الرئيس عون أكد قيامه شخصيًا باتصالات مع "الحزب" لحل مسألة السلاح: هناك تجاوب حول الأفكار المطروحة

أشار رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، خلال استقباله في قصر بعبدا، وفدًا من "نادي الصّحافة" برئاسة رئيسه بسام أبو زيد، إلى "أهميّة الإعلام في هذه المرحلة، حيث بإمكانه أن يلعب دورًا معمّرًا أو مدمّرًا، وخصوصًا في الظّروف الحاليّة الّتي تمر بها البلاد".
وأوضح أنّ "هناك بعض الإعلام ينحو إلى الإضاءة على السّلبيّات دون الإيجابيّات، الّتي هي ليست قليلة إلى الآن. فمنذ زيارتكم الأخيرة إلى قصر بعبدا في شباط الماضي، تشكّلت الحكومة، تمّ تعيين حاكم لمصرف لبنان ورؤساء الأجهزة الأمنيّة ومجلس القضاء الأعلى، كما جرت الانتخابات البلدية والاختيارية، وغيرها من الأمور الّتي تحقّقت. ولا يجب أن نغفل أيضًا، إعادة العلاقات مع الدول العربيّة إلى نصابها الصّحيح".
وفي معرض ردّه على استيضاح الوضع على الحدود مع سوريا، شدّد الرّئيس عون على "الرّغبة في التنسيق والتعاون معها، لما فيه مصلحة البلدين والشّعبين، وأنّه في هذا الإطار جرت لقاءات بين مسؤولين أمنيّين من البلدين وبين وزيرَي الدّفاع في السّعوديّة، لتحديد سبل التعاون في ضبط الحدود وبسط الاستقرار بين البلدين". ونفى ما تردّد من "شائعات عن وقوع مواجهات في الهرمل بين الجيش اللبناني والسّوريّين"، كاشفًا "أنّه اتصل بقائد الجيش العماد رودولف هيكل للوقوف على حقيقة الموضوع، فتبيّن أنّه غير صحيح".
ولفت إلى "وجود انتقادات وحملات غير مبرّرة تشوّه الوقائع، وتلقي الاتهامات جزافًا"، مؤكّدًا "دعمه للقضاء في فتح أي ملف متعلّق بالفساد، بمعزل عن أي خلفيّة طائفيّة كانت أو حزبيّة". وذكر أنّ "ملفّات الفساد الّتي فُتحت إلى الآن، متعلّقة بأشخاص من مختلف الطوّائف والانتماءات الحزبيّة، وأنا سأسير في ملف الفساد إلى النّهاية، شاء من شاء وأبى من أبى".
على صعيد آخر، أعلن "أنّنا ما زلنا ننتظر نتائج تحرّكات المبعوث الأميركي توماس براك، والرّدّ على الورقة اللّبنانيّة المقدَّمة له. المطلب اللّبناني واضح جدًّا، نريد التزام إسرائيل باتفاقيّة وقف إطلاق النّار كما التزم لبنان بها، وانسحابها من التلال الخمس".
وعن توقُّع البعض تنفيذ مضمون خطاب القسم خلال فترة قصيرة، أشار الرّئيس عون إلى "أنّه يتفهّم شعور النّاس وتوقهم إلى الوصول إلى لبنان الّذي يحلم به الجميع، ولكن المسألة تتطلّب وقتًا، وليس هناك "عصا سحريّة" لتحقيق ذلك. ويجب النّظر إلى الإيجابيّات لتعزيز الأمل، وقد بدأت الدّول الشّقيقة والصّديقة بتلمّس التغييرات الإيجابيّة الّتي حصلت، وهذا ما يجب البناء عليه".
وفي ما خصّ خطر إمكان عودة التكفيريّين والمنظّمات الإرهابيّة إلى لبنان، في ظل ما يحصل في المنطقة والدّول المجاورة ومنها سوريا، ركّز على أنّ "حماية لبنان تقوم على وحدته الدّاخليّة"، مجدّدًا الإشادة بـ"المواقف الصّادرة من قبل المسؤولين السّياسيّين والرّوحيّين إزاء ما شهدته السويداء أخيرًا".
كما اعتبر أنّه "عندما تكون الأجهزة الأمنيّة والإرادة السّياسيّة متفقة على هدف واحد، لا خوف على لبنان، والجيش والقوى الأمنيّة يعملون على توقيف شبكات إرهابيّة، ويقومون بعملهم على أكمل وجه"، منبّهًا من "الأخبار المفبركة الّتي تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف من أمور غير موجودة بالأصل، على غرار ما قيل حول دخول إرهابيّين إلى القصير وطرابلس، إذ تبيّن أنّ الموضوع غير صحيح، ولا يمتّ إلى الحقيقة بصلة". ولفت إلى أنّ "الخطاب المتطرف لا يفيد ولا يهدف سوى إلى تحقيق مكاسب سياسيّة، ولو على حساب الوطن".
أمّا عن سلاح "حزب الله" والدّعوات إلى إلغاء اللّجنة الأمنيّة بين الجيش والحزب، فقد أعرب الرّئيس عون عن استغرابه "الكلام عن وجود مثل هذه اللّجنة الأمنيّة"، كاشفًا عن "قيامه شخصيًّا باتصالات مع "حزب الله" لحل مسألة السّلاح، وأنّه يمكن القول إنّ هذه المفاوضات تتقدّم ولو ببطء، وانّ هناك تجاوبًا حول الأفكار المطروحة في هذا المجال". وشدّد على أنّ "أحدًا لا يرغب في الحرب، ولا أحد لديه القدرة على تحمّل نتائجها وتداعياتها، ويجب التعامل بموضوعيّة ورويّة مع هذا الملف".
وبالنّسبة إلى الوضع في الجنوب وانتشار الجيش، أكّد أنّ "الجيش بات منتشرًا في كل المناطق اللّبنانيّة، ما عدا الأماكن الّتي لا تزال إسرائيل تحتلّها في الجنوب، والّتي تعيق استكمال هذا الانتشار". أمّا ما يُحكى عن الخوف والقلق من عودة الحرب، فاعتبر أنّها "أخبار مضلّلة هدفها ضرب العهد من أجل كسب بعض النّقاط السّياسيّة، فقط لا غير".
وحذّر من "الدّعوات الّتي ينادي بها البعض من أجل التسلّح"، ورأى أنّها "تعبّر عن عدم ثقة بالجيش اللّبناني الّذي يقوم بكل ما هو مطلوب منه بتفان وإخلاص وشجاعة، إن على صعيد محاربة الإرهاب، أو مكافحة المخدّرات، أو الحفاظ على الأمن والاستقرار"، داعيًا إلى "التحقّق من الأخبار قبل نشرها".
وعن الخلافات الحاصلة حول موضوع اقتراع المنتشرين في الخارج في الانتخابات النيابية، أوضح رئيس الجمهوريّة أنّ "هذا النّقاش يحسمه مجلس النّواب، وأنّ الحكومة قامت بما عليها حيث شكّلت لجنةً برئاسة وزير الدّاخليّة لدرس الأفكار والمقترحات الواردة، قبل درسها من قبل مجلس الوزراء، الّذي قد يحيلها إلى مجلس النّواب لإجراء اللّازم". وركّز على أنّ "ما يهمّني هو إجراء الانتخابات النّيابيّة في موعدها الدّستوري، لإفساح المجال أمام المواطنين للتعبير عن رأيهم وانتخاب من يرونه مناسبًا لتحقيق طموحاتهم".
وفي ما يتعلّق بحقوق المودعين، أشار إلى أنّه "فور الانتهاء من مسألة الفجوة الماليّة، ستكون الأمور أكثر قابليّة للحل، فيما استفاد عدد من المودعين من التعاميم الماليّة لسحب ودائعهم من المصارف بالعملة الأجنبيّة".
من جهته، ذكّر أبو زيد بـ"أنّنا في شباط الماضي زرناكم، ونعود اليوم بعد 5 أشهر إلى قصر بعبدا، ولا زال الأمل يحدونا في أنّ المسيرة الّتي وضعتم خارطة الطّريق لها في خطاب القسم ستتحقّق. في الأشهر الخمسة هذه، ظهر أنّ التحدّيات كبيرة وأنّ العوائق تأتي من كل حدب وصوب، ولكنّها تواجَه من قِبلكم بتصميم لبلوغ الهدف مهما كبرت الصّعاب".
وشدّد على "أنّنا نأتي إليكم حاملين معنا أسئلةً وتساؤلات من اللّبنانيين، نأتي إليكم ونعلم جيّدًا أنّ الأمور ليست كوني فكانت، لا في حصريّة السّلاح ولا في الإصلاح وقيام الدّولة ولا في مواجهة الفساد ولا في استقلاليّة القضاء وغيرها من التحدّيات".
وأضاف أبو زيد: "نأتي إليكم وكلّنا أمل وثقة في أن نجد لديكم من المعطيات ما يكفي لطمأنة كل اللّبنانيّين بأنّ مسار النّهوض لن يتوقّف، وأنّ لبنان بمساعدة أبنائه وأشقائه والمجتمع الدولي سيكون خير مثال على ثبات الدّولة والوطن وتقدّمه وتطوّره". وأكّد "أنّنا كسيّدات ورجال نعمل في مهنة الإعلام والصّحافة، لن نقف أبدًا مكتوفي الأيدي ولا نقف في عمليّة استعادة الدّولة وإظهار الحقائق كاملة".
إلى ذلك، استقبل الرّئيس عون سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور، في زيارة وداعيّة لمناسبة انتهاء مهامه الدبلوماسيّة في لبنان وانتقاله إلى مهمّة دبلوماسيّة جديدة.
وأوضح دبّور "أنّه قدّم الشّكر للرّئيس عون على مواقفه من القضية الفلسطينية ودعمه الكامل لفلسطين في المحافل العربيّة والإقليميّة والدّوليّة، وعلى رعايته للاجئين الفلسطينيّين في لبنان واهتمامه الدّائم بهم"، لافتًا إلى "أنّني قلت للرّئيس إنّه ليس لدي أي شك في أنّكم كما رعيتم الشّعب الفلسطيني خلال الفترة الماضية، كذلك ستستمر هذه الرّعاية والاحتضان لأشقّائكم الفلسطينيّين اللّاجئين في لبنان".
وشكر الرّئيس عون، دبّور على "الجهود الّتي بذلها خلال عمله الدّبلوماسي في لبنان، لتعزيز العلاقات اللّبنانيّة-الفلسطينيّة"، متمنّيًا له التوفيق في مهامه الجديدة.
والتقى أيضًا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، والمدير العام المالي الجديد القاضي ماهر شعيتو.
وتمنّى الّرئيس عون للقاضي شعيتو التوفيق في مهامه الجديدة، وأكّد له أنّ "مسألة مكافحة الفساد هي من الأولويّات، ودور النّيابة العامّة الماليّة أساسي في هذا المجال".
كذلك استقبل رئيس الجمهوريّة السّفير السّابق سيمون كرم، وأجرى معه جولة أفق في التطوّرات الرّاهنة.