اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

موسم التفاح يعود... وأزمات متعدّدة

صيدا اون لاين

لبنان الذي عُرف تاريخيًا بتنوعه الزراعي ومواسمه الغنية، يحتفظ للتفاح بمكانة خاصة بين محاصيله، ليس فقط كمنتج غذائي، بل كجزء من هوية الريف اللبناني واقتصاده.

من أعالي الجبال، حيث تكتسب الثمار لونها المميز بفعل التفاوت الحراري بين الليل والنهار، إلى الأسواق المحلية والخارجية، لطالما شكّل التفاح اللبناني مرادفًا للجودة والطعم الفريد.

ورغم الأزمات الاقتصادية المتفاقمة وغياب السياسات الزراعية المستدامة، لا يزال موسم التفاح يحضر كل عام كاختبار حقيقي لقدرة هذا القطاع على الصمود.

وبين التحديات المناخية والمنافسة الأجنبية ومحدودية التصدير، يعود الحديث مجددًا حول هذا الموسم، وإلى أي مدى يمكن أن يشكّل بارقة أمل لمزارعين يواجهون واقعًا معقدًا، لكنهم لا يتخلّون عن أرضهم ولا عن تفاحهم.

ففي بلد يتراجع فيه كل شيء تقريبًا، يبقى التفاح واحدًا من القلائل الذين ما زالوا يُثمرون بصمت.

وبين أيدٍ تصارع الطبيعة والسوق والدولة الغائبة، تنضج الحبة الحمراء كأنها تقول: ما زال في الأرض ما يستحق الزراعة، وما زال في لبنان ما يستحق البقاء.

وفي حديث لصحيفة "نداء الوطن"، أشار رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين في لبنان، إبراهيم ترشيشي، إلى أن موسم التفاح لهذا العام يُعتبر مقبولًا بشكل عام، وأن الأسعار تبشر بالخير، نظرًا لتراجع الكميات المتوفرة محليًا وعالميًا.

وأوضح أن هذا الانخفاض في الإنتاج يعود إلى التغيرات المناخية التي أثّرت على لبنان كما على باقي دول العالم.

ولفت ترشيشي إلى أن موجة الحر التي ضربت البلاد أثّرت سلبًا على موسم التفاح، كما أثّرت على مختلف المواسم الزراعية الأخرى.

وأوضح أن هذه الموجة، رغم قصر مدتها، قلّصت من جودة الإنتاج، مشيرًا إلى أن درجات الحرارة تخطّت 45 درجة مئوية، ما أثّر على المرتبة التي كان يُتوقع أن يحتلها التفاح اللبناني هذا الموسم. ومع ذلك، طمأن أن المياه لا تزال متوفرة للري، رغم معاناة المزارعين في تأمينها.

وفي ما يتعلق بتصريف الإنتاج محليًا، لفت ترشيشي إلى وجود بعض المضاربات في السوق، مشيرًا إلى أن بعض التجار استغلوا الإجازات الممنوحة لاستيراد التفاح الأجنبي، وقاموا بإدخاله بطرق غير قانونية، خصوصًا عبر الحدود السورية، ومن دون دفع الرسوم الجمركية.

وأكد أن وزارة الزراعة كانت بالمرصاد لهذه التجاوزات، وتعهدت بوقف منح إجازات لاستيراد التفاح نهائيًا، وهو ما يُعد خطوة إيجابية تحافظ على السوق المحلي للتفاح اللبناني.

أما على صعيد التصدير، فقال ترشيشي أن المنافسة لا تزال قائمة، رغم أن لبنان يحتفظ بأفضلية في بعض الأسواق، لا سيما السوق المصري الذي يُعتبر من أبرز وجهات التصدير.

وأشار إلى أن لبنان يُنتج سنويًا بين 100 و125 ألف طن من التفاح، يستهلك منها السوق المحلي حوالي 20 إلى 25 ألف طن، ما يعني أن هناك حاجة لتصدير ما لا يقل عن 100 ألف طن سنويًا، تبدأ عملية تصديرها من شهر تموز وحتى شباط أو آذار من العام التالي.

وعن سبل تحسين جودة التفاح اللبناني، أكد ترشيشي أن المزارعين أدخلوا شتولاً جديدة، وزرعوا أصنافًا محسّنة من التفاح، ما ساهم في تطوير جودة الإنتاج. ولفت إلى أن التفاح اللبناني لا يزال يُعتبر من أجود أنواع التفاح في الشرق، خصوصاً بفضل الفارق الكبير في درجات الحرارة بين النهار والليل، ما يمنحه لونًا مميزًا ونكهة حلوة، خصوصًا الأصناف ذات اللون الأحمر الداكن.

وفي ختام حديثه، أعرب ترشيشي عن أسفه لأن الدولة، بسبب وضعها المالي، لم تعد قادرة على لعب دورها الكامل في دعم القطاع الزراعي. وقال إنه لو كانت الدولة في وضع أفضل، لكانت قادرة على دعم المزارعين والمصدّرين من خلال المشاركة في المعارض الدولية، وإعادة تفعيل دعم التصدير، وفتح قنوات تفاوض مع الدول المستوردة لإزالة العوائق، وتسهيل عمليات التصدير، ما يخفف عن المصدرين ويعزز موقع التفاح اللبناني في الأسواق الخارجية.

ففي بلد يذبل فيه الكثير، يبقى التفاح اللبناني ثمرة لا تستسلم، تنضج رغم كل ما يعيقها، لتُثبت أن في قلب الأزمات، ما زال هناك ما يُقطف

تم نسخ الرابط