السلام يزحف إلى المنطقة... والعين على لبنان

بدا واضحاً أنّ منطقة الشرق الأوسط أمام مرحلةٍ جديدة بعد اتّفاق شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل، والذي تمّ برعاية شخصية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحضوره، ومشاركة ممثّلين عن عشرين دولة. هذا الاتفاق الذي دخل حيّز التنفيذ منذ صباح الإثنين الفائت ما زالت تردّداته تشغل العالم بأسره بحيث تبقى العبرة في تنفيذ البنود المتّفق عليها بين الطرفين حماس وإسرائيل والتي يبدو أنّها لم تطبّق حسبما مرسوم لها.
فالعقدة بحسب ما أشارت إليها مصادر متابعة في اتّصالٍ مع الأنباء الإلكترونية ما زالت عالقة عند نقطة تسليم جثامين الرهائن الذين قُتلوا جرّاء القصف الإسرائيلي الكثيف، وما خلّفه من دمار هائل لدرجة حالت حتى الساعة دون معرفة أماكن وجودهم، بسبب كثافة الأبنية المدمّرة التي سوّيت بالأرض.
وبانتظار تسوية هذه العقبة، فقد عادت إسرائيل إلى ممارسة اسلوبها المعهود، بالتهديد بقصف غزة من جديد، وهو الأسلوب نفسه الذي تعتمده في لبنان منذ اتّفاق وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني من السنة الماضية.
وفي موقفٍ مؤيّد للتهديد الإسرائيلي أشارت المصادر إلى أنّ الإدارة الأميركية دعت حماس إلى الانسحاب من غزّة وتسليم السلاح من دون إبطاء، لأنّ الدول المعنيّة بتشكيل القوة الدولية التي ستتولى ضبط الوضع في غزّة سوف تباشر مهامّها مطلع الشهر المقبل. وبذلك تكون حماس خلال هذه المدّة قد نفّذت كل الشروط المطلوبة منها، بما فيها تسليم جثث الرهائن الـ 29.
انسحاب إسرائيل شرط لأي اتفاق
في الوقت الذي تلوح فيه أصداء السلام الزاحف إلى المنطقة انطلاقاً من بوابة غزّة، تبقى العين على لبنان، وهل سيتمكّن هذا البلد الذي يحمل وزر 50 سنة من الحروب من مصادرة قرار الدولة على مدى العقود الخمس الماضية، وفرض واقعٍ جديد من قِبل سلطات الأمر الواقع التي ما زالت تتحكّم بقراره حتى الساعة، كيف يستطيع بقواه الذاتية أن يكبح جماح الساعين لإضعافه وإحكام قبضتهم عليه بهذه السرعة.
مصادر مطّلعة أشارت إلى أنّ الرئيس عون رمى الكرة في ملعب الدول الراغبة في السلام في المنطقة، وبالتحديد الدول التي وقّعت على اتّفاق شرم الشيخ، باعتبار انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، ووقف تعدّياتها اليومية للسيادة اللبنانية هو المدخل للتفاوض على غرار المفاوضات التي جرت في العام الماضي وأدّت إلى اتّفاق وقف إطلاق النار، ومفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
وتعتبر المصادر أن لا مانع من استئناف المفاوضات في الناقورة برعاية دولية كما هو الحال مع اجتماعات"الميكانيزم" التي تُعقد في الناقورة شهرياً وبشكلٍ دوري، مستغربةً كيف أنّ إدارة الرئيس ترامب وافقت على إعادة تكليف حماس بالأمن في غزّة إلى حين تشكيل القوّة الدولية التي ستتولى حفظ الأمن بعد انسحاب حماس من غزة وتسليم سلاحها، وفي بالمقابل تريد من لبنان سحب سلاح حزب الله بالقوة، وتشترط عليه عدم تقديم المساعدات للجيش وللقطاعات الاقتصادية والمالية قبل سحب السلاح. وتدرك هذه الدول جيّداً مخاطر استخدام القوة في بلد معقّد ومحكوم بالطائفية والمذهبية مثل لبنان.
المصادر قالت أنّه إذا كان الرئيس ترامب يرغب بإعطاء إيران فرصةً للدخول بمفاوضات السلام، بالرغم من كل ما فعلته في المنطقة، فلماذا يشترط على لبنان سحب السلاح قبل أن يطلب من إسرائيل أن تنسحب من جنوب لبنان. فالتسويات برأي المصادر لا تُفرض بالقوة. فكما أنّ ترامب خصّ لبنان أثناء إلقائه خطابه من الكنيست، تترقب المصادر وصول السفير الأميركي الجديد اللبناني الأصل، ميشال عيسى، إلى بيروت قريباً لتسلّم مهامّه الجديدة. وكان عيسى قد وعد بمساعدة لبنان الذي لم يغادر قلبه كما قال. فإذا كانت المواقف الدولية تشي بأنّ لبنان تحت المجهر الدولي، وأنّ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكّد في اتّصاله مع الرئيس عون استعداد فرنسا لعقد مؤتمرَين لمساعدة لبنان قبل نهاية السنة، تعتبر المصادر أنّ مسألة انسحاب إسرائيل من الجنوب تسهّل كثيراُ حصرية السلاح بيد الدولة