمته الحرب» في الجنوب.
وناقش الحزب في وقت سابق بعض التفاصيل المتصلة بتسليم السلاح، على قاعدة تسليم الصواريخ الثقيلة والمسيرات وإعادة ما تبقى من صواريخ متوسطة المدى إلى إيران، حسبما قالت مصادر لبنانية متابعة، لكنه ربط أي تفصيل من ذلك بتنفيذ إسرائيل لما عليها من وقف إطلاق النار، فيما لا يزال التواصل قائماً بين الحزب وبري الذي قال في بيان السبت أن «اللقاءات مستمرة ولم يستجد أي موقف نهائي».
وعبّر حزب الله عن موقفه بصراحة بشأن حل مسألة سلاحه ضمن المناقشات الاستراتيجية الدفاعية، إذ قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن «الدفاع لا يحتاج إلى إذن، وعندما يتوفر البديل الدفاعي عن الوطن نناقش التفاصيل»، مخاطباً من يطالب المقاومة بتسليم السلاح قائلاً: «طالبوا العدوان بالرحيل».
وكان النائب في كتلته علي المقداد أكثر وضوحاً، مؤكداً أن «سلاح المقاومة لن يكون يوماً محل نقاش أو مقايضة، لأنه سلاح وُجد لحماية لبنان والدفاع عن سيادته، وهو ما أثبته في كل المراحل المفصلية». وأضاف، «ما يُطرح اليوم من حديث داخلي وخارجي حول مصير سلاح المقاومة نرد عليه بكل وضوح: هذا السلاح ليس مطروحاً للنقاش، لم يكن يوماً شأناً خارجياً، ولن نسمح بأن يكون كذلك، لا للأميركي ولا للفرنسي ولا لأي جهة، فهو قرار لبناني مقاوم اتُخذ بدم الشهداء».
من جانبه، أكد النائب في الكتلة نفسها حسن عز الدين أنه «لا يمكن لأحد أن يفرض على لبنان التطبيع، ولا أن ينتزع منّا سلاح المقاومة، لأن هذا السلاح هو حق مشروع ووسيلة دفاع لا غنى عنها في وجه عدو غادر ومفترس».
وتكرر المضمون على لسان النائب رائد برو الذي قال: «لن نسلم رقابنا لعدونا»، موجهاً كلامه «لمن لا يستطيع أن يطمئن الشعب اللبناني الذي يعرف جيداً من هو العدو الصهيوني، فالعدو هو الذي يمارس الإبادة الجماعية وقتل الأطفال في غزة». وسأل: «كيف يمكن لبعض اللبنانيين الاطمئنان له؟».
وفيما بدا أنه سياق منسق، قال النائب إيهاب حمادة أن «النقاش حول سلاح المقاومة شأن لبناني داخلي بامتياز، فلا يحق لأي جهة خارجية أن تتدخل فيه حتى تحت عنوان النصيحة». وأردف، «نحن اليوم بين خيارين: السلّة أو الذل، ولن نسلّم تسليم الذليل، ولن نقرّ إقرار العاجز». وأوضح: «إذا كان المطلوب تسليم السلاح ليُذبح لبنان على مذبح المصالح (الإسرائيلية) والأميركية، فهذه أمانيهم، ولن تتحقق».
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي: «سلاح المقاومة ليس مسألة فئوية، بل جزء من السلاح الوطني اللبناني الذي أثبت جدواه في وجه الاحتلال والخطر». وأضاف، «نحن متمسكون بسلاحنا وقوّتنا، سلاح الجيش والمقاومة، والدولة بكل مكوّناتها، ولا شيء يمكن أن يحمينا سوى وحدتنا الوطنية».