اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

إسرائيل تنقل وحدات نخبة نحو الجولان... والجنوب السوري على صفيح ساخن

صيدا اون لاين

في خضم صراع مفتوح على جبهات متعددة، تعيد إسرائيل ضبط بوصلة أولوياتها نحو الساحة السورية، لكن هذه المرة ليس عبر ضربات تقليدية لمواقع إيرانية، بل من بوابة محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، في تحول استراتيجي يعكس مرحلة جديدة من الاشتباك الإقليمي.
فمع حشد فرقتين عسكريتين على حدود الجولان، ونقل وحدات من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية، وتكثيف الغارات قرب دمشق، تتضح ملامح مقاربة إسرائيلية مختلفة، لا تكتفي بالردع الوقائي، بل تسعى إلى فرض توازنات جيوسياسية جديدة، تحاكي معادلة ما بعد الحرب، وتتقاطع مع مصالح أميركية ضمنية بترتيب "المشهد السوري".
رغم أن إسرائيل ترفع شعار "حماية الدروز"، إلا أن مصادر ميدانية ودبلوماسية ترجّح وجود أهداف أوسع من الشعار المعلن. ووفق محللين، فإن تل أبيب تسعى إلى خلق منطقة نفوذ تمتد من السويداء إلى البادية السورية، تكون خالية من الحضور الإيراني، وتُدار ميدانيًا عبر "تفاهمات بالنار" مع النظام السوري، بوساطة أميركية سرّية.
وفي حديث إلى "سكاي نيوز عربية"، قال محرر الشؤون الإسرائيلية نضال كناعنة إن الجيش الإسرائيلي نقل فرقتين من قوات النخبة، منها لواء المظليين، من قطاع غزة إلى الجبهة السورية، استعدادًا لعمل عسكري محتمل في الجنوب السوري، في ظل ما وصفه بـ"تهديد متصاعد من جهة السويداء".
وبحسب كناعنة، فإن إسرائيل تعتبر أن "أي تصعيد ميداني للنظام في السويداء سيُقابل بضربات موجّهة لمراكز القرار في دمشق"، لكن هذا التحذير لا يعكس كل أبعاد المشهد، بل يغطي على خطة أوسع لإعادة صياغة التوازنات في سوريا انطلاقًا من الجنوب.
ما يعزز هذا الطرح، ما كشفه كناعنة من معلومات حول مفاوضات غير معلنة جرت بين النظام السوري ومسؤولين إسرائيليين في أذربيجان، بوساطة أميركية، ركزت على ثلاثة بنود: إخراج إيران من الجنوب السوري، وقف تهريب السلاح إلى "حزب الله"، وضمان استقرار الجبهة مع الجولان.
إلا أن إسرائيل – بحسب كناعنة – تشعر بأنها تتعرض لـ"غدر تفاوضي"، إذ تتهم النظام بمحاولة فرض وقائع ميدانية في السويداء تتناقض مع التفاهمات. وردًا على ذلك، شرعت تل أبيب باستهداف رموز السلطة الرسمية السورية، في تصعيد وصفه مراقبون بـ"النوعي"، إذ بات يشمل مؤسسات الدولة لا فقط القوات العسكرية التقليدية.
ويشير العمري إلى أن "إسرائيل لا تسعى إلى إسقاط النظام، بل إلى فرض حدود حركته وسلوكه في الجنوب، وتحويل التفاهمات إلى أوراق ضغط بيد واشنطن".
التحرك الإسرائيلي، الذي يتزامن مع احتجاجات داخلية واشتباكات درزية - بدوية في السويداء، يأخذ طابعاً استباقياً في مرحلة يُعاد فيها ترسيم النفوذ في سوريا. ويقول الباحث في العلاقات الدولية محمد العمري، من دمشق، إن "الذريعة الدرزية لا تصمد أمام الوقائع الميدانية"، مذكّرًا بأن الطائفة الدرزية في الجولان رفضت الجنسية الإسرائيلية منذ 1981، كما أن حجم التأثير الدرزي داخل إسرائيل لا يبرر تدخلًا بهذا الحجم.
ويؤكد العمري أن "المشروع الحقيقي هو تفكيك البنية المركزية للدولة السورية، ومنع إعادة تشكّل نفوذ إيراني، وربما الدفع نحو شكل من الحكم الذاتي جنوبًا، يُدار بغطاء إقليمي – دولي".

 

في هذا الإطار، يرى مراقبون أن المشهد السوري يدخل فصلًا جديدًا من التداخل الإقليمي، حيث تتحول قضايا محلية مثل السيطرة على السويداء إلى ملفات تفاوض عابرة للحدود.

 

ويضيف كناعنة أن واشنطن، رغم دعمها الظاهري لاستقرار النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع، لا تمانع في أن تستخدم إسرائيل "الضغط العسكري التكتيكي" لتحسين شروط التفاوض، وليس لإسقاط النظام، وهو ما يظهر في صمت واشنطن عن الغارات المتكررة داخل سوريا.

 

ويتابع: "الولايات المتحدة تريد دولة سورية واحدة، لكن بشروط تضمن مصالحها، وتُبعد طهران. وإسرائيل تلعب دور العصا الميدانية لفرض هذه الشروط".

 

في خضم هذه المعادلات المعقدة، تظل السويداء ساحة اشتباك مستمر بين مشاريع النفوذ، وسط غياب أي مشروع وطني حقيقي يُنهي الأزمة، ويعيد الجنوب السوري إلى سيادة الدولة بعيداً عن الفوضى. وبين تسويات مؤجلة، وتفاهمات غير معلنة، يدفع السكان المحليون، خصوصًا أبناء السويداء، الثمن الأكبر من أمنهم ووجودهم، تحت عناوين لا تمسّهم فعلاً.

تم نسخ الرابط