تحركات مقبلة وتصعيد كبير سيقلب المشهد.. العسكريون المتقاعدون لن يتهاونوا!

منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، يواجه المتقاعدون العسكريون واقعًا غير مسبوق في تاريخه. معاشات الكثيرين منهم تقلصت إلى حدود لا تكفي حتى لتغطية أساسيات الحياة، فبعضها لا يتجاوز 150 دولارًا شهريًا، ما دفع العديد منهم ،رغم أعمارهم المتقدمة ، إلى العمل في وظائف حراسة (Security) أو أعمال متفرقة لتأمين لقمة العيش. هؤلاء الرجال الذين أمضوا عقودًا في الخدمة العسكرية، على الجبهات أو في المراكز الأمنية، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة أصعب معركة في حياتهم: معركة البقاء.
الغلاء الفاحش، فواتير الكهرباء، الدواء، والأقساط المدرسية… كلها عوامل جعلت المعاشات العسكرية مجرد "حبر على ورق". بالنسبة إلى كثير من المتقاعدين، باتت الفاتورة الشهرية الأساسية تتخطى بأضعاف معاشهم. بعضهم يروي أنّهم اضطروا إلى بيع سياراتهم أو ممتلكات صغيرة أو الاستدانة من الأقارب والجمعيات الخيرية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات أسرهم.
معلومات خاصة للبنان24: خطط تصعيدية على نار حامية
في السياق، علم "لبنان24" من مصادر متابعة أن العسكريين المتقاعدين لن يتجهوا إلى قطع الطرقات أمام المواطنين في المرحلة المقبلة، لكنهم في المقابل سيكثفون تحركاتهم لمنع انعقاد أي جلسة حكومية لا تضع ملفهم على جدول الأعمال بشكل جدي. وتضيف المعلومات أنّ بعض اللجان النيابية أجّلت اجتماعاتها المقررة خلال الأيام الماضية بسبب هذه التحركات، في إشارة واضحة إلى مدى تأثير الضغط الميداني الذي يمارسه العسكريون.
وبحسب المصادر، فإنّ العسكريين وضعوا "خارطة طريق"واضحة للتصعيد، تتدرج من الوقفات التحذيرية والاعتصامات وصولًا إلى خطوات كبيرة قد تُحدث صدمة في الشارع السياسي إذا لم يتم التجاوب مع مطالبهم. هذا التصعيد، تقول المصادر، "لن يكون ارتجاليًا" بل منظمًا ويستند إلى تنسيق دقيق.
شتاء قاسٍ ومعركة يومية للتدفئة والتعليم
في موازاة الضغط السياسي والتحركات الميدانية، يخوض المتقاعدون العسكريون معركة قاسية خلال فصل الشتاء. تأمين التدفئة لأسرهم، ودفع أقساط المدارس، والحرص على تغذية أولادهم باتت تحديات يومية. كثيرون منهم يعيشون في منازل غير مجهزة للتدفئة الكافية، وبعضهم يضطر لاستخدام وسائل بدائية وخطرة للتدفئة. المدارس، منجهتها، تطالب بالأقساط بالدولار وكاملا، ما يجعل التعليم هاجسًا إضافيًا لهذه العائلات.
"نحن نخوض معركة لا تقل قسوة عن سنوات خدمتنا العسكرية"، يقول أحد المتقاعدين لـ"لبنان24"، مضيفًا أنّه اضطر للاستدانة لتأمين الحطب والمازوت لأولاده هذا الشتاء. هذه المعاناة تتجاوز الجوانب المادية إلى أبعاد نفسية واجتماعية، حيث يشعر هؤلاء بأنّ الدولة التي خدموها لعقود تخلّت عنهم في أصعب اللحظات.
التحركات الأخيرة للعسكريين المتقاعدين لم تعد مجرد احتجاجات مطلبية، بل تحولت إلى ورقة ضغط سياسية حقيقية. فهم باتوا ينسّقون مع نقابات ومجموعات ضغط أخرى، ويظهرون في الإعلام بصورة أكثر تنظيمًا، في محاولة لإبقاء قضيتهم في دائرة الضوء. مصادر مطلعة تقول إنّ هناك شعورًا متزايدًا بأنّ هذه الاحتجاجات قد تتحول إلى حركة أوسع تتجاوز حدود المطالب المالية لتصل إلى تغيير في السياسات العامة.
ما يعانيه المتقاعدون العسكريون ليس مجرد أزمة قطاع واحد، بل هو انعكاس لأزمة نظام اجتماعي واقتصادي بأكمله. فهذه الفئة التي تمثل "العمود الفقري" للمؤسسة العسكرية تحوّلت إلى شريحة هشة، وتدهور أحوالها يهدد النسيج الاجتماعي والاستقرار الأمني على حد سواء. وكثيرون يحذرون من أنّ استمرار هذا الوضع سيترك أثرًا سلبيًا طويل الأمد على صورة المؤسسة العسكرية.
حتى الآن، لا تلوح في الأفق
بوادر حل جذري لهذه الأزمة. الحكومة تقول إنّ إمكانياتها محدودة، فيما العسكريون يصرون على أنّ كرامتهم وحياة أسرهم ليست ورقة تفاوض. وبين هذا وذاك، يعيش آلاف المتقاعدين العسكريين وعائلاتهم يوميات أشبه بحالة طوارئ اقتصادية.
تحركاتهم المقبلة، بحسب معلومات "لبنان24"، ستكون اختبارًا جديدًا للسلطة. فهل تستجيب الحكومة وتضع ملفهم على الطاولة قبل أن يتوسع التصعيد، أم أن الشارع سيشهد فصلاً جديدًا من الاحتجاجات القاسية؟